الثقافية - علي بن سعد القحطاني:
نشرت دار كنوز المعرفة الأردنية ترجمة الدكتور صالح زيّاد لكتاب جامعة كيمبردج «قيم الدراسات الأدبية» الذي حرره رونان ماكدونالد. ويقع الكتاب في حوالي 500 صفحة، ويتضمن 16 دراسة كتبها منظرون ونقاد من مشارب مختلفة وتناولت معظم حقول الدراسات الأدبية ومنطلقاتها النظرية والمنهجية.
وقد جاء الكتاب كما يوضح محرره رونان ماكدونالد في مقدمته، في سياق الرد على ما تعاني منه الدراسات الأدبية ضمن معاناة الدراسات الإنسانية في دائرة أوسع، من عدم الشعور بفائدتها وقيمتها، وتهديد الليبرالية الجديدة والاقتصاد القياسي لها. وهذا سبب يستدعي الرد الذي يثبت ما يتضمنه هذا النوع من المعارف من قيمة وأهمية للفرد والمجتمع وللحياة الإنسانية بجملتها، ويستدعي أيضاً النظر في هذه الدراسات من وجهة نقدية لتدارك الأسباب التي تؤدي بها إلى عكس ما تدعيه، أي إلى إفراغها من القيمة خصوصاً وأن ما يظهر في جوانب من هذه الدراسات من مظاهر الاستسهال والضعف المنهجي والتكرار والخروج من دائرة الزمن المعاصر وما بلغه من تقدم، وكثرة ما يصدر في حقلها من مؤلفات ... إلخ، يؤذن حقاً بتضاؤل أهميتها.
أما مقدمة المترجم فقد تضمنت توضيحاً لأهمية الكتاب من أكثر من وجه؛ وأول هذه الوجوه أنه يحتوي على عمق فكري ومعالجة فلسفية لمسألة القيمة في عمومها وفي اتصالها بحقل الأدب والدراسات الأدبية على وجه الخصوص. والثاني أنه يكشف عن الأسباب التي تُدنِي من قيمة الدراسات الأدبية، سواء تلك التي تعود إلى تقابلها مع «العلوم الطبيعية» ذات الدقة والانضباط المنهجي والقياسي، أو تعود إلى تضاؤل قيمتها الاقتصادية، أو إلى تحولات العصر الرقمي وثورة الاتصالات، أو تعود إلى هذه الدراسات نفسها من وجوه مختلفة. أما الوجه الثالث فهو كما يقول الدكتور صالح «أكثر الأبعاد تركيزاً في الكتاب» ويتمثل في برهنة الكتاب على قيمة الدراسات الأدبية في ذاتها. ويصف تلك القيم في الكتاب بقوله إن «قيم الدراسات الأدبية، في الكتاب، تتعدد بتعدد وجهات النظر إليها، وبتعدد موضوعاتها، وبتعدد صفات القيمة التي تعزى قيمتها إليها أو توصف بها: معرفية وجمالية وثقافية واجتماعية ونفسية وإنسانية ووجودية... إلى آخره.
ولا يمكننا أن نفصل بين قوة هذه الدراسات وتجددها وازدهارها وبين ترقي المجتمعات في المعاني الإنسانية والحضارية، كما لا يمكننا أن نفصل بين ضعفها وتقليديتها وتهميشها وبين المجتمعات المنغلقة التي تفتقد الدوافع الروحية إلى ما يخلق وجوداً إنسانياً حضارياً متكاملاً ومتجدداً».
وقد أضاف المترجم العديد من التعليقات والتحشيات التي تشرح المصطلحات، وتوضح المذاهب والوجهات الفلسفية والعقائدية والمنهجية، وتعرِّف بالأعلام، وتعلق على بعض الأفكار. كما قام المترجم بتزويد الكتاب بثلاثة ملاحق، أولها فهرس للأعلام، والثاني فهرس للمصطلحات، والثالث مسرد للمصطلحات الإنجليزية ومقابلها العربي.