النص الأدبي البيئي هو النص الذي يعرض المشكلات البيئية ويقدم لها الحلول، وينشر الوعي البيئي، الصادر عن أديب يحمل همًا بيئيًا، ووعيًا إيكولوجيًا، ويؤمن بأن الطبيعة الفطرية هي السياج الأمثل لسلامة الإنسان على سطح الأرض، يبرز فيه إحساس الكاتب بالبيئة وبالمخاطر البشرية المغيّرة تكوينها الطبيعي الفطري، وأثر هذه المخاطر على الحيوان وعلى الإنسان المتعالي على الطبيعة من حوله، الظان أنه مركز الكون وكل ما حوله وجد لخدمته. وقد حدد (لورانس بويل) أربعة معايير تميز الكتابة الأدبية البيئية عن غيرها، هي: «أن تكون البيئة غير الإنسانية موجودة ليس فقط بوصفها جهاز تأطير (مجرد أداة زراعية)، ولكن وجودًا يبدأ بفرضية أن الوجود الإنساني مستوحى في التاريخ الطبيعي، وألا يفهم منه (الوجود) أن المصلحة الإنسانية هي المصلحة الشرعية الوحيدة، وأن يكون اكتراث البشر بالبيئة جزءًا من التوجه الأخلاقي للنص، وأن يوحي النص بشيء من فهم البيئة، بوصفها عملية، وليست شيئًا ثابتًا، أو معطى مفترضًا». وهي معايير لا يشترط توافرها كلها في النص الأدبي البيئي؛ فقد تقوم موضوعة النص على واحدة منها فقط، دون أن يخرجه ذلك من تحت مظلة الأدب البيئي.
وهو نص صعب الكتابة؛ فطغيان العلمية عليه قد تخرجه من زمام النص الأدبي إلى التقرير العلمي، وربطه -في أحد جوانبه- بالتوعية يجعل منه نصًا موجهًا، والكتابة الموجهة تخطاها الإبداع الأدبي منذ أكثر من قرن؛ فهو يحتاج إلى كاتب واع وقادر على استثمار المعلومات البيئية استثمارًا فنيًا، وقادر على التعامل مع البعد الإرشادي واللغة المعيارية تعاملًا أدبيًا، يحولهما من مذمة نصية إلى ميزة إبداعية.
ولعل النصوص الأدبية العربية الموجهة للأطفال -حتى الآن- أكثر النصوص الأدبية تمثيلًا للأدب البيئي، وأرى مرد ذلك إلى عدة أمور ترتبط بالطبيعة البنائية لهذه النصوص: أولها نوعية الفكرة الموجهة للطفل، التي يفضل أن تكون فكرة توعوية، بالمفهوم الواسع للتوعية، فالنص الموجه للطفل من بدايته حتى نهايته قائم على ترسيخ قيمة إيجابية أو التنفير من قيمة سلبية، وهذا يمنح كاتب النص البيئي أريحية كبيرة في أثناء عملية الكتابة والمعالجة؛ ففكرة النص هي حكايته، والحكاية هي الفكرة، ما يجعل التوعية سمة من سماته، والثاني طريقة التناول المباشرة وطبيعة الصياغة المعيارية، المناسبتان لعقلية الطفل، الأولى تسمح للكاتب بالخوض المباشر في موضوع النص، والثانية تسمح له باستخدام لغة لا تلتزم بشروط اللغة الأدبية، ولا يعاب ذلك على النص ولا على مبدعه، والثالث أن البعد الإرشادي والتعليمي، وهو بعد لابد أن يبرز -بشكل أو بآخر- داخل النص الأدبي البيئي، لا يقلل من قيمة النص الموجه للطفل.
وهي أمور التغلب عليها في النص الأدبي البيئي الموجه للكبار يحتاج إلى جهد فني لا يستهان به؛ فلابد أن يكون الجانب التوعوي رمزًا في خلفية النص، ولابد من البحث عن لغة تجمع بين المعيارية والأدبية، ولابد من تضيق الفارق بين فكرة النص وقالبه الحكائي، وفي رأيي أن هذا الجهد، إضافة إلى أسباب أخرى سبب قلة النصوص الأدبية البيئية الخالصة في إبداعنا العربي.
** **
أ.د. أبو المعاطي الرمادي - جامعة الملك سعود