الشارقة - الثقافية:
نال مبنى «ديواني» لمالكه المصمم الاماراتي هشام المظلوم في الشارقة جائزتين مرموقتين على مستوى العالم ، وجاءت الجائزة الأولى وبتصويت عالمي لأفضل تصميم عمارة معاصرة وتعرف باسم جائزة لوب للتصميم Loop Design Awards وجاءت الجائزة الأخرى وبتصويت عالمي متصدرا المركز الأول لأفضل تصوير فوتوغرافي لمبنى معاصر وتعرف باسم جائزة « رؤية أرجايز» Vision Architizer المختصة بالتصوير المعماري بالولايات المتحدة الأمريكية بعد أن تم تطبيق فكرة مزج فن الخط العربي بتصميم العمارة المعاصرة من قبل مالك « ديواني «هشام المظلوم .
وأهدى هشام المظلوم الفوز الى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة راعي وداعم الحركة التشكيلية والفنية ولدور سموه والشارقة في الحفاظ وابراز الثقافة والفنون العربية والإسلامية.
وقال المصمم هشام المظلوم : مشروع المبنى « ديواني» هو عمارة الحرف وهو أول مبنى في العالم يتم بناؤه على هذا الشكل ، فكل البناء كان مدروساً بعناية كبيرة لإبراز ناحية مهمة ، وهي تلازم فني العمارة وفن الخط ، فتمت مراعاة كل تفصيلة في البناء ، وفيه تبدو العلاقة بين المبنى والخط تبادلية ومتناغمة بحيث أصبح المبنى من حروف واصبحت الحروف مبنى . ويتابع المظلوم : كان معي أخي الفنان خالد الساعي منذ الانطلاقة الأولى للمبادرة إلى ان تحقق الانجاز بما يملكه من معرفة كبيرة وأفكار مختلفة ساهمت معي في حواراتنا ودراساتنا لتكوين هذا الصرح المتكامل من البوابة الخارجية إلى أدق تفاصيله ، كان يتجلى هذا التماهي بين الحرف والمبنى، فكان نموذجاً يختصر مسيرة وتاريخ فن الخط بكل حيثياته ، من حيث استعمال كل أنواع الخط ، ولكن كل نوع ضمن وظيفته وهدفه من الخطوط القديمة ، كالثلث والنسخ والإجازة والديواني والجلي ديواني والكوفي بأنواعه والخط المغربي إلى الخطوط المعاصرة من الخط السنبلي والحر الجمالي ، وايضاً تم استخدام كل التقانات الممكنة من القديمة إلى المعاصرة ، وضف على ذلك استخدام كل مدارس الخط على مر الزمان ، مثلا نرى قطعة من الخط المسند محفورة على الصخر في حديقة المبنى ، ونرى الخط الكوفي المعماري المربع، ويشكل الكتلة العلوية للمبنى ونصها من القرآن الكريم ( رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين ) والتي تحقق فكرة المبنى في العمق، حيث الحرف العربي هو منزل للغة القرآن الكريم لغة الضاد .
الواجهة الرئيسة للمبنى « ديواني « فهي المحور الرئيس للتعريف بهذا المشروع وهي مخطوطة بالخط الكوفي المربع للآية قرآنية « وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين « والتي خطها الخطاط زهير عفانة من الأردن مع بدايات المشروع ونفذت بإحدى الدول العربية على 80 قطعة حجر مصمتة بسماكة 10 سم مربع ، وتم جلبها من الخارج منفردة لتشكل هذه الآية الكريمة والتي تم إعادة تركيبها بالشارقة وبمقاس ارتفاع 3 متر وعرض 25 متر طولي ، إلا انها في نفس الوقت تمثل « المشربية « في فن العمارة الإسلامية القديمة ، كاستخدام وكشكل ، بالإضافة الى الزهو والجمال التي تضفيه منقوشة الآية في الفترة المسائية باستخدام الخلفيات اللونية من الإضاءة ، التي تعطيها ذات رونق معين كل ذات حسب موضوعه أو استخدامه مثلا ، في المناسبات بالأعياد الوطنية او يوم العلم ويوم الشهيد أو بمناسبات وطنية وعالمية أخرى يتم فيها استخدام ألوان معينة على المباني المميزة.
المبنى «ديواني» يحتوي بداخله على مجموعة مميزة من الأعمال التاريخية تصل لـ 200 عمل إبداعي لرواد الخط العربي والفنانين على مر الزمان لأكثر من 85 خطاط وفنان ، وتمثل المدارس كافة: من المدرسة العثمانية ومنها على سبيل المثال أعمال للعمالقة الخطاطين مثل: حامد الآمدي ومصطفى حليم وغيرهم ، ومن المدرسة العراقية العمالقة الخطاطين : ماجد الزهدي وعباس البغدادي ومن المدرسة المصرية العمالقة الخطاطين سيد إبراهيم وسعد الحداد ومن باقي المدارس كافة ، وقد كان للخطاطين التقليدية المعاصرين مساهمة كبيرة من أعمال الخطاطين : داوود بكتاش ومحمد أوزجاي وفاروق الحداد وغلام حسين أمير خاني وكرم علي الشيرازي وأنس الشامي ووسام شوكت والدكتور محمد بديع البوسوني وصلاح الدين شيرزاد وعصام عبد الفتاح وعامر بن جدو، كما يضم «ديواني» عمل بخط الديواني الجلي للخطاط مهند الساعي، وهذا العمل يعتبر من أطول اللوحات في هذا الخط ، هذا على سبيل المثال لا أكثر ، حيث تمت مراعاة حضور كل الدول التي لها شأن بالخط ، وبالتالي تغطية البلدان كافة ، وأنواع الخطوط كافة... هذا على صعيد الخط التقليدي.
أما على صعيد المدرسة الحروفية يكشف المصمم هشام المظلوم أنها فقط أخذت حيزاً كبيراً واستثنائياً ، ولعلها احدى العلامات الفارقة والمميزة للمبنى «ديواني» وهي تنفيذ عدد من الجداريات بتقنية الفسيفساء على جدران المبنى الداخلية ، وعمل في خارج المبنى ، حيث جدارية «الحروفي الكبير» للخطاط نجا المهداوي والتي تبدو كموسيقى بصرية تجريدية وجدارية الفنان عبد القادر الريس والتي تحمل إشارات حرف الثلث وحرف الهاء ، ثم جدارية ضياء العزاوي وفيها الحرف والعلامة والرمز وجدارية خالد الساعي عن فكرة بستان هشام بن عبد الملك، بستان المعرفة والفن ، وجدارية محمد نباتي وفيها الشعر والرسم يتناغمان بشكل جميل ، وجدارية الفنان الجرافيتي « السيد « وهي تزين حوض «ديواني « خارجياً بألوان زاهية صادحة .
ومن الأعمال الضخمة القماشية ضم «ديواني» عمل لمحمد العجلان من السعودية يتغنى فيها بالشارقة عاصمة الثقافة والفن في العالم العربي ، وعمل مميز للخطاط الإماراتي حسين السري الهاشمي ، كما تم تكليف العديد من الفنانين من العالم بأعمال فنية خاصة تتناسب مع حيز مدروس في المبنى «ديواني» وبالتالي أصبح التناغم مذهل بين القديم والجديد التقليدي والمعاصر والعمل التطبيقي والتشكيلي.
وثمن المظلوم دور الاستشاري المهندس الاماراتي عبدالله الشامسي في تصميمه المعماري للمبنى وترجمته أفكار وابتكار مالك «ديواني» في إيجاد العلاقة المشتركة فيما بين العمارة المعاصرة والخط العربي والحرف أيضا بالشكل المعاصر للمبنى بالشكل المباشر، كما هو محفور ومنقوش على المبنى بكل زواياه ، ومباركا دور الشامسي في إيجاده العلاقة المشتركة الإبداعية والجمالية في ترجمة هذه الأفكار والخطوط والحروف العربية مع المعايشة والاستخدام اليومي للمبنى «ديواني» من خلال الأفراد والحياة في المبنى ، كما ثمن المظلوم دور المصور الفوتوغرافي المبدع شعيب خطاب الذي أسهم بعدسته المبدعة في نقل ابداعات «ديواني» للمسابقة العالمية.
ويشير المصمم المظلوم أن «ديواني» يمثل معجم مكثف وتاريخي للخط العربي بكل استخداماته، حيث تجد المخطوط الصغير والمصحف والمرقعات والفرمانات بشقيها التقليدي ، والمعاصر وتجد العمل الفني العريق لقطعة من «كسوة الكعبة»، وقد تم تنفيذها بشكل غاية في الاحتراف، وهناك أعمال على العاج وأخرى منحوتة على الخشب وعلى الجلسات والستائر والشبابيك والزجاج ، ويكفينا عند مقبض باب دخول «ديواني» أن نجد عمل «البسملة» العبقري لأحمد القرة حصاري، و«خطوط» نظيف وسامي بيك وأحمد الكامل وأبجدية وتشريحات ابن مقلة و» بسملة» راقم افندي على شكل طائر وأعمال خضير البورسعيدي وعصام عبد الفتاح وجمال الكباسي، وخطوط وتصاميم بالخط المغربي.