هيئة التحرير:
أكدت الأكاديمية العراقية رائدة العامري أن الناقد الكبير أ.د.عبدالله الغذامي، استطاع أن ينقذ العملية النقدية، بعد نعي (رونان ماك دونالد) الناقد أو دوره بكتابه الموسوم (موت الناقد)، فبرزت الحاجة إلى وجود رؤيا جديدة تحاول انتشال العملية النقدية وتأطرها بأطر تجديدية واقعية، فقد طرح لنا الناقد المتجدد في رؤياه المثير للجدل أين ما حلّ، نتيجة لأفكاره الجريئة وكتبه المثيرة للجدل ابتداء من كتابه الخطيئة والتكفير، من البنيوية إلى التشريحية عام 1985م، إذ طرح د.عبد الله الغذامي حزمة من الآراء والمقاربات في قراءة النصوص الأدبية قراءة ثقافية في محاولة لفرز العيوب في الأنساق التي تهدد البناء الجمالي للنصوص، فجاء بمفهومه الجديد بـ(النقد الثقافي) قراءة في الأنساق الثقافية العربية.
وأشارت د.العامري إلى أن رؤية النقد الثقافي التي تبناها د.الغذامي ترتكز في فلسفة انتزاع اللغة والبلاغة من النصوص والنظر إليهما كمنظومة من العلاقات التي تتجاوز حدود مفهوميّ اللغة والبلاغة، وكأنّ الدكتور عبدالله يأخذ على عاتقه قراءة عيوب الخطاب الشعري العربي قديمه وحديثه، وهذا واضح من خلال مقولته الشهيرة: (لقد آن الأوان لكي نبحث عن العيوب النسقية للشخصية العربية المتشعرنة، التي يحملها ديوان العرب، وتتجلى في سلوكنا الاجتماعي والثقافي بعامة، لقد أدى النقد الأدبي دورا مهما في الوقوف على جماليات النصوص، وفي تدريبنا على تذوق الجمالي وتقبل الجميل النصوصي، ولكن النقد الأدبي مع هذا وعلى الرغم من هذا أو سببه، أوقع نفسه في حالة من العمى الثقافي التام عن العيوب النسقية المختبئة من تحت عباءة الجمالي).
وهذه دعوة صريحة للناقد إلى البحث عن عيوب الخطاب الشعري العربي جاءت بعد عجز النقد الأدبي بمفهوم المهني من تشخيص هذه العيوب، والسبب هو أن البلاغي والجمالي غطّيا على عيوب النسقية للخطاب الشعري العربي ولأن الزاوية التي ينظر منها النقد الأدبي تماما غير الزاوية التي ينظر منها النقد الثقافي.