أغنى وأقنى في مجال الدراسات الأدبية بمختلف مستوياتها بما يعنيه هذان اللفظان على اتساع معنييهما، ومعنى أقنى؛ أي لا يُقتنى إلا الشيء الثمين، والقنا للذود أي دفع عن المجال الأدبي ما يشوبه من الترهات، ذلك شيخنا أ.د. عبد العزيز بن محمد الفيصل، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، سابقاً- متعه الله بالصحة والعافية- الذي أثرى المكتبة الأدبية بدراسات عديدة، جلها تفضَّل بإهدائها إليّ منذ زمن بعيد، ويسبقه ويعقبه بحديث وتفصيل ماتع، ومن ضمنها موسوعة شعر بني هلال في الجاهلية والإسلام إلى زمن التغريبة -جمعًا وتحقيقًا ودراسة- في ثلاثة مجلدات مجموعها(1146صفحة) شاملة الفهارس، وما يلزم من التبويب المنهجي 1445الطبعة الأولى هـ-2024م، الرياض، وقد تمثّل في هذه الموسوعة ما يلزم الدراسات المنهجية من التفصيل والتأثيل والتمثيل، حتى يجد القارئ بغيته في كل شأن ينتحيه، وهو صاحب نظر موسوعي يناقش كلّ رأي تعليلًا وتدليلًا مع صرامة منهجية وإحاطة يقلّ نظيرها على قضايا الشعر ورواياته، وقد سبق ذلك بأعمال موسوعية وأشرف على أكثر منها، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر مجلدان تناولا المعلقات نقاشًا وشرحًا وتفصيلًا منذ زمن غير قريب، وكذلك كتابه (قضايا ودراسات نقدية) الذي نفدت طبعتاه الأُوَليان مبكرًا حين نشره، مما جعله ينزل في طبعة ثالثة 1441هـ2019م، وهو محط أنظار الباحثين.
لم يكن تأسيس هذا المنهج الصلب من عهد قريب، وزمن محدود، بل تمرس به حتى أثمر عن مدرسة أنجبت أساتذة يندّ العدّ عن حصرهم.
والحديث عن شعر بني هلال وقضاياه والجهد المبذول به من القضايا الجوهرية لا يتيح مجال المقالة استكماله وحده في مقالة واحدة، فكيف بالإحاطة عن صاحب منهج مطرد، فنّد وعدد في قضايا التراث، ولعل مقاربة القول هي ثلاث قضايا:
أولاها- حصر فروع بني هلال.
ثانيتها- تعيين زمن رحلتهم.
ثالثتها- مصادر شعرهم وأسانيد روايته وتمحيص نقده وتفصيل أغراضه.
كل قضية من هذه القضايا جوهرة لا تقدر بثمن، وقلّ من يقتنيها ويعرضها ويحسن تسويقها.
وإن امتداحنا هذا العمل وإبرازه أمام أهل النقد وفنه كمن يجلب التمر إلى هجر أو يقارن السيف بالعصا:
ألم تر أن السيف ينقص قدره
إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
أما حديثنا عن موسوعة شعر بني هلال للفيصل، والمواضع به أي البلدانيات وما نُسب إليهم من الشعر الشعبي وتعيين فروعهم الحالية المعاصرة، ومن نُسِب إليهم وانتسب، والتوسع في القضايا المطروحة، فنأمل أن نقاربه في مقالات قادمة.
** **
تركي بن شجاع بن تركي الخزيم - باحث تراث يهتم بالتراث الجغرافي والقبائل
Turki11_88