الثقافية - علي بن سعد القحطاني:
توفي المفكر والأكاديمي البارز عباس الجراري ، عن عمر ناهز الـ87 عاماً، بعدما أثرى المكتبة العربية بعشرات المؤلفات في الأدب والتراث الإنساني.
ونعاه عدد من الأدباء والمثقفين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من بينهم المدير العام السابق لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) عبد العزيز بن عثمان التويجري وقال: توفيّ أخي العزيز وصديقي الفاضل العلامة الدكتور عباس الجراري فالتاع قلبي وداهمني الحزن فقلت في رثائه:
مات العميد ودرة الأدباء
عباس من أعطى بكل سخاء
علامة في فنه وعلامة
للسالكين دروب خير عطاء
قد كان لي نعم الصديق أجِلّه
وأفيدُ من علم له معطاءه
ولسوف أذكره وأشكر فضله
وأعيش في الذكرى بكل وفاء
ولد د. عباس الجراري عام 1356هـ /1937م في الرباط، حيث تلقى تعليمه الأولي قبل أن ينتقل إلى القاهرة ليحصل على الإجازة في اللغة العربية وآدابها عام 1381هـ /1961م ومن بعدها درجة الماجستير عام 1385هـ /1965 م ثم الدكتوراه في 1389 هـ/1369م.
انتخب رئيساً لشعبة اللغة العربية وآدابها عند تأسيسها في كلية الرباط عام 1973، وعُين مديراً للدراسات الجامعية العليا لتكوين أطر التدريس في جامعة الرباط عام 1402 هـ/1982م.
شغل منصب مستشار ملكي في عهد الملك الحسن الثاني، ومن بعده في عهد الملك محمد السادس.
ومن أبرز مؤلفاته (الثقافة في معركة التغيير)، و(ثقافة الصحراء)، و(معجم مصطلحات الملحون الفنية)، و(النغم المطرب بين الأندلس والمغرب)، و(الأدب المغربي من خلال ظواهره وقضاياه)، و(النضال في الشعر العربي بالمغرب)،وأطلق عليه النقاد لقب «عميد الأدب المغربي».
شغل عضوية أكاديمية المملكة المغربية والمجلس العلمي الإقليمي لولاية الرباط عام 1983، وعينه الملك الحسن الثاني في الديوان الملكي في يناير/كانون الثاني 1999، ورقاه الملك محمد السادس لمنصب مستشار ملكي في 29 مارس/آذار 2000.
بالإضافة إلى مناصبه المذكورة وغير المذكورة، حصل الجراري على عضوية عدد من المجمعات العلمية والاتحادات والهيئات الاستشارية المحلية والعربية والدولية، منها: نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العلاقات المغربية الأميركية، ورئيس لجنة التعريف بالثقافة المغربية في الداخل والخارج، وعضو مجمعي اللغة العربية في القاهرة ودمشق، وخبير متخصص لدى المنظمة الإفريقية والمنظمة العربية للثقافة (الألسكو) والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو).
قام عباس الجراري بدور كبير في النهوض بالحياة الثقافية والفكرية والأدبية بالمغرب وخارجه، وأسهم في التأطير والتكوين العلمي لأجيال من الطلبة والباحثين، سواء بحضور مؤتمرات محلية ودولية، أو في المجتمع من خلال مشاركاته الكثيرة في البرامج الإذاعية ومحاضراته في أسابيع ثقافية كثيرة حول موضوعات مختلفة.
برز اسمه أكثر في قضايا الحوار بين الأديان وتحالف الحضارات والتقريب بين المذاهب الإسلامية، وألقى نحو تسعة دروس ضمن سلسلة «الدروس الحسنية» التي كانت تلقى في شهر رمضان أمام الملك الراحل الحسن الثاني، وما تزال مستمرة في ظل حكم الملك محمد السادس.
دافع بقوة في عدد من مقالاته ومحاضراته وكتبه عن اللغة العربية، ورد على الشبهات والتهم التي يراد إلصاقهما بالإسلام من قبيل الإرهاب والتطرف والانغلاق، وعرف عنه أيضا اهتمامه بفنّ الملحون حيث كتب، وألف فيه عددا من المقالات والكتب. أشرف في السنوات الأخيرة على مشروع لتوثيق دواوين شعر وفن الملحون المغربية عبر التاريخ، وهو ما أثمر صدور أحد عشر مجلد ضمن “موسوعة الملحون”، ضمن مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية.
له ندوة أسبوعية بعنوان «النادي الجراري» أسهم في إصدار بحوث قيمة، وأطلق في 1429 هـ /2009م جائزة عبد الله الجراري في الفكر والأدب، تركز كل سنتين على موضوعات التراث الفكري والأدبي وموقف الفكر والأدب من قضايا الأمة ومشكلات العصر وغيرها.