الثقافية - كتب:
صدر كتاب: «مستشار الملوك معالي الشيخ ناصر بن عبدالعزيز أبوحبيب الشثري»، لمؤلفه د.محمد بن ناصر الشثري، والكتاب من القطع المتوسط، وصفحاته 224 صفحة، ويتكون من أربعة فصول مدعمه بالصور، وموثقة بالإحالات، ويكشف مؤلف الكتاب د. محمد الشثري سبب تأليفه الكتاب بقوله: «فهذه صفحات تسجل شيئاً من مسيرة وذكرى الشيخ الفاضل والمستشار المؤلمة الشيخ ناصر بن عبد العزيز أبو حبيب الشعري، وما كتبه المحبون في رثائه وبما عرفوا عنه رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، والحقيقة أن الكتابة في مثل هذا الرحيل من أصعب ما يواجهه الكاتب وذلك لعظم مكانته سواء عند ولاة الأمر أو من عرفه وسمع عنه بما قضاه من تاريخ مجيد وعمر مديد في خدمة دينه وملكه ووطنه.
والشيخ ناصر ليس بمستغرب عليه هذه المكانة فهو سليل أسرة عريقة في النسب والعلم والجاه والكرم، ومن تاريخ الشيخ وأسرته يرى أن هذه الصفحات قليلة في حقه ولكن حسبنا أن تخلد شيئاً من سيرته وإلا فخصال هذا الرجل كانت مشهودة وعطرة لكل من القترب منه، وقد حرصت من باب البرية رحمه الله على جمع شيء من سيرته تعريفاً وتخليداً وقياماً ببعض الواجب له، وجعلت عنوان هذه الورقة معالي المستشار الشيخ ناصر بن عبد العزيز أبو حبيب الشثري تاريخ عريق في المشورة والعلم والسماحة والكرم، وأرجو من الله أن أكون وفقت في تقديم بعض ما يليق بسيرة هذا العلم.
والشيخ ناصر رحمه الله سليل أسرة الشثور المباركة، التي خرجت العلماء والقضاة والدعاة والأدباء، ومن أبرز علمائهم والده الشيخ العلامة عبد العزيز بن محمد الشثري الشهير بأبي حبيب، وهو صاحب الأثر الأكبر في نشأة الشيخ ناصر، وتربيته على العلم والاستقامة على الخلق الرفيع مع تحمل المسؤولية والمهام التي لا يتصدى لها إلا من علت همته وسمت نفسه وقد جعلت الكلام في أول هذا المجموع في التعريف بالشيخ ولادة ونشأة وتعليماً وتدرجه في العمل الحكومي، وصفاته وأخلاقه، وعلاقته بولاة الأمر وبعض أخباره ومواقفه، وبداية مرضه الأخير إلى وفاته رحمه الله رحمة الأبرار، وأحسن لنا العاقبة بعده، وجعلت الجزء الباقي فيما قيل في الشيخ من الرشاء والثناء شعراً ونثراً كما أضفت بعض الوثائق المتضمنة البرقيات التعازي فيه من ولاة الأمر - حفظهم الله، وفي نهاية المجموع أضفت الرصد الإلكتروني لتداعيات وفاته والمشاركات في ذلك عبر منصات التواصل الاجتماعي».
وقد كتب نجل الفقيد معالي الشيخ د.سعد بن ناصر الشثري كلمات قدم بها هذا الكتاب الذي ألفه شقيقه د. محمد، قال فيها: «فإن الكتابة ملحة للكتابة على سير أولئك الذين سطروا الحروف العطرة بالأفعال الجميلة والآثار الفاضلة ليكونوا قدوة لمن بعدهم، يسار على خطاهم، ويستفاد الأخلاق الحسنة من تعاملهم مع الآخرين، وتترسم طرق الصلاح والنصح من إسهاماتهم من مجتمعاتهم، ولذا كان من المناسب تدوين سير هؤلاء الوجهاء من الملوك والعلماء والمصلحين والمربين والباذلين لأوقاتهم وأموالهم في النفع، وهذا ما حداني للفرح والبهجة والاغتباط بما رغب به فضيلة الشيخ الدكتور / محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أبو حبيب التسثري لكتابة نبذة تعريفية بالوالد الشيخ ناصر الشثري، ومن هذه النبذة لمجتمعنا قدوة صالحة في الفعل الجميل وجب التواصل والترابط كما تقدم نموذجاً عملياً في الوقوف مع دولتنا المباركة المملكة العربية السعودية دولة التوحيد والإسلام والسنة صاحبة الأيدي البيضاء والوقفات الجميلة في كافة ميادين الخير، بل إن تقديم هذه السيرة وإظهارها للعلن ليبرز أثراً من آثار دين الإسلام على النفوس، كيف حولها من الإمساك والإقتار إلى البذل والعطاء والمساهمة في الخير بالمال والجاه والوقت وحسن الثناء فكان نشر سيرة هذا الرجل من الدعوة إلى الله تعالى وإلى دين الإسلام.
ونستفيد من تدارس سيرة الشيخ ناصر معرفة النماذج الاجتماعية والتربوية الخيرة التي تكون نبراساً يسير عليه المصلحون ويستفيد منه العاملون وتكون مجالاً للدراسات الخاصة للشخصيات المؤثرة والتي يكون لها مجالها الطيب في الترابط الاجتماعي والإسهام الخيري والالتزام الديني من أمثال هذا الطود الشامخ، الشيخ ناصر رَحمَهُ اللَّهُ - فما قامت الحضارات ولا بنيت الدول ووجدت مشاريع الخير إلا بتسخير الله تعالى لهذه النماذج التي قادت المجتمعات البشرية لما يعود عليها بالنفع والخير.
ولذلك ونحن نتطلع إلى الكتابات التي تتحدث عن هذه الشخصية العلمية والاجتماعية وأفعالها، ولذلك فإن الشكر يعاد لمن كان سبباً في جمع هذه المعلومات والكتابات.. فشكراً فضيلة الشيخ الدكتور مُحَمَّد على إسهاماتكم في التأليف والنشر في هذا الكتاب وغيره».
وصدر الكتاب عن دار الثلوثية التي يملكها الدكتور: محمد المشوح، الذي كانت له كلمة في مطلع هذا الكتاب بعنوان مقدمة الناشر قال فيها: «لقد خلق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الخلق يتباينون في أفعالهم، يختلفون في أقوالهم،
يتفاوتون في منازلهم ودرجاتهم، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يهب ويمنح من يشاء من عباده الفضائل والمعالي والدرجات العُلا من الأخلاق والسجايا.
ونحن في هذه الحياة يمر علينا من الأجناس والأشخاص الكثير، الذين ظفروا بجملة من الفضائل الجمة التي يتبارى الناس في الوصول إليها وإدراكها.
وكان من نعمة الله عَزَّ وَجَلَّ عليَّ شخصياً أن منحني فرصة اللقاء والجلوس إلى عدد من العلماء والأعلام والأعيان؛ الذين كانت لهم من المكانة العلمية والعملية ما يتوق المرء فيه إلى الجلوس معهم والاستماع إليهم، ولا شك أن في طليعة أولئك؛ معالي الشيخ الفقيد ناصر بن عبد العزيز الشثري رحمه الله.
والشيخ ناصر لا أعلم أن أحداً في المملكة العربية السعودية في جملتها إلا وقد رن في أذنيه هذا الاسم، فهو قريب من النَّاس، مقرب من ولاة الأمر، وهذه قل أن تجتمع في شخص واحد؛ منحه الله من المحبة والقبول ما لا يحصى، ومنحه الله عز وجل كذلك من محبة نفع الناس والإحسان إليهم والقرب منهم ما لم يدركه الكثير من زملائه وأقرانه ومن هم في مكانته، وكان رحمه الله مضرب المثل ليس في صفة أو سجية واحدة، بل بعدد من السجايا، أهمها وأعظمها نفع الناس والإحسان إليهم. إضافة إلى جوده وكرمه النادر ؛ فبابه وبيته مفتوح للزوار ليل نهار، وطوال الأسبوع.
حبيب إلى الزوار غشيان بيته
جميل المحيا شب وهو كريم
وكان رحمه الله من الصفات التي منحه الله عَزَّ وَجَلَّ إيَّاها العديد من السجايا النادرة، ومن أهمها؛ ما لمسته واستمعت إليه عن قرب من نقاء قلبه وصفاء سريرته وبياض طويته، ولقد استمعت كغيري إليه في عدد من المجالس والمرات وهو يكرر: «إنَّني والله لا أحمل في قلبي على أحد حتى وإن كان أساء إلي»، ولا شك أنَّ هذه نعمة ومنة من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يمن بها على من يشاء ويختار من عباده أن يحمل هذا النقاء والصفاء ليس للنَّاس عمومًا، بل حتى لمن أخطأ أو أساء إليه.
ولقد أدركت كغيري بيته العامر الذي يغشاه النَّاس كل ساعة، وكأنه يتمثل قول الشاعر :
جاءت إليك وفود الأرض قاطبة
تسعى اشتياقا إلى ما خلد الفاني
لقد كان رحمه الله مملوءًا بمحبَّة العلم، والقرب من أهله، والإحسان إليهم ومودتهم، وكل ذلك يقترن بالأفعال مقروناً بالأقوال، ولم يكن يتململ ساعة من هذا الكم الهائل والحشد المتزاحم الذين يصطفون لقضاء حوائجهم وإيصال شفاعتهم وتفريج كربتهم، لكنه - بإذن الله تعالى - لن يضيع عليه شيء من هذا العمل الصالح الذي قدمه لأمته ووطنه.
غدًا تُوفَّى النفوس ما عملت
ويحصد الزارعون ما زرعوا
وإذا كان العمل بالأخلاق والسجايا الجميلة محموداً ومندوباً فإن اكتمال هذه الصفات والسجايا فيمن بلغ المراتب العلا من المكانة لدى الحكام والمسؤولين تبرز قيمة المثل العليا التي يتحلى بها، ولم تكن الثقة المطلقة ) التي منحت له من قبل ولاة الأمر ممن توفي منهم رحمه الله والباقي - حفظه الله - إلا نتيجة لتلك الصفحات النقية البيضاء التي حملها الشيخ ناصر بن عبد العزيز الشعري رحمه الله.
فاغرس من الفعل الجميل فضائلا
فإذا رحلت فإنها لا ترحل
لم تكن تلك السجايا صدفة وجدت في هذا الراحل الكبير، لكنها كانت موروثة من والده العلامة الشيخ عبد العزيز «أبو حبيب» الشثري رَحمَهُ اللَّهُ الَّذي كان أحد رجالات الملك عبدالعزيز، وحظي كذلك بالثقة والتقدير من قبل الملوك البررة الكرام الذين خلفوا والدهم المؤسس رَحِمَهُ اللهُ.
لقد عاش الشيخ ناصر الشثري رحمه الله حياته وهو مملوء بمحبة العلم وملازمة العلماء ومرافقتهم، وكان من ذلك تلك المعلومات الغزيرة المتزاحمة لديه، فتجده يتكلم في التاريخ تارة، وفي الفقه أخرى، وفي العقيدة كذلك، وفي الأخلاق والآداب، وتجده يتكلم في كل علم وفن، أما أخبار الرّجال وسيرهم وصفحات القبائل والأسر فإنها محفوظة في صدره، تتعجب من قدرته على استحضارها ومعرفتها والإتيان بدقائقها بشكل يُدهش السامع إليه، وهذا لا شك أنها من منة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليه .
وهذا الحديث عن الشيخ ناصر بن عبد العزيز الشثري رحمه الله يقود إلى الحديث عن هذه الأسرة الكريمة التي تضرب في عمق وبطن التاريخ منذ مئات السنين، يحظون بالمحبة والتقدير من قبل ولاة الأمر.
منها العلماء والقضاة والأدباء والشعراء الذين كانوا في هذه البلاد الطيبة المباركة.
لقد كان الشيخ ناصر بن عبد العزيز الشترى منصفاً لنفسه من الآخرين، وله يكن يمايز بينها وبين أحد، عاش التواضع واللطف والمحبة والخلق بأبهى صوره وسجاياه، متمثلا قول القائل :
إن المناصب لا تدوم لواحد
إن كنت تنكر ذا فأين الأول؟
فاغرس من الفعل الجميل فضائلا
فإذا رحلت فإنها لا ترحل
ومن الخير المعجل للفقيد رحمة الله أن خلف هذه الثمرات الصالحة من الأبناء والذرية، فقاموا من بعده على الواجبات التي أوصى بها، وشد أيديهم عليها من فع الباب للناس، ومواصلة الإحسان إليهم، ونفعهم، واستمرار محبة العلم ومدارست وقراءته، وكان على رأسهم في ذلك ابنه البار الصديق الشيخ الدكتور محمد بن ناصر الشثري - حَفِظَهُ اللهُ - الذي بادر في جمع هذه المادة الغزيرة عن والده وعن محبة الناس له وتقديرهم لأعماله وأفعاله وجهوده الموفقة والمباركة.
وكذلك معالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري؛ عضو هيئة كبار العلماء والمستشار في الديوان الملكي الذي حمل علم والده وعلم جده وعلم أسرته، فكان مدرسة في العلم والفقه وعلوم الشريعة والتواصل مع الناس واللطف والتواضع وكان صفحة مشرقة من والده رحمه الله.
وإني بهذه الكلمات أسطر بعضاً من الواجب تجاه هذا الفقيد الذي نفخر أن يكون أحد أبناء وطننا الغالي المملكة العربية السعودية المملوءة بالعظماء والكبار من الرجال والأعلام.
رحم الله معالي الشيخ ناصر بن عبد العزيز الشثري، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه خيراً عما قدمه لوطنه و مجتمعه».
وقد امتاز هذا الكتاب بحسن التبويب، والشمولية، والدقة في إيراد المعلومات، وقد وعد مؤلفه الباحث د. محمد الشثري بإصدار جزء ثانٍ منه.