كنت أنتظر إجازة الدراسة بفارغ الصبر لأذهب مع والدي لزيارة جدتي الحبيبة -رحمة الله عليها- ومع صغر سني كنت أفرح باللقاء، واللحظات، والأوقات السعيدة..
كان يشدني هدوء القرية التي كانت تسكنها، وجمال أجوائها، واللعب في طرقاتها الترابية البسيطة..
لم تكن شاهقة المباني، ولا مزدحمة بالسكان.. يترابط أهلها بمحبة، ويجتمعون بمودة تربط قلوبهم، وكنت أراقب تلك الضحكات، وأستمع للأحاديث التي أفهم بعضها، وبعضها الآخر لا أفهمه!
وما إن نصل حتى أسابق خطواتي لأحضان جدتي التي طالما كنت أشعر بها أمًا ثانية لي، وبالرغم من قصر المدة التي نقضيها معها إلا أنه يمر بلمح البصر..
ومما شد انتباهي اهتمامها الكبير بالحيوانات فكانت تجد متعة في تربيتها أراها في عينيها، وعلى وجنتيها ترتسم مع كل ضحكة، ولا أجد لفضولي الصغير جوابًا حين أسأل لماذا يا جدتي؟
أراها في الشمس المحرقة تذهب سيرًا على الأقدام، وتأخذ الحليب وتطعمهم... وتستمر يوميًا على هذا الفعل، وأنا أرافقها دون ملل حتى يحين موعد السفر، وكلما سألتها؟ تجيب مبتسمة فقط دون أن ترضي عقلي الصغير وتقنعني، وبالرغم من محاولاتي لثنيها عن ذلك كي لا تتعب ولا تحتمل مشقة إلا أنني لم أستطع! ولكن أدركت لماذا؟
بعد أن غادرت هذه الدنيا!
** **
- زايدة الحقوي