خرج من بيته مبكرًا، وخلال انهماكه في قيادة السيارة تبادر إلى ذهنه سؤال:
اليوم عيد الحب، ماذا سأهدي أم بدر بهذه المناسبة؟ وأنا لم أترك شيئًا أعرف أنها تحبه إلا وأحضرته لها مهما غلا ثمنه!
مضى بسيارته إلى المجمع التجاري الكبير في المدينة، أوقفها ودخل.
ظل يكرر على نفسه السؤال السابق، بينما هو يدخل متجرًا ويخرج من آخر، حتى قال في نفسه: سيظن الناس والباعة بي سوءًا لتصرفي هذا.
تنهد تنهيدة المتعب الحائر ثم قال: لا يهم، فليظنوا بي ما شاءوا، المهم أن أوفق في جلب هديةٍ ترسم البسمة على وجه زوجتي الحبيبة في يوم الحب.
لمح محلاً للمجوهرات، فحدث نفسه قائلاً:
وليكن، سأبتاع لها خاتماً ذهبياً يزينه قلبٌ من حجر الياقوت الأحمر.
دفع ثمن الخاتم وخرج مبتهجًا، متخيلاً ردة فعل شريكة عمره.
في الدور الأرضي وبالقرب من باب الخروج سمع زوجان يتشاجران بسبب غلاء المعيشة، وعدم قدرة الزوج على جلب أغراض أساسية للمنزل، فضلاً عن الكماليات والهدايا حسب كلام الرجل المنفعل أمامه.
غادر مفكرًا ومتسائلاً عن السبب:
هل فعلاً عدم القدرة المالية هي السبب في رفض الرجل ابتياع فستان مُخَفَّض السعر لزوجته، أم أن انعدام الحب بينهما ما دفعه لذلك التصرف القاسي.
في طريق العودة عرَّج على سوق الخضار كما أوصته أم بدر.
فتح هاتفه وقرأ قائمة الأشياء التي طلبتها للبيت، نادى على البائع قائلاً: أريد نصف كيلو من الباذنجان، وصندوق طماطم، وكيس بصل.
كان يقف رجل بسيط المظهر بجانبه، فضحك ثم قال له:
أكثر من كمية البصل إذا أردت أن تفُرح زوجتك هذه الأيام؛ فقد صار كالذهب.
هزَّ رأسه موافقًا إياه في كلامه، وهو يضحك، ثم لوح له مودعًا ومضى في سبيله بعدما حصل على طلبه.
وبالقرب من محل الخضار رأى محلًا للورد.
خطرت له فكرةٌ، بأن يضع خاتم الذهب بين باقة الورد، كمفاجأةٍ لحبيبته التي تنتظر مجيئه بحاجات المنزل.
حمل الباقة ورجع إلى عش الزوجية، وحين دلف مع الباب وجدها جالسةً تشاهد التلفاز بانتظاره، عانقها وقدم لها الباقة.
علت البهجة وجهها وهي تشم باقة الورد، وزاد سرورها لما رأت الهدية المخبأة فيها، لكن بغتةً سالت دموعها لما شمت رائحة بعض حبات البصل التي دسها بين الورد، مسح دموعها بيديه وضحكاته تتعالى، ثم حكى لها ما قاله له الرجل الذي وجده عند محل الخضار، سالت دموعها أكثر، لكن من شدة الضحك هذه المرة.
** **
عائشة محمد عسيري (ألمعية) - رجال ألمع