ما أجملها من مصادفة تلك التي ترميك في مواجهة عمل أدبي باذخ الثراء والأهمية، « سرقة أدبية» الـ أيكتور أغيلار كامين قصة تتشابه إلى حد ما بينها وبين حالات من السرقات الأدبية التي تظهر تفاصيلها في صحفنا من اليوم والآخر.
تبدأ قصة الصدفة خلال بحثي عن مصادر تدعم عملي البحثي عن حرق المكتبات في العالم، كتبت البحث بعلامات التنصيص لأحدد هدفي بالضبط، ولكن محرك البحث لم يبخل علي بمقترح لا علاقة له بما أبحث يحمل عنوان «سرقة أدبية»، لم أركز على كلمة الرواية الموجودة في أعلى الغلاف، قد يكون ذلك لأن ركزت على الدارسات وعند قراءتي لأولى صفحات عمل وجدت الكاتب المكسيكي أيكتور أغيلان كامين قد أدخلني في الموضوع عندما استعرض في صفحتي القصة كاملة مع وعده بأن في كل سطر في المقدمة قصة صغيرة ثم أكمل الجزئية بعبارة «سأسير جزءاً لجزء»
عدت للغلاف ووجدت أخيراً كلمة تعرّف بجنس العمل الأدبي بأنه رواية لأني انبهرت من هذا الموجز الذي يتحدث عنه ككاتب امتهن سرقة الأعمال الأدبية إلى أن أوصلته إلى منصب مهم في جامعة إمبراطورية صغيرة وهو مديراً للشؤون الثقافية في الجامعة.
فبعد أن أعلنوا فوز الكاتب بجائزة مارتين لويس غوثمان من الكتاب للكتاب اليوم الذي يليه تم اتهام الكاتب في الصحافة بسرقة بعض المقالات الصحفية وفي يوم الخميس الذي يليه اتهم بسرقة موضوع الرواية الفائزة وفي الأسبوع الذي يليه وقَّع تسعة وسبعون كاتباً رسالة ضده تطالبه بإعادة الجائزة وأن يستقيل من منصبة في الجامعة، وبالفعل أعاد الجائزة واستقال من منصبه ولكن بعد تحر علم بأن زوجته هي من وشت به إلى فولتير الكاتب الذي كشف سرقات البطل من مقالات وأعمال روائية سابقة، وبعد أن تجسس على زوجته علم بأنها تقيم معه علاقة عميقة إلى أن حدثت جريمة القتل في حق فولتير.
كتب أيكتور أغيلان كامين ليستعرض قدم حالة السرقة التي يمتهنها البطل في تاريخ الأدب «ربما لا يقترح الأدب شيئاً جديداً وفي العمق لا يلتقي أي كقابل مهني غير الانتحال.. ففي تاريخ كل الآداب، نجد جيشاً من المكررين مقابل عدد قليل من المبدعين الحقيقيين وتاريخ الأدب في عمقه، ليس سوى تاريخ سلسلة من الكتبة الذين يحاولون تقليد ما أحبوه في مؤلفين آخرين، الاستعارات الأساسية الحبكات التي لا محيد عنها العواطف المزدوجة التي أكتشفها وقام بتشفيرها بعض العباقرة والناطقون الحقيقيون بعبقرية اللغة، التي هي في الأساس لا تنتمي لأحد، بل تعيش وتنتشر من تلقاء نفسها. يمكن النظر إلى تاريخ الأدب بأكمله على أنه طرس ضخم قال فيه ثلة من المؤلفين كل شيء والبقية مجرد نساخ، إما بله أو أذكياء»
لقد أعادت هذه الرواية لمخيلتي كيف أن الأذكياء في السرقات الأدبية يصلون إلى غاياتهم ومناصبهم في ظل فشل النقاد في الكشف عن هذه الانتحالات إما بقصد أو بدونه.
** **
- إبراهيم المكرمي