أيا وجدُ: هل أضنى غراما بكَ الوجدُ
أمِ القلبُ قَدْ ضَاقَتْ بأضلاعهِ نجْدُ؟!
يحنُّ إليهِ الشوقُ في كلِّ زورةٍ
وإن كان ذاكَ الشوقُ يقْسُو بهِ البُعدُ
يَجولُ بِأحضانِ الرِّمالِ فَيَكْتَسي
مَلَاذًا وَنورُ البدرِ في عينِهِ خدُّ
أَلَمْ يَأْنِ للمَسْلوبِ قَلْبًا بِأَنْ يَرَى
حَبيبًا له يومًا بِآفاقِهِ يَبْدُو؟
أَضَعْفِي مَحَا دَرْبًا يُجَاذِبُهُ المَدَى
سَرَابًا.. وَآهاتي بِأَسْفَارِهِ حَشْدُ؟!!
سَريتُ وما أخشى منَ الأرضِ قِبْلَةً
إليها… وخُطْواتي لِآثارها غِمْدُ
طويتُ بَراكينَ الفُؤادِ مُكَابِرًا
صِلَاءً… وأعماقي تَدَاعى بها الوقْدُ
فَإنْ أَضرَمَتْ جَمْرَ الغَضا في مسالكي
وَطِئتُ ولو كانَ احتراقي هو القَصْدُ
بَعَثْتُ أحاسيسَ المعاناةِ فالتوتْ
عِتَابًا وَنُكْرانًا بِطياتِهَا حِقْدُ
أُرَدِّدُهَا لَحْنًا تَقَاسمَ نَبْرَهُ
عذابٌ مِنَ الأصداءِ في رَجْعِهِ أشْدو
فَعِشْتُ على ذِكْرَ لَها كلَّ لَحْظَةٍ
أُسَيِّجُها حولي وأسوارُها تَعْدو
كَأَنِّي أَنا الأعْمى بِعُمْقِ مَتَاهَتي
وَإنْ خَطَرَتْ روحي.. تَقَاسَمَني السُّهْدُ
فَهَلْ مَاتتْ الذِّكْرى لَديها أَمِ انْحَنَتْ
شَمَاريخُ عُنْقُودي لٍيَغْتَالَني الفَقْدُ؟!
تَبَرَّأَ مِنٌكِ العهْدُ يومَ قَطَعْتِهِ
وَلِيدًا لكي يَحْظى بِتَعْذِيبيَ الوعْدُ
فَقَدْ عَلَّني قَهْرُ الغيابِ… وَذَلَّني
عنادٌ…وَقَدْ أَزْرَى بِأَنْحَائيَ الصَّدُ
أَنا لا أُطيقُ الهَجْرَ مِنْكِ حَبيبتي
وَليسَ أمامي عَنْ وِصَالٍ لَكُمْ بُدُّ
فَهَلَّا رَحِمْتِ الشيبَ إذْ لَمَّ بِالفلا
شَتَاتِي معَ الأضدادِ مُذْ باعني الضِّدُ
فِدَاكَ جَميعُ الكونِ يازهرةً غَزَتْ
روائحُها حَقْلِي وَلَا حَقْلَ لي نِدُّ
أُريدُ لِقَاءً يُذْهِبُ الشِّقْوَةَ التي
تَسَلَّتْ بِوَأدِ الحيٍّ إذْ خَانَهُ العَهْدُ
وَإنْ كُنْتِ تنوينَ القَطيعةَ فاعلمي
بِأَنَّ حياتي في فِرَاقٍ هي اللحْدُ
** **
- محمد جابر المدخلي