الثقافية - كتب:
صدرت رواية: «سر الزعفرانة»، للدكتورة: بدرية البشر، عن دار رشم للنشر والتوزيع، والرواية تقع في 267 صفحة من القطع المتوسط، وتميزت بأسلوب فريد وهو الذي اعتاده القراء من د.البشر، وقد سنّمت الروائية الرواية بكلمة لكاريسا بنكولا، قالت فيها: «ولكي يتسنى للنساء أن يكبح جماح هذا الوحش الضاري الفطري في النفس، من الضروري أن يحافظن على امتلاك كل قواهن الغريزية التي يكون بعض منها هو البصيرة الثاقبة والحدس والمثابرة والعشق العنيد والمشاعر الفياضة والرؤية الحادة والسمع المرهف والغذاء فوق الموتى والقدرة الغريزية على الإشفاء والحنين. ويوجد أيضًا داخل طبيعة النفس جانب متأصل فيها ضد الطبيعة»، « نساء يركضن مع الذئاب.
وتقول د. سلوى العباسي عن الرواية: «سر الزعفرانة» آخر إصدارات الكاتبة السعودية بدرية البشر . رواية جمعت بين النزعة الواقعية السحرية والنفس الخرافي تستل الماضي وأثيل قيمه مواريثه الثقافية الحضارية من خواص البيئة السعودية تمازج الواقع والخيال، تدق أوتاد عالمها المتخيل على رمال رخوة، متحركة لم تنفك
«تتقصد اكتشاف المحتمل والممكن بغية تشريح الهوية المحتجبة للواقع وللكائن فيه» .
رواية الصحراء تجاوب أصداء المدينة (الرياض) إيقاع الرحيل فيها وخبب السرى خطو حثيث إلى البقاء في خدور الخرافة. تخريف النساء للنساء داخل مجالس عفوية، نضاحة بفنون التسريد مع التعجيب و التصوير. ضروب من محاكاة «الفن» للفن ومن نسج الأخيلة من عقد الحيل وخيوط المكائد والمغازي، تندد بشرور الجريمة وتلوّح بالعقاب وتثأر للموتى والأبرياء. خرافة نسائية مستحدثة الشكل والمضمون، القصص فيها تتوالد الواحدة من رحم الأخرى وتتناسل الأحداث بواسطة الذاكرة والمخيلة معاً، لا فرق فهما صنوان بل قناتان تتبادلان رسم خارطة المكان المكتظ بالأشياء والأحياء وأشباح الموتى والغيلان ففي مجالس النساء بدويات وحضريات يتعارفن يتخاصمن يتحاببن يتعاون على شظف العيش ونوائب الدهر، يتصدرن غرف البيوت ، أو ينشرن في حقول البرسيم وتحت ظلال الكروم و النخيل أو يتبضعن بسلعهن في الأسواق. يخالط رجع حديثهنّ «فوح الزباد والقرنفل والزعفران»، ويمازج أصداء تباريحهن «دخان الغارات وقرع الطبول واستغاثات القتلى» فمن ستختار أيها القارئ وسط كل هذا الزخم بطلة للرواية وشخصية رئيسية ؟ من تكون الراوية العليمة بـ «الستر وما أخفى «؟ هل هي الأمة المملوكة زعفرانة الأمية العارفة بفنون التطبّب والتداوي بالأعشاب؟ أم هي الصبية «نفله» «زهرة الجبل العالية» البدوية اليافعة، الطلعة، ابنة قرية «السبعية» التائهة، المشردة الباحثة عن معنى الهوية والقيمة والمعنى؟
يبدو أسلوب الكاتبة أيضا مشوّق بالغ الاشتهاء والصفاء يستدرجك بمهارة وانسياب إلى إماطة برقع التخريف والتعجيب والتسجيل معاً، فلا تنتهي الحكاية الواقعية العجيبة دون اكتناه السر بالعقل والروح والقلب في مزاج واحد مركّب . وكأنما سرها العجيب، «ستر الزعفرانة كامن فيك.