للحكاية عيون كثيرة، أسوأها عيون تشاهد ولا تبصر.. وجهي واحد ووجهتي في الظهيرة لا تتغير، أشاهد التلفاز أثناء غدائي، فارداً قدمي على الأرض وصدري مشرع لوابل الرصاص المتطاير من التلفاز، يخترق جسمي ولا أعرف مكانه بالتحديد لكنه يوجعني، أتفقد نصف الخبز في يدي فأطمئن وأتأكد أنني في مكاني في مأمن من كل هذه الأخبار المتنوعة التي تلوث الظهيرة الفاجرة بالرصاص.
أشم رائحته فيأتيني صوت معلم العلوم «هو فلز ثقيل ومستقر في الجدول الدوري» أبتسم لأنه لم تكن هناك معامل واقعية لنتأكد من حقيقة وجود هذه العناصر الطبيعية, وهل هو مستقر فعلاً؟ على الأقل أنا متأكد أنه مستقر في جسدي الآن ورغم فجاجة الفكرة إلا أن الطمأنينة في معرفة الحقيقة لا تبلغها أي طمأنينة..
سئمت هذه القنوات التي لاهم لها إلا العبث بسكينة أرواحنا، لا ألومهم كثيراً فنحن أيضاً تعودنا، وكأنها روتين دوري سيصيبنا خجل وعار إن لم نتيقن أننا على علم ودراية بكل ما يحدث في العالم ... أين الريموت؟
تدور عيني في سراب الغرفة، قدمي ممددة، أتلفت من مكاني (المستقر). يموج دخان كثيف من التلفاز الحقيقة أنه (يتصاعد) داخل نفسه رمادي ثقيل، أسعل مختنقاً وأهوع بشدة رغم أن نصف الخبز الرمادي في يدي لا في بطني ولا أجد تفسيراً لكل هذا الوجع والاختناق..
يا رباه أين الريموت اللعين؟
تبصر عيني الحكاية لكنها تخذل نداءاتي المتكررة في إيجاد الريموت. يدغدغني عرق يسيل، لا أعرف مصدره ولا أتبين لونه. إنه من عقلي، هذه التهيؤات ستقتلني، يبدو أنني بحاجة لطبيب أقول له إنني لم أعد أرى التلفاز لكنني ما زلت أسمع هذا الصراخ في رأسي، أنفاسي تتقطع والغرفة تضيق والسماء اختفت وأنا أهذي وأبحث عن الريموت هذه مهمتي الآن.
من أخذ الريموت؟
** **
- فوزية الشنبري