النجاح
أخذت تركض في أرجاء الدار. نجحت أخيراً؛ لم تفكر في نسبة التقدير، كان همها اجتياز عقبة فشلت في تخطيها خمس مرات، ولما شعرت بالتعب دخلت غرفتها ونامت. أقلق تأخرها الجميع. أسرعت أمها وإحدى أخواتها، استقبلتهما رائحة عبقة وابتسامة صغيرة. هزتها أختها كانت متصلبة وباردة. لقد أسلمت الروح منذ كان انتصارها.
المدرج
بسبب الفراغ شعر بالاختناق. فأخذ طفله وتوجه بسيارته إلى المدينة الرياضية، الأضواء تملأ المكان وصوت الرعد ومذيع يعلن نتائج المتسابقين. جلس في آخر المدرج الجنوبي يراقب الناس والألعاب. أخذ الطفل يتنقل بين المقاعد الفارغة، والحاجز الحديدي الذي يحمي الملعب وفي الثامنة شعر الطفل بالتعب فصعد المدرج وجلس بجوار والده. في العاشرة لاحظ أحد رجال الأمن الطفل ووالده. كان الطفل نائما والرجل جثة هامدة.
وجه
طابور طويل ويشكل ثلاث مسارات. كنت أقف في المسار الأول بينما يقف في المسار الثاني، تقدمنا مع بطئه، كان منسجما مما أعطانا فرصة المناقشة؛ المسار الثالث أسرع تأكدت من ذلك وأنا ألحظ وجها غاب اسمه يتكرر. انتقلت للمسار الثالث وتجاوزت صديقي ووقفت أمام النافذة. الموظف ذو وجه يتكون من قسمين؛ الأول جزء من الوجه الذي تكرر والجزء الثاني بعض معالم وجه الصديق الواقف في المسار الثاني. سددت القسط التاسع من قرض بنك التسليف العقاري وخرجت. رجل السير بجوار سيارتي فاقتربت وجلاً، فتحت الباب، أدرت المحرك ابتسم وهو يتجاوزني على ظهره رسم وجه قسم يحمل وجه صديقي وقسم يحمل الوجه المتكرر.
حروف
بوله أخذ يمزق المظروف وبرز الغلاف الموسوم بصورتها. هو النسخة الأولى من كتابه الجديد. ما إن فتح الغلاف حتى أحس بوخز في باطن كفه الأيمن. أعاد إطباق الغلاف كانت صورة عواطف تتموج غائمة بأطراف مدببة. وقع الكتاب على الأرض. أخذت الحروف تنسل متناثرة ومع اندهاشه انفتح باب الغرفة وارتفع صرير مزلاج النافذة لتنفتح على مصراعيها. فامتد خط من الأحرف ومن أوراق الكتاب إلى عنان السماء.
العجوز
تعمقت في داخلي صورة العجوز الذي كان جالساً أمام باب المسجد يبكي. فتصاعدت الغصة في صدري. تذكرت أني يومها تجاوزته بدون مبالاة. ركضت عندما تعالت زفراته نحو عربتي وغادرت المكان. الطرقات مزدحمة وأناس يتحركون أمامي وقد اختفت ملامحهم. شيء في ذاتي يتربص بي وعند مدخل المقهى كان اللقاء. دعوته لمشاركتي مجلسي. أمرت النادل بإحضار شيشة أخرى كنت: أنا.. وكان: أنا. غمغم النادل وهو يثبت رأس الشيشة بكلمات مبهمة وغادرني. تشعب حديثنا قال: أغصان المكان إليك قلت: ماذا ؟ رغم مرارتي.. نهض ترك الغصة تتصاعد في داخلي. فالعجوز يقف في المكان يطلب صدقة. يرجو إحساناً إنه ذاك الزمن وهذا المكان.
البديل
أخذ يحدق في المارة يتأملهم بإصرار متناهٍ. بينما أصابع يده اليسرى تقوم بنتف شعيرات ذقنه التي لم يحلقها منذ عشرة أيام. وفي لحظة انجراف لا يدري أحد كيف كان. قفز من مكانه فوق الرصيف إلى أسفلت الطريق العام، لتسحقه عربة شحن أمام عيون الجميع ويتوقف تصوير المشهد ويتكوم المشاهدون. يتقدم أحدهم لمساعدته على النهوض من مكانه. ويرفض اليد الممدودة ويغادر المكان في صمت وخيلاء.
توهج
اشتعلت النار في العربات المصطدمة. وأخذ الناس في سحب من في داخلها، وقبل أن يتمكن الجمع من إخراجي تفجر كل شيء. النيران تطوقني من كل مكان. وأخذت أتوهج وقد ارتسمت على وجهي ابتسامة صغيرة.