الثقافية - كتب:
صدرت عن مركز حقائق للدراسات القانونية بجامعة الأمير سلطان دراسة: «معايير الإرث في الإسلام وشبهة ظلم المرأة فيه»، حيث تُبرز هذه الدراسة العدالة في الأنظمة الخاصة بالإرث في الإسلام، خصوصاً فيما يتعلق بجانب العدل في حق المرأة في الميراث.
كما تهدف الدراسة إلى توضيح ونفي الشبهات حول موضوع ظلم المرأة في الميراث، والتأكيد على أن الإسلام لم يظلم المرأة في هذا الجانب بل على العكس من ذلك، فقد رفع شأنها واهتم بها وحفظ حقوقها، وهو ما ستبرزه الدراسة من خلال عرض عدد من مسائل الميراث.
فالعوامل المؤثرة على إرث المرأة متعددة، ويتفاوت حظ المرأة من الإرث بالنظر لهذه العوامل، ففي بعض الحالات ترث المرأة أكثر من الرجل، وفي البعض الآخر ترث مثل الرجل، بل إنها في بعض الحالات ترث ولا يرث الرجل. ونستعرض هنا صوراً تتجلى فيها روعة وعظمة الإسلام وسموه على غيره من التشريعات، وحرصه على حق المرأة من الميراث وعدم ظلمها.
وقد بينا بالرد العلمي على الشبهة المثارة حول ذلك مع تدعيم الدراسة بالأدلة الشرعية وأمثلة حسابية فرضية لتوضيح كيفية تطبيق هذه المعايير في سياقات مختلفة؛ مما يسهم في تقديم رؤية مفصلة لميراث المرأة بهدف إبراز كيفية تعامل الشريعة الإسلامية مع مسألة الميراث بطريقة تضمن العدالة والإنصاف تجاه المرأة.
وخلصت هذه الدراسة إلى: نخلص في ما سبق من البحث إلى إقرار عدة نتائج مهمة وهي :
1. أحكام الميراث في الإسلام وتحديد الأنصبة فيه من القضايا الثابتة بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي لا تخضع عند المسلمين بحال لتقلبات الظروف والزمان والمكان، بل هي نصوص قطعية الثبوت والدلالة، وهي على هذا الأساس غير خاضعة ولا قابلة لتأويل جديد أو فهم آخر، وما ذاك إلا لحكمة أرادها الله قد تغيب عن عقول البشر، وهذا هو مقتضى الإيمان بالله عز وجل.
2 . هناك حالات كثيرة لا حصر لها بصور معينة، تأخذ فيها المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابل أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل وهو ما يدل على أن ميراث الأنثى نصف ميراث الذكر ليس قاعدة مطردة في توريث الإسلام لكل الذكور والإناث وإنما هو في حالات خاصة من بين حالات الميراث، وأن معيار الذكورة والأنوثة ليس الفيصل في تمايز أنصبة الوارثين والوارثات وإنما هناك معايير أخرى تحكم هذا التوزيع كالعبء المالي.
3. أحكام الميراث تنطبق على الرجل والمرأة، فلا يرث أحدهما إلا إذا تحققت فيه شروط الميراث وأسبابه وانتفت موانعه، وكذلك سائر الأحكام تطبق على الطرفين في توازن دقيق وعدالة تامة؛ قل أن توجد في التشريعات والتنظيمات البشرية.
4. المناداة بالتسوية في الميراث بين الذكر والأنثى هي تسوية بين غير متساويين، فلا يوجد في الحالات التي يرث فيها الذكر مثل حظ الأنثيين تفضيل للذكر على الأنثى بل هي أسعد حظاً منه، لأنها ترث ولا تغرم شيئاً، تأخذ ولا تدفع، فلا تفضيل بينهما، وبالتالي فالعدل يعني المفاضلة بين المتفاضلين والتسوية بين المتساويين، ولما تفاوتت الأعباء والمسؤوليات المالية، كان من اللازم أن تتفاوت الأنصبة حتى يكون الغنم بالغرم، ولله الحكمة البالغة.
5. أن نظام الميراث في الإسلام هو جزء من كل فليس منقطع الصلة عن غيره، فالمنظومة التشريعية للإسلام منظومة متكاملة، يجب أن نأخذها بكلها وليس بجزئية من جزئياتها، ونظام الميراث في الإسلام لا يمكن لنا أن نفهم حكمته إلا بفهم نظام النفقات، والحالات المحددة التي ترث فيها المرأة نصف الرجل هي لأسباب تتوافق مع الروافد الأخرى من الأحكام الشرعية.
صدرت هذه الدراسة هذا العام 2024م.