تحكي هذه الرواية قصة ابن. لكن ابن مَن؟ سيسأل القارئ نفسه. وهذا هو السؤال الذي سيطرحه بطل الرواية (الابن أندريه) على نفسه أيضا. وُلد أندريه لأم عهدت به منذ ولادته إلى أختها لترعاه. سيظل والده لغزا محيرا. فهذا الابن لا يعرف عن أبيه أي شيء: لا اسمه ولا رسمه ولا أي شيء. كلما مر الوقت، ازداد هذا الأمر تعقيدا، سيظل هذا المجهول يؤلم الابن أشد إيلام. لن تجعلنا ميري هيلين لافون ندخل الى حياة أندريه فحسب، بل أيضًا الى حياة كل فرد من أفراد عائلتها الكبيرة. في هذه الرواية عدد لا يحصى من الشخصيات، لكل منها حياتها الخاصة. تترك الكاتبة للقارئ مهمة جمع الأجزاء المختلفة وإعادة بناء الحكاية والعثور على إجابات للأسئلة التي قد يطرحها.
نُقدّم إلى القارئ من خلال هذا المقال ترجمتنا العربية لجزء كبير من الرواية.
تنزلق أقدام أرمون العارية على الأرض الخشبية، لا يريد أن يوقظ بول الذي لا يزال نائمًا ويُصدر بشفتيه صوتا ضعيفا مثيرًا للاشمئزاز يشبه صوت الجروِ عندما يلعق شيئا ما، سينتظر قليلاً، لكن هذا الانتظار لن يستمر لوقت طويل، لا يجب أن يستيقظ بول، لقد أفسد الاحتفال بعودة العلاقات بعد طول انقطاع، إن بول يفسد كل شيء، وُلِد بول وأرمون في نفس اليوم، في 2 أغسطس 1903، علِم أرمون عن طريق والدته وخالته أنه لم يولد قط توأمان في العائلتين قبلهما، كان يفضّل ألا يكون معه توأم، أما وان كان ذلك كذلك، فإنه يميل الى أن يكون توأمًا لجورج وليس لبول، إن أرمون يدرك استحالة هذا الأمر، ولأن الأحداث جرَت على هذا النحو، فقد كانت الخالة مارغريت في الغالب تثرثر كثيرا وهي تحكي هذا الأمر، إن أرمون يلوك ذلك الكلام الغريب إلى حد ما فيخرج من فيهِ سريعا فينطق به لسانه وينزلق من بين فكيه، إنه يخصّص لنفسه وقتا للتفكير في العبارات الرمادية التي تقولها الخالة مرغريت وفي الرائحة التي تنبعث منها وفي الرماد البارد وفي النقانق الجافة، إنه يفكر كثيرًا في الروائح وفي ألوان الناس وفي الأشياء وفي القِطع الصغيرة وفي الأوقات، عندما كانت أنطوانيت تعيش معهم في بلدية شانتيريل جعلها تضحك بسبب حديثها عن أفكاره المجنونة، ها هي تضحك وتضحك، وتكاد تنفجر من شدة الضحك الى أن دمعت عيناها، والآن لم يعد بإمكانه إخبار أي إنسان عن أفكاره المجنونة، إن جورج يشُم رائحة مربى البرقوق عندما كانت الخالة تتركه يُطهى على النار لفترة طويلة في فصل الصيف في قِدر مصنوع من النحاس، إنه يشُم رائحة هذه المربى في ذلك الوقت بالذات، وليس عندما يتم وضعه على شريحة من الخبز المعدّ للأكل في فصل الشتاء، ولهذا كان الوالِد يأكله ويثني على الخالة التي لا ترد عليه نهائيا في حين كانت تنظر إليه وكأنها تراه لأول مرة، كانت أميلي تشم الرائحة التي تفوح من النهر في فصل الربيع، إنها رائحة عالية النهر ذي الثلوج المذابة، كان بول يشم رائحة الهواء وشفرة السكاكين الباردة الموجودة في المطبخ والتي لا يُسمح لهم بلمسها، بالنسبة لأمه، انه يشعر بانعدام اليقين، إن حالته هذه تتبدل طوال الوقت، فعندما يتحول الثلج إلى اللون الأزرق في المساء عند أطراف الغابة، وعندما تكون القهوة الساخنة، فانها تُطّل علينا في بعض الأحيان بابتسماتها الرائعة، بالنسبة للأب، ربما تكون هذه الرائحة بسبب حساء الخضر لكنه لا يعتقد أن يكون مصدرها الحقيقي الحساء، يتوقف الأب، تدخل هذه الرائحة قسرا الى أعماقة وتستقر، إلا أنه يفضّل عدم الإصرار على ذلك، إن الروائح عبارة عن لعبة، لا يمكننا إذن اللعب مع الوالد، تتسرب من غرفة جورج الصغيرة، التي تقع بين غرفة الوالدين والغرف الأخرى، رائحة البخار بلونه الأبيض الدافئ التي تنبعث من المكواة التي تستعملها أمه أو اميلي لكيّ الملابس وذلك بطيّ الكمّ مع إبعاد منطقة الكوع والذراع عن منطقة الكوع الواقع على يمين الأم وعلى يسار اميلي التي تمتع بمهارة تفوق مهارة الأم، في مساء يوم السبت تنطلق حملة كبيرة من أجل النظافة باستخدام المناشف الدافئة والناعمة، ستولي كل من الأم والخالة، اللتان تعتمدان على أرمون، هذا الأمر عناية خاصة الى أن تفوح رائحة الورد، لن تهتم أنطوانيت وإيميلي بحملة النظافة التي تتم يوم السبت، تتحدث الخالة وهي تضغط على كل كلمة بشكل جيد، إنها لن تضع مناشف الشاي مع المناشف العادية، إن مَن يفرِّط فيما بين يديه حتما سيفقده، كما أن مَن ينام حتما سينسى أنه جائع، أيضا مَن يزرع الريح يحصد العاصفة، كما أن الأبناء يرِثون صفات الآباء إن خيرا فخير، وإن شرا فشَرّ، إن أرمون يحفظ عن ظهر قلب كل عبارات الخالة، خاصة تلك التي لا يفهمها، لقد كان يكررها أحيانًا في سِرِّه بشكل تلقائي كي يخلد للنوم أو لكي تهدئ نفسه أو لكي يشعر بالاطمئنان، كما هو الحال الآن، عندما يرغب في أن يتخطى درجات السُّلم الستّ دفعة واحدة فإنه يتكئ على كتف أنطوانيت في المطبخ مثل عصفور السنونو، هكذا تقول الخالة أيضا، لا يمكن استخلاص النتائج من مجرد تجربة واحدة، عليك أن تكون صبورا الى أن يقرع الجرس في غرفة الطعام عندما تنتصف الساعة، ها هو يفكر في حبات الفراولة التي ستجلبها أنطوانيت له من منطقة امبور، إنها أول حبات فرولة تأتي إليه من حديقة الخالة، إن أرمون يعرف أن والدته وخالته وأميلي موجودات في المطبخ ومهتمات بغسيل الأواني، سيبدأ العمل اليوم وسيستمر لمدة يومين كاملين، ستأتي أنطوانيت أيضًا، وستعاود الاهتمام بالأعمال الكبيرة، ربما تكون قد وصلت بالفعل، وعدته بأنها ستحضر له أول حبات فراولة، إن أنطوانيت تفي دائمًا بوعودها، لم تعد تعيش أنطوانيت في بلدية شانتيريل، لكنها تعيش حاليا في منطقة إمبور، إنه يحفظ جيدا اسم هذه المنطقة، في ذلك البلد الأكثر اعتدالا تنمو أشجار الكرز الكبيرة، هكذا تحكي له وتستدم كلتا ذراعيها لتوضيح كيف تنضج أشجار الكرز في بساتين هذا البلد الجديد الذي تعيش فيه مع زوجها، لقد بكى أرمون كثيرًا عندما سافرت مع زوجها ذي الشعر المتجعد، على الرغم من أن والدته والخالة مارغريت شرحن له أنه من الطبيعي أن الفتيات الصغيرات مثل أنطوانيت، عندما يتزوجن، فإنهن يتخلين عن الأطفال الذين يعتنين بهم في بيوت الآخرين من أجل أن يلحقن بأزواجهن والعيش معهم في بيوتهم وسيكون لديهن عندئذ أبناء من أزواجهن، أومَأت الخالة مارغريت برأسها وهي تقول هذه الكلمات، هكذا أدرك أرمون أنه لا داعي لطرح المزيد من الأسئلة، إن أرمون يعلم أن الخالة مارغريت ليس لها زوج ولا بيت ولا أطفال، إنه يشعر بالحزن يعتصرها، نجم عن ذلك رائحة ذات طبيعة خاصة لا تتمتع بها لا أمه ولا أنطوانيت ولا حتى أميلي، إنها تشبه الريح الرمادية الباردة التي تضغط عليها، ان أرمون يستطيع أن يبكي، لكنه لن يبكي، لا يجب أن يفعل ذلك، سيسخر منه الآخرون، يخرج أرمون من الغرفة، النافذة الموجودة في نهاية الممر يدخل منها ضوء قوي، إنها تشبه تلك النافذة الكبيرة المصنوعة من الزجاج المزخرف في الكنيسة عندما يكون المناخ معتدلا، تشرق الشمس على هذا الجانب، ومع ذلك لن تُغلق مصاريع هذه النافذة أبدًا حتى في فصل الشتاء، يجد أرمون نفسه وحيدا في الردهة، بينما الجميع موجودون في الطابق الأسفل، في المطبخ، في حين سيذهب والده الى مقر مبنى إلبلدية، في وقت مبكر جدًا من صباح يوم الخميس يذهب والده إلى مقر مبنى إلبلدية، كان لا يزال نائما في سريره عندما سمعه وهو يغلق الباب ويعبُر الميدان، انه يطرق السمع وعيناه مغمضتان، يستمع بشكل أفضل عندما تكون عيناه مغلقتان، يعرف طريقته في المشي، وكذلك طريقة كل واحد منهم عندما يمشي، كأمه وخالته وأبيه وبول وجورج وأميلي وطريقة مشي الأشخاص الآخرين مثل سولانج أو أنطونين الذين يأتون لمساعدتهم ولكنهم لا يعيشون معهم، إن أرمون يعرف أيضًا نباح كل كلب في مدينة بور، إن هذه الطريقة تُعتبر لعبة ولغزا في آن واحد، لا يجب أن يعرف بول هذا الأمر، يتقدم أرمون الى الأمام، يمشي في ظل الضوء الخافت، ها هو يشعر بالضوء يغمره ويمتد إلى أن يصل فوق رأسه وعلى قدميه وعلى يديه وعلى وجهه وفوق شعره، سيغلق عينيه، بعد ذلك عندما يكبر ويصل الى سنٍّ معيّن، سيساعد الكاهن كما كانت تريد أمه وخالته، لن يستطيع أبوه أن يحول بينه وبين هذا العمل، سمع أنطوانيت وهي تكي لأميلي عن هذا الأمر على الرغم من أنهن غيّرن موضوع الحديث عندما دخل الى المطبخ، ان أنطوانيت وأميلي يخفن من الوالد، الكل هنا يخافون منه، أيضا بول يخاف منه، إن غضب الوالد يشبه الريح العاصفة وصوت الرعد، يرتجف البيت منه وتتزلزل الأرض، إن غضبه يشبه الظلام عندما يحلّ في وضح النهار، سيتوقف هذا الغضب عندما يغادر الأب، فنبدأ في التنفس من جديد مرة أخرى، وبانتظار تكرار هذا الوضع، نستطيع أن نقول بصوت خفيض الكلمات الطيبة التي علمتنا إياها أمنا في المساء في الغرفة من أجل بول ومن أجله هو أيضا، إن جورج لا يفهم هذه الكلمات، فهو لا يزال صغيرًا جدًا، حاول أرمون أثناء حالة الغضب التي انتابت أبي في المرة الأخيرة ترديد هذه الكلمات، لكنه لم يفلح، إنه يعرف السبب، فهذه الكلمات الطيبة تبدأ بمفردة تتعلق بالأب، ستعلق هذه الكلمات في حلقه ثم لا تلبث تتحجر في فيه، يجب أن نكون قادرين على الحديث مع أنطوانيت حول هذا الموضوع اليوم أو غدًا، لكنها ستغادر عندما تنتهي من غسيل الأدوات المنزلية، إنه لا يعرف متى ستعود، إن أنطوانيت لديها أفكارا وحلولا لكل شيء، إنها تعرف الألعاب السحرية، ان أرمون يحب ذراعيها الساحرين وشعرها ورقبتها، إنه يحب أن يذهب معها بشكل تلقائي إلى الكنيسة ويدخل عندما تكون بلا روّاد في فترة ما بعد الظهيرة حينما يكون المناخ معتدلا، سيذهب فقط من أجل أن يتعلم وضعية من يثني ركبته على الأرض ومن أجل أداء الطقوس الدينية وسط مزيج من الضوء الأصفر والأحمر الذي ينفذ إلينا عبر النافذة الكبيرة المصنوعة من الزجاج المزخرف، سيجلس أرمون وأنطوانيت لمدة دقيقة داخل القاعة التي يتحدث فيها الناس عن أسرارهم، يجلس كل منهم بمفرده، تجلس هي على اليمين بينما يجلس هو على اليسار، تبدو المقاعد مصنوعة من الخشب اللامع والناعم، في هذه القاعة تنبعث رائحة الشموع والعسل والزبدة الطازجة، انه يحب الكنيسة، سيساعد الكاهن، انه يحب أنطوانيت، يسمع صوتها يرتفع داخل المطبخ ويتداخل مع صوت أمه، لن تقول خالته وإميلي أي شيء، ينتصب واقفا على الدرج الأول للسلَّم، ينتظر، إنه يعلم أن أمه وخالته قد استيقظن منذ فترة طويلة بالفعل ووضعن فوق الموقد الكبير الماء الساخن في قدرين كبيرين جدا لا يستخدمان الا بغرض غسيل الأواني، أما في غير هذا الغرض فيتم تخزينه على الرَّف السُّفلي في غرفة الغسيل، إن أرمون وجورج يحبان اللعب داخل هذا القِدر العميق جداالذي يُعتبر كبيرًا لدرجة أنه يسمح لجورج بأن ينزلق حتى قعره من الداخل، سيكون القِدر بمثابة الحافظة المتينة له، سيختفي داخل القِدر ويتحرك معه الى الأمام وإلى الخلف أو من ناحية اليمين ومن ناحية اليسار، إنه يحاول تقليد الدجاجة عندما تتهيأ كي تضع بيضتها، يبدو أن القِدر يتراقص عندما تصدر هذه الأصوات، إن أرمون وجورج يضحكان دون أن يتمكنا من التوقف عن الضحك، إنهما يضحكان في الخفاء، عندما لا يعتني بهم الكبار، يتم توبيخهما لأنه لا يجب إتلاف الأواني، يعتقد بول أن هذه لعبة الصغار ولهذا يسخر منهما لكنه لا ينكر عليهما ما يفعلانه، ينزل أرمون درجتين من على السّلَّم، ويجلس فوق الدرجة الثالثة كي يستطيع أن يَرى ما يحدث في المطبخ من دون أن يراه أحد، ها هي أنطوانيت هناك، تتحرك ذهابا وإيابا، تحمل على ذراعيها الملابس التي تم غسلها، إن شعرها يشبه ذوي الشعر الأحمر المصبوغ بالدهن، ان أنطوانيت تبدو شقراء، لكن لون شعرها ليس بالأصفر الضارب الى الحمرة، إنها لا تحب هذه الكلمة التي كان يقولها أبوها في بعض الأحيان، تبدو أنطوانيت شقراء مثل الثعلب الذي شاهده أرمون وأمه في فصل الشتاء الماضي عندما كانا يعبران حقلا واسعا ومرتفعا عن مستوى سطح الأرض، ذات ليلة تساقط فيها الثلوج، كانت أمه تمسك بيده وتضمه إليها، توقفا عن المسير وهما في حالة من الذهول، توقف الثعلب أيضا، توقّف الثلاثة، غاب هذا الحيوان داخل الغابة، لم يتبق من هذا الثعلب سوى آثار مشيه الذي كنا نراها بصعوبة على الثلج، أصبح لونه أزرق وفي حالة صلبة، إن أنطوانيت تبدو في حالة غير طبيعية مثلها مثل الثعلب، يستطيع أبوها أن يقتل الثعالب لأنه صياد، أما عن أرمون، فإنه سيساعد الكاهن عندما يكبر لكنه لن يصطاد الثعالب، لا يريد أن يقتل الحيوانات لا الثعالب الجميلة جدا ولا الأرانب البرية من ذوات الجلد المخملي ولا الماعز الجبلية التي تجري وهي تقفز ولا الطيور ولا حتى أي نوع من الطيور، نعم وبوجه خاص الطيور، كل شيء يتصارع في داخله، الطيور وأنطوانيت التي تشبه الثعلب ونافذة الكنيسة المزخرفة وحبات الفراولة والزبدة الطازجة التي تقدم الى المتواجدين في القاعة التي يتحدث فيها الناس عن أسرارهم واللغز الذي يحيط بالقِدر الكبير، انه لا يستطيع المقاومة، يصعب عليه تقبّل كل هذه الأشياء دفعة واحدة، ان قدميه العاريتين تضربان فوق الدرجة الرابعة للسّلم للتعبير عن مدى فرحته، يريد أن يطر، يحب أن يتذكر أحداث الصيف الماضي، لم يكن على علم بأن أنطوانيت ستغادر، لقد انطلقا سويا في المساء، هما الاثنان، سيعملان على ريّ النباتات خاصة النبات الأخضر وأيضا الخضراوات الأخرى التي لم تكن تهمه كثيرا، الا أنه كان يحب أن يحمل الأباريق الصغيرة البيضاء والزرقاء، يسير أرمون خلف أنطوانيت، انه يشعر بها عندما يشم رطوبة الأرض، يبدو أن أرمون له جناحان، سيطير الى البئر الموجودة في الجانب الآخر من الحديقة، دون أن يُتلِف أي شيء، ليبحث عن الماء، عن المزيد من الماء، تبدو الحديقة كأنها مملكة خضراء وذهبية، صارت الحديقة فضاء واسعا مضاءة ليلا ونهارا، بعد ذلك، وقبل أن يرجعا، مرّ أرمون وأنطوتنيت على المربع الذي به حبات الفراولة، جلس كل منهما على ركبتيه في مقابل بعضهما بعضا، على حافة شريط من الأرض، يبحثان بلطف عن منقوشات رقيقة على الأوراق، يلمسانها بأصابعهما التي تحيط بثلاث أو أربع من حبات الفراولة لا أكثر، حتى لا تغضب الخالة، سيحلّ علينا الصيف القادم قريبًا، لكن أنطوانيت لن تكون هناك، عند الساعة السابعة والنصف يقرع الجرس، أرمون لم يعد متحمسا، انتصب واقفا، لا زالت قدماه عاريتين وهو يصعد درجات السّلم العالية، تدير أنطوانيت ظهرها إليه، وتقف أمام الموقد، لا تزال لا تراه، لكنه يعلم أنها تنتظره، ان أقدامه تكاد لا تلمس الأرض، يقفز وهو يركض، يلقي بنفسه أمام أنطوانيت في اللحظة التي تحاول فيها أن تستدير وتسحب القدر الكبير الساخن من على الموقد، أبعدته عن المكان بصعوبة بالغة، أحكمت قبضتها عليه، انتهي بها الأمر بصرخة قوية استيقظ على إثرها بول.
** **
- د. أيمن منير