الثقافية - كُتب:
صدر كتاب: رياض الشعراء في قصور الحمراء، وهو من تأليف: أ.د.عبدالعزيز بن ناصر المانع، الحاصل على جائزة الملك فيصل، وأ.د.خوسيه ميغيل بويرتا فلتشث، وهو أستاذ أسباني، يشغل عضو الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة بغرناطة.
والكتاب يقع في صفحة من القطاع الكبير، مع ملحق للصور المشروحة، وتعليقات مهمة، وقد بين مؤلفاه سبب تأليفها للكتاب في المقدمة حيث قالا: «
تحتل قصور الحمراء في غرناطة مكانة رفيعة بين مثيلاتها في العالم، لما تتميز به من فن معماري نادر، وطراز شكلي بديع، وقد لَقِيتُ هذه الحمراء عناية خاصة لدى الدارسين العرب والمستعربين. كذلك حظيت هذه القصور إلى جانب ذلك بفن أدبي شعري كان الدافع إلى وجوده حبُّ ملوك مملكة غرناطة لهذا الفن، فكان أن وجهوا شعراءهم إلى نظم القصائد والمقطوعات لتُزَيِّن بها قصورهم فتُنقش في قاعاتها وغُرفها وعلى الحيطان والنوافذ والنوافير.
لقد أثار وجود هذه النقوش الإبداعية عندنا مع تقديرنا لجهود من سبقونا رغبة شديدة في تتبع أماكن نقشها وفي الدواوين والمصادر الأندلسية الموثوقة والقيام بعد جمعها، بتحقيقها وتدقيقها وضبطها وترتيبها والتعليق عليها ومحاولة تقر ب تاريخ نظمها قدر المستطاع، إضافة إلى ذلك فقد عمدنا مقابل كل نص مطبوع إلى تصوير ما يقابله من نص منقوش قدر الممكن، وذلك لكي يتمكن القارئ من المقارنة بينهما أولا، وثانيًا ليمتع ناظريه بجمال الخطوط وأنواعها وزخرفتها وما فيها من إبداع أخاذ.
نأمل أخيرا أن يحقق صدور هذا الكتاب بعض طموح دارسي الشعر الأندلسي وشعر مملكة غرناطة على وجه الخصوص.
وفي الختام نتقدم بالشكر الجزيل للأمين العام لجائزة الملك فيصل الدكتور عبد العزيز السبيل على دعمه لمشروع هذا الكتاب والشكر موصول لمدير هيئة حماية قصور الحمراء السيد رودريغو رويث الذي فتح لنا أبواب الحمراء وقدم كل عون نحتاجه.
ويضم الكتاب: لمحة عن تاريخ الحمراء وبناتها، وقصور الحمراء وبناتها، والأشعار الجدارية لقصور الحمراء: أحوالها وشعراؤها، و الترتيب المعتمد في هذا الكتاب لأشعار الحمراء الجدارية، وشعراء الحمراء، إلى جانب نبذة عن تاريخ قراءة النقوش الشعرية للحمراء.
أما القسم الأول من الكتاب فَعُني بأشعار الحمراء، المتبقية على الجدارن وتلك الغائبة عنها ومبانيها ما تزال قائمة:
1 - أشعار المشور الجديد لمحمد الخامس باب المشور، وقاعة المشور ، وقبة
العرض، وبهو النصر.
ليأتي بعد ذلك:
2 - أشعار القصر الكبير (قصر قمارش)، ثم واجهة قُمارش، ومحور قمارش الشعري، والإيوان المركزي لقاعة قمارش، وقوس مدخل قاعة قمارش، ثم قاعة البركة، فمدخل قاعة البركة، فقصيدة الرواق الشمالي لباحة الرياحين، فقصيدة الرواق الجنوبي، وطاقتا الرواق الجنوبي، وقصيدة كانت في البيت من القصر الكبير، والطابق العلوي للجناح الجنوبي، و
نتفة طيقان حجرات باحة الرياحين.
ليأتي بعده :
3 -شعر حمام دار الملك طاقة بيت السخون، و باب الحمام.
4 - أشعار الرياض السعيد (قصر الأسود): المحور، الشعري للرياض السعيد، ثم أشعار شرفة لندراخا ، شرفة لندراخا، ومدخل، وشرفة لندراخا، وقاعة الأختين، ومدخل قاعة الأختين، ونافورة الأسود، ومدخل قاعة بني سراج، ثم قاعة بني سراج، ونتفة في باحة الحريم.
6 - قطعة القصر النصري في الحمراء العليا.
7 - قصيدة خصة لندراخا.
8 - أشعار البَرْطَل : قاعة البَرْطَل، والطابق العلوي للبرطل.
9 - قصائد برج الأسيرة.
10 - شعر برج الأميرات.
11 - أشعار جنة العريف.
فيما تناول القسم الثاني: أشعار نظمت للنقش في الحمراء في مبان محددة أضحت أطلالاً.
1 - أشعار قصر الدشار
2 - أشعار البرطل العالي
3 - أشعار مبنى وقبة الدار الكبيرة ليوسف الثالث
فيما تطرق القسم الثالث: أشعار نظمت للنقش في الحمراء ووردت في الدواوين ولم نتمكن من تحديد أبنيتها أو موقع آثارها.
فيما طُرح في القسم الرابع: روضة الحمراء وأشعار شواهد قبور ملوك بني نصر.
فيما ذيل الكتاب بقائمة للمصادر والمراجع.
ويضم الكتاب الذي تولت طباعته جائزة الملك فيصل بالتعاون مع إدارة الحمراء وجنة العريف، ملحقًا للصور تميزت بدقتها العالية ووضوحها، إلى جانب جودة الطباعة وفخامة نوع الورق، والكتاب إضافة مهمة جدًا في نطلق الدراسات الثقافية والأدبية.
والجدير بالذكر أن قصرُ الحمراء هو قصرٌ أَثري وحصن وأحد أهم صروح العمارة الإسلامية المسلوبة في الأندلس. شَيَّده مؤسس دولة بني الأحمر «الغالب باللَّه» أبي عبد الله محمد الأول محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن نصر بن الأحمربين 1238-1273 في مملكة غرناطة خِلالَ النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي. يعد الآن من أهم المعالم السياحية بأسبانيا ويقع على بعد 267 ميلًا (430 كيلومتر) جنوب مدريد. تعود بداية تشييد قصرِ الحمراء إلى القرن الرابع الهجري، الموافق للقرن العاشر الميلادي، وترجع بعض أجزائه إلى القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر الميلادي. وقد استغرق بناؤه أكثر من 150 سنة.
ومن سِمات العمارة الإسلامية الواضحة في أبنية القصر؛ استخدام العناصر الزُخرفية الرقيقة في تنظيمات هندسية كزخارف السجاد، وكتابة الآيات القرآنية والأدعية، بل حتى بعض المدائح والأوصاف من نظم الشعراء كابن زمرك، وتحيط بها زخارف من الجص الملون الذي يكسو الجدران، وبلاطات القيشاني الملون ذات النقوش الهندسية، التي تغطي الأجزاء السفلى من الجدران.
في سنة 2007م، اُخْتِيرَ قصرُ الحمراء ضِمن قائمة كنوز إسبانيا الإثنى عشر في استفتاءٍ صوّت فيه أكثر من تسعة آلاف شخص.
بدايةً لم يكن قصرُ الحمراء سوى جزءا من مدينةِ الحمراء أو «قصبة الحمراء» التي تشمل قصر الحاكم والقلعة التي تحميه. وكانت مباني دور الوزراء والحاشية تتطور مع الوقت حتى غدت قاعدة ملكية حصينة.
عندما دخل القائد العربي أبو عبد الله محمد الأول غرناطة والمعروف أيضا باسم محمد بن نصر والملقب بالأحمر، نسبة للون لحيته الحمراء حكم غرناطة، بعد سقوط الدولة الموحدية، رحب به الشعب بهتافات:مرحبا بك يا أيها المنتصر، والذي أجاب: لا غالب اليوم إلا الله، وهذا هو الشعار المكتوب في جميع أنحاء الحمراء.
أنشأ سورًا منيعًا حول الهضبة التي قامت عليها «قلعة الحمراء»، وبنى داخل هذا السور قصرًا أو مركز حكومته، وسميت القلعة «القصبة الحمراء»، وصار قصر الحمراء جزءًا منها، وغدت معقل غرناطة الهام.
في أواخر القرن السابع الهجري، أنشأ محمد بن محمد بن الأحمر الغالب بالله ـ ثاني سلاطين غرناطة ـ مباني الحصن الجديد والقصر الملكي، ثم أنشأ ولده (محمد) في جوار القصر مسجدًا قامت محلّه فيما بعد (كنيسة سانتاماريا
تم الانتهاء من بنائه قبالة نهاية حكم المسلمين في الأندلس على يد يوسف الأول (1333-1353)م (733-754) هجري ومحمد الخامس سلطان غرناطة (1353-1391) ميلادي (754-792) هجري مع انقطاع بين سنتي 760 و763 خُلع خلالهما عن الحكم، ثم عاد إليه مجددًا ليبدأ في المرحلة الثانية من حكمه أهم التطويرات، ويكتب أغلب الأشعار التي يزدان بها القصر.
ولكي تكتمل الصورة لابد أن نلقي الضوء على عمارة القصر الذي يتكون من فناء الريحان الكبير: تتقدمه ساحة البركة أو «فناء الريحان» الكبير المستطيل الشكل، تتوسطه بركة المياه وتظللها أشجار الريحان؛ ونقشت في زوايا فناء الريحان عبارة (النصر والتمكين والفتح المبين لمولانا أبي عبد الله أمير المؤمنين...) والآية الكريمة (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم)، وفي النهاية الجنوبية لهذا البهو باب عربي ضخم، هدمت المباني التي كانت وراءه، ولم يبق منها سوى أطلال. وتوجد في هذه الأطلال بعض النقوش مثل «لا غالب إلا الله» «عزّ لمولانا السلطان أبي عبد الله الغني بالله». ويؤدي باب فناء الريحان الشمالي إلى بهو صغير اسمه «بهو البركة».
بهو السفراء: يؤدي البهو الذي يلي فناء الريحان من الجهة الشمالية إلى بهو السفراء (أو بهو قمارش) الذي يعد أضخم أبهاء الحمراء سعةً، ويبلغ ارتفاع قبته 23م. ولهذا البهو شكل مستطيل أبعاده (18 × 11م). وفيه كان يعقد «مجلس العرش»، ويعلوه «برج قمارش» المستطيل.
فناء السّرو: يؤدي بهو البركة من جهة اليمين إلى (باحة السرو). وإلى جانبها الحمامات الملكية، وأول ما يلفت النظر غرفة فسيحة زخارفها متعددة الألوان مع بروز اللون الذهبي ثم الأزرق والأخضر والأحمر وفي وسطها نافورة ماء صغيرة، وتعرف باسم غرفة الانتظار. أما الحمامات فتغمرها الأنوار الداخلة عبر كوات بشكل ثريات وأرضها مرصوفة بالرخام الأبيض، ومن الحمام يتم الدخول إلى غرفة الامتشاط والاستراحة التي تكثر فيها الرسوم الغريبة عن الفن الإسلامي، ويتخلل الحمامات أبهاء صغيرة.
قاعة الأختين: تقع في شرق بهو البركة. عُرفت هذه القاعة بهذا الاسم لأن أرضها تحتوي على قطعتين من الرخام متساويتين وضخمتين.
بهو السباع: تؤدي قاعة الأختين من بابها الجنوبي إلى بهو السباع أشهر أجنحة قصر الحمراء. قام بإنشاء هذا الجناح السلطان محمد الغني بالله 755 هـ / 1354م ـ 793 هـ / 1391م. وهو بهو مستطيل الشكل أبعاده (35م × 20م) تحيط به من الجهات الأربع أروقة ذات عقود يحملها /124/ عمودًا من الرخام الأبيض صغيرة الحجم وعليها أربع قباب مضلّعة. في وسط البهو (نافورة الأسود)، على حوضها المرمري المستدير اثنا عشر أسدًا من الرخام، تخرج المياه من أفواهها بحسب ساعات النهار والليل.
تعطلت مخارج المياه في هذه البركة حين حاول الأسبان التعرف على سر انتظام تدفق المياه بالشكل الزمني الذي كانت عليه. من الجدير بالذكر أن الحضارة الإسلامية استخدمت الفوارات في زخرفة الحدائق العامة والخاصة، وقد وصلت براعة المهندسين المسلمين في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي حدًا كبيرًا في صنع أشكال مختلفة من الفوارات يفور منها الماء كهيئة السوسنة، ويتم تغييرها حسب الحاجة ليفور الماء كهيئة الترس وفي أوقات زمنية محددة، وتمثل فوارات قصر الحمراء وجنة العريف نموذجًا متطورًا لما وصلت إليه إبداعات المسلمين في ذلك الوقت.
قاعة بني سراج: منتصف الناحية الجنوبية من بهو السباع مدخل قاعة بني سراج Sala de Los) (Abencerrajes الغرناطيين. ولهذه القاعة شكل مستطيل أبعاده (12م × 8م). فرشت أرضها بالرخام. وتعلوها قبة عالية في جوانبها نوافذ يدخل منها النور. وفي وسط القاعة حوض نافورة مستديرة من الرخام.
قاعة الملوك (أو قاعة العدل): في جهة شرق بهو السباع مدخل قاعة الملوك Sala de Los Reyes. زين سقف الحنية الوسطى بصور عشرة من ملوك غرناطة تعلوهم العمائم، تعبر ملامحهم عن الوقار والكبرياء. أولهم محمد الغني بالله. وآخرهم السلطان أبو الحسن والد أبي عبد الله. وهناك صور فرسان ومشاهد صيد.
منظرة اللندراخا: في جهة شمال بهو السباع وقاعة الأختين بهو منظرة اللندراخا Mirador de Lindarata. وذهب بعضهم في تفسير هذا اللفظ بأنه محّرف لثلاث كلمات عربية (عين دار عائشة). والجدير بالذكر أن عائشة كانت إحدى ملكات غرناطة في القرن الرابع عشر الميلادي. وإن لفظ (عين) يفيد (نافذة). وتتألف هذه القاعة من بهو صغير مضلّع.
متزين الملكة Peinador de La Reina: جناح علوي صغير في نهاية الطرف الشمالي للحمراء. تحت (برج المتزين) Torre de Peinador الذي يعود إلى عهد السلطان يوسف أبي الحجاج.
الجدير بالذكر أن الجناح المجاور لساحة الإمبراطور شارلكان من جهة الجنوب يحمل لوحة رخامية تذكارية تذكر أنه كان مقامًا للكاتب الأمريكي واشنطن إيرفينج عام 1829 الذي اشتهر بكتابته فتح غرناطة وقصر الحمراء.
الزاوية والروضة: وهناك منطقة مهجورة من القصر في جهة الغرب كانت زاوية أو مصلّى فيها ميضأة وقاعدة مأذنة... وكانت خرائب الروضة مدفنًا لملوك بني نصر ملوك غرناطة في جهة جنوب باحة السباع. وعثر في الروضة على شواهد عدة لقبور تعود لملوك غرناطة.
ويعد هذا القصر من أبرز المعالم الإسلامية التاريخية.