تطالب أصوات من هنا وهناك بعمل إعلامي سعودي يوازي التطور الكبير الذي تشهده المملكة وخصوصا ما يتوافق مع رؤية، فقد دأب حساد المملكة على الإساءة إليها في كل المناسبات! ولا يتصدى لتلك الإساءات سوى المغرد السعودي الذي استطاع إيقاف الجميع عند حدودهم بفضل ما يمتلك من ذخيرة تاريخية وقدرات فكرية يقدمها كمعلومات أو أحياناً تسجيلات صوتية أو تسجيلات مرئية، ولكن المنتقدين يتحدون عن مشروع منهجي ينتجه الإعلام السعودي يكون مرجعاً سعودياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً يذود بالدفاع عن المملكة ويقدم للعالم ما قدمته المملكة من خدمات جليلة للعالم أجمع.
إنه من الجميل والمزعج في نفس الوقت أن المملكة لها مواقف تاريخية مشرفة ولكن ورغم ذلك ليس لكرم يدها وسخاء عطائها وقوة مواقفها الحاسمة أي ذكر، بل بالعكس الغالبية تسيء للمملكة خصوصاً أمام شبابنا اليافعين من الجنسين ولا يجدون المعلومات التي تساعدهم على الرد بالمعلومات الحاضرة، ولذلك يتصدى المغرد السعودي لهذه المهمة. لكن ما نريده نحن أن يكون العربي نفسه وغير العربي واعيا بدور المملكة الرائد في العالم أجمع وفي القضايا العربية على وجه الخصوص.
في الحقيقة يمكن أن نكوّن إعلاماً قوياً عندما نقدم أفلاماً وثائقية في كل شيء يتعلق بالتاريخ والحاضر والمستقبل من وجهة نظرنا الخاصة، ونطلقها للعالم بكل اللغات لتكون مرجعاً للكثير من المحبين والمدافعين عن المملكة. من المهم أن تزرع تلك القصص الخبرية في نفوس كل البشر محبة السعودية والامتنان لها، والشعور بالفخر والاعتزاز لكل سعودي وعربي ومسلم.
عندما أحاول أن أفهم ما جرى ما بين العراق وإيران على سبيل المثال، لن أجد فيلماً سعودياً وثائقياً واحداً يشرح ما حدث! بل سأجد ذلك الفيلم الوثائقي الذي هو من إنتاج الخميني وزمرته ليقدّم لنا الحرب من وجهة نظر إيرانية بطريقة محبوكة تظهر أن إيران دولة سلام وأن صدام حسين ودول الخليج هم المعتدون! وعندما يبحث أي شخص عن هذه الحرب لن يجد سوى ذلك الفيلم الوثائقي الذي يسيء لنا وهذا أمر كارثي، فليس كل الباحثين عن المعلومة والقصة الكاملة يتبعون المنهج العلمي في تنويع المصادر ومن وجهات نظر مختلفة، وإنما سيبنون كل معتقداتهم وأفكارهم ومشاعرهم على ذلك الفيلم وهذا من أشد الأخطار على جيلنا القادم. أعني أن يكون كل مطلع سعودي علي التاريخ والأحداث السياسية والاقتصادية ينظر إلى بلده بشعور الخيبة والنقيصة!
أبعد من ذلك تاريخ الدول الإسلامية تتم روايته بكل وجهة نظر إلا وجهة النظر السعودية رغم أنه تاريخ آبائنا وأجدادنا، وهو ما سمح للمتصيدين في تقديم السير المزورة على أنها تاريخ حقيقي يعكس مدى وحشية وانفلات الخلفاء العرب الأخلاقي! لماذا لا يوجد لدينا فيلماً وثائقياً واحداً يروي نشأة الدولة السعودية منذ أكثر من ثلاثة قرون؟ أين الرواية السعودية عن تاريخها؟ لماذا يتلقى السعودي ذلك التاريخ برواية الكارهين والحاقدين؟ إنه من المستفز أن يتحدث عربي عن عمر قصر المملكة بزعمه بينما لا يوجد بلد عربي له عمر أطول من المملكة، فكلها لم تخرج من الاستعمار إلا بعد عقدين إلى عقود من الزمن على الأقل. ما هو أشد وأنكى أن الغالبية لا يدرون أن عمر المملكة يتجاوز عام، أي أنها سبقت الولايات المتحدة الأمريكية في التأسيس. لماذا لا يوجد فيلم وثائقي يرسخ هذه المفاهيم؟ لماذا لا يوجد فيلم واحد على الأقل يتحدث عن الملك عبد العزيز منذ ولادته وحتى مماته طيب الله ثراه؟ ماذا عن توثيق حقبة رؤية بشكل كامل حين تكتمل؟ هل أعددنا العدة لذلك وكتبنا السيناريوهات أم أنها ستمر على توثيقنا مرور الكرام كما هو حال تاريخنا التليد! نحن بحاجة ماسة لحشد المؤرخين والخبراء والمتخصصين لكتابة كل شيء من وجهة نظر سعودية، حتى في الحربين العالمية الأولى والثانية، لا بل يجب تغطية كل الأحداث العالمية في كل عصور المملكة وعبر التاريخ من وجهة نظر سعودية حتى وإن كانت حرب كوريا وفيتنام، فكل ذلك يعنينا ويجب أن تكون لنا روايتنا الخاصة دائماً، والأفضل لو كانت مادة التاريخ في التعليم العام والجامعي كلها أفلام وثائقية، فغالب الذين لا يقرؤون يمتدحون الدولة العثمانية لأن الكتب المدرسية سابقاً كانت تثني عليها، وهذا دليل كبير على أن مادة التاريخ تصنع وعي السعوديين غير قارئين ويجب اسثمار ذلك لما يخدمهم ويخدم وطنهم.
** **
- محمد المسمار
@m_almismar