الثقافية - علي بن سعد القحطاني:
اختتمت هيئة الأدب والنشر والترجمة النسخة الثالثة من «مبادرة الشريك الأدبي»، بحضور الرئيس التنفيذي للهيئة الدكتور محمد حسن علوان، في حفلٍ أُقيم أمس في قصر الثقافة بمدينة الرياض، احتفت من خلاله بإنجازات 80 مقهى حول المملكة من شركائها الأدبيين، بجوائز مالية تتجاوز المليون ريال سعودي.
وشهدت النسخة الثالثة من المبادرة التي انطلقت في منتصف العام الماضي 2023، تطورات ملحوظة في عدة جوانب؛ أهمها ازدياد عدد الشركاء الذين تجاوزوا ضعف عدد النسخة الماضية، فيما توسّع جغرافية المبادرة إلى مناطق إدارية جديدة، إضافة إلى تحقيق عناصر الابتكار والجودة والإبداع في نوعية الفعاليات الثقافية والأدبية المقدمة، التي تجاوز عددها 4,103 فعاليات ومساهمات، حيث تنوعت الفعاليات والإسهامات لتشمل الأدب، والفلسفة، والنقد، والشعر، واستضاف خلالها الشركاء الأدبيون أكثر من 3500 ضيف من مختلف المجالات الأدبية والثقافية، مما جذب إقبالاً كبيراً، وحقق ارتفاعاً عالياً في إجمالي عدد الحضور من 17,705 زور إلى 101,269 زائرًا، بمعدل نمو يبلغ 472% مقارنة بنسختها الأولى. وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور محمد حسن علوان ل»الثقافية» على نجاح النسخة الثالثة من المبادرة، التي حققت رؤية الهيئة في صناعة ثروة أدبية متجددة، عبر إيجاد البيئة الممكنة لريادة الأدب السعودي بما يثري إبداع الأديب وجودة المنتج وتجربة المتلقي، والاعتماد على الشراكات الفعّالة، والكفاءات المؤهلة، والتقنيات المبتكرة، لترسيخ العمل المؤسسيِّ المستدام، موضحاً أن توسع النسخة الثالثة من المبادرة بتوزّع فعاليتها ومساهماتها جغرافياً على 13 منطقة إدارية و29 مدينة داخل المملكة، هو امتداد لرغبة الأفراد والمؤسسات بهذا النوع من المبادرات التي تخلق أرضاً خصبة لنشر الأدب والثقافة بأسلوبٍ مبتكر، وقريب من المجتمع.
وتُعد مبادرة الشريك الأدبي إحدى مبادرات هيئة الأدب والنشر والترجمة الكبرى، التي تستهدف من خلالها تعزيز دور المقاهي في كسر الحاجز بين المجتمع والأدب، وتقريبه من الأفراد، وجعله متداولاً وحاضراً في حياتهم اليوميّة بشكل مبتكر وأقرب لمتناول المجتمع، عبر إثراء تجربة الزائر للمقهى وجعلها تجربة ثقافية ممتدة الأثر، تساهم في جعل الثقافة أسلوباً للحياة، وتعزز من قيمة الأدب في حياة الفرد.
وأجرت «الثقافية» بمناسبة نهاية الموسم الثالث من المبادرة استطلاع صحفي حول تجربة مقاهي الشريك الأدبي مع عدد من الأدباء والمثقفين.
كانت الثقافة مقتصرة على دوائر النخب الثقافية والأكاديمية، وجاءت مبادرة «الشريك الأدبي «إحدى مبادرات هيئة الأدب والنشر والترجمة لتنقل الثقافة إلى الجمهور عبر عقد شراكات أدبية مع المقاهي التي تعمل على ترويج الأعمال الأدبية على نحو مبتكر وأقرب لمتناول المجتمع، مما يسهم في رفع الوعي الثقافي بشكل مباشر وتستهدف المبادرة زوار المقاهي بتقديم فعاليات ومساهمات أدبية وثقافية لهم، ومن خلال لغة الأرقام والإحصاءات فإن عدد الفعاليات الثقافية للمبادرة والتفاعل الجماهيري تضاعف على نحو تصاعدي منذ أن انطلقت من ثلاث سنوات.. وأجرت «الثقافية» بمناسبة نهاية الموسم الثالث من المبادرة استطلاعاً صحفياً حول تجربة مقاهي الشريك الأدبي مع عدد من الروائيين والمبدعين والأكاديميين.
نجاحات متصاعدة
في البداية أدلى الروائي المعروف الأستاذ يوسف المحيميد برأيه حول «تجربة الشريك الأدبي» وأشار إلى النجاحات المتصاعدة التي رافقت تجربة المقاهي الأدبية طيلة المواسم الثلاثة، وتمنى أن يكون هناك رصد وتسجيل وتغطية تلفزيونية متكاملة لفعالياتها، وقال:
أعتقد أن تجربة المقاهي الأدبية في ظل الشريك الأدبي التي أطلقتها هيئة الأدب والنشر والترجمة قبل نحو ثلاثة أعوام كانت تجربة متصاعدة في نجاحاتها خاصة مع حرص الهيئة على تقييم أداء هذه المقاهي في نهاية كل عام، وعلى المستوى الشخصي كانت لدي تجارب ناجحة في هذه المبادرة، شهدت حضورًا وتفاعلاً جيدًا، ولكن ما ينقص هذه التجارب لكي يكتمل نجاحها على نحو رائع هو الجوانب التسويقية، سواء قبل انعقاد الفعالية أو بعدها، خاصة مع سهولة ذلك من خلال منصات التواصل الاجتماعي، فمثلا بعد انتهاء الحدث، لا تتم التغطية الجيدة لها من خلال بث مقاطع فيديو تشويقية مما دار فيها، كما يحدث في البرامج التلفزيونية الجماهيرية.
لكن التجربة - بوجهٍ عام - تجربة ذكية ورائدة، فتحت المجال لعدد كببر من المقاهي الثقافية في مختلف مدن المملكة، مما يعني المزيد من الانتشار للمبدعين والكتاب، وخلق فرص جيدة للقاء الكتَّاب والمؤلفين بالقراء والدارسين.
حزمة من المبادرات
وعدّ الأستاذ القانوني منصور الزغيبي «مبادرة الشريك الأدبي من المبادرات الموفقة لهيئة الأدب والنشر والترجمة لتعزيز قيمة الثقافة في المجتمع وقال:
من المبادرات الرائعة ضمن حزمة من المبادرات تقوم بها وزارة الثقافة للنهوض بالثقافة، وقال جعلها أسلوب حياة ، وتعزيز قيمة الوعي الحضاري والثقافي والأدبي، وتشجيع أهل الثقافة والأدب، وخلق مساحات لهم في الأماكن العامة، وكذلك العمل على الوصول لجميع فئات المجتمع، وتحريك المواهب الشابة السعودية على المستويين المحلي والعالمي».
فكرة الشريك الأدبي فكرة ذكية ورائعة لم يسبقها مثيل في تنفيذها وسعى الشريك الأدبي في تقديم الأدب والثقافة والفنون خلال السنوات الماضية، وحتى الآن بأسلوب ذكي وجميل، من خلال دعم المقاهي ومقدمي اللقاءات وتيسير كافة السبل، ووضع جوائز تحفيزية عالية، من أجل إشعال روح الإبداع والابتكار والعطاء الثقافي بين المقاهي، والمثقفين والأدباء، ورواد المقاهي.
استطاع الشريك الأدبي أن يجدد روح الخطاب الثقافي، وينهض بالمثقف، ويوسع من انتشار دوائر النور والجمال والمعرفة والوعي والسعادة داخل المقاهي الثقافية، وأن يصلوا لكل فئات المجتمع ولا سيما فئة الشباب والشابات، وتحريك مواهبهم، وتشجيعهم وتحبيبهم بالمعرفة والثقافة، وحثهم على استثمار أوقاتهم بما ينعكس على حياتهم وأسرهم وبلدهم من خير ونور.
ومن الأشياء التي تدخل السرور هو تفاعل الناس مع هذه الجهود والاستفادة منها.
كانت الثقافة في السابق مقصورة على دوائر النخب المثقفة فقط في مواقع محدودة، لكن الآن الثقافة وانتشارها اختلفت بفضل الشريك الأدبي لأنها جددت في هذا المجال. وجهود الشريك الأدبي تحتاج تسليط الضوء عليها على نحو عميق وكبير، وقراءة آثارها الجميلة، وما صنعته من حراك ثقافي وأدبي جديد.
وجودة الحياة تتحقق في أن تكون الحياة والسلوك ثقافة ووعياً حضاري إنساني، وهذا ما رسمته رؤية 2030 .
كسر احتكار المثقفين
واستطاعت الأستاذة نورة العنزي من منسوبي نادي تبوك الأدبي في مداخلتها ل»الثقافية» من خلال مبادرة «الشريك الأدبي» استطاعت أن تتعرف إلى أسماء جديدة وأدباء ومثقفين من خلال ظهورهم المؤثر والبارز في المشهد الثقافي من خلال قراءة أوراقهم وقالت:
أبدت المقاهي الأدبية فعاليتها في نهضة الأدب في وقتنا الحاضر حيث أعدت المكان، وأحسنت الاستقبال لضيوفها بكل رحابة صدر وحسن ضيافة فكان لها الدور الأمثل في نشر الأدب وتفعيل المساجلات الشعرية والكتابية واللقاءات، وجعلت من الثقافة أسلوب حياة يومياً لا غنى عنه، وأغنت عن احتكار المثقفين.
والكتاب والأدباء وانحصارهم في مكان واحد.
أرقام وطموحات
وفي مداخلة للروائي إبراهيم المكرمي من خلال لغة الإحصائيات والأرقام ثمّن جهود هيئة الأدب والنشر والترجمة في مبادرتها المميزة «الشريك الأدبي» واحتفالها باختتام الموسم الثالث من أنشطتها وقال:
في مثل هذه الأيام قبل سنة كتبت مقالة بعنوان «شكراً للشريك الأدبي» في صحيفة الجزيرة كنت قد أوردت فيها بعضاً من تعجبي بالأرقام التي حققتها المبادرة ففي البداية قدمت نبذة عن كيفية قياس حالة تلقي المجتمع للأدب والتفاعل معه، وأوردت أرقاماً عالمية والنظرة إلى أرقام وإحصاءات الدورة السابقة كانت مذهلة للمبادرة واليوم ها أنا أدون أرقاماً جديدة أصابتني بذهول أكبر.
فلك أن تتخيل بأن عدد الفعاليات قفز للضعف من 1475 فعالية ثقافية إلى 3700 فعالية في دورة المبادرة الحالية في 80 شريكاً و29 مدينة من مدن المملكة بينما كانت في العام الماضي 41 شريكاً أي أن النجاح الذي حققته المقاهي في سبيل الإقبال والمبيعات دفع ما يوازي العدد الأول بأن يشارك، ويكون شريكاً مهماً في الحركة الثقافية، وهذا ما أسهم لنا بناتج 3700 فعالية بمعدل عشر فعاليات ثقافية يومياً بحضور تجاوز 120 ألفاً في جميع الفعاليات الثقافية، بينما كان الرقم السابق في الدورة السابقة 54 ألف حاضر.
أرقام أقل ما يقال عنها بأنها أعجوبة ثقافية ليس في منطقتنا العربية، بل في العالم لاعتبارات في مقدمتها بأن الحراك الثقافي هو الأقل نمواً في العالم كمعدل سنوي من بين جميع القطاعات لأسباب يطول شرحها، ولكن في مقدمتها الثقافة المجتمعية التي كانت الرافد الأول في ازدهار وتحقيق هذه الأرقام بالإضافة إلى شغف المهتمين في معرفة مخرجات الثقافة المحلية عن قرب وكثب.
وإذا أردنا قياس حالة الإقبال الثقافي فإن الشريك الأدبي يقدم لنا إجابة شافية وكافية بأننا قبل عام 2030 م سنصل إلى أرقام لم يسبقها مثيل تجعلنا في مقدمة الدول العالمية في هذا الشأن.
فهذه هي المبادرة الوحيدة من نوعها في مملكتنا التي قدمت لنا أسماء جديدة وشابة، وعرفت الناس على كتب ومؤلفات نشرت، ولم تحظ بالقراءة الحقيقية إلا من خلال منصات المقاهي، بل إن رؤية الناس لا شك لدي بأنها تغير من كون المقهى مكاناً لاحتساء القهوة والأحاديث إلى المكان الثالث للفرد وشارعه الذي يستمع فيها للطائف الكلم ومحفزات العقول وأجمل ما يقدمه الأدب والأدباء من بديع أفكارهم.
وأنهى الأستاذ إبراهيم المكرمي مداخلته بقوله: «أنا متأكد بأنني سأكتب في العام القادم عن نهاية الدورة القادمة بأرقام جديدة وطموحات جديدة ، ولا يسعني إلا شكر لكل فرد أسهم في تعزيز هذه القفزة الثقافية»
الثقافة أسلوب الحياة
وسجلت الأستاذة نوف العماري يومياتها مع مقهى «التشكيل» المعتمد لدى «الشريك الأدبي» من خلال مداخلتها لـ«الثقافية» وقالت: وكان في صباح يوم سبت مشمس ، اختلطت رائحة القهوة الطازجة مع الترقب في الهواء. دخلت إلى مقهى تشكيل، وهو ملاذ مريح لعشاق الأدب في مدينة الرياض تسابق قلبي كنت أحضر ورقتي لحوار مسائي من شأنه أن يشكل مفترق في رحلة الكتابة الخاصة بي. هذا اللقاء أسهم بحدوثه، مبادرة الشريك الأدبي الخاصة بوزارة الثقافة. ولأن وكما عَرفت المبادرة نفسها (الثقافة أسلوب حياة) كان عنوان الحوار (الرواية الاجتماعية).
مساءً اجتمع الحضور،كانت الغرفة مليئة بالطاقة- اجتمع القراء والصحفيون وزملائي الكتاب معاً، وكانت دفاتر ملاحظاتهم مهيأة.
تدفقت كلماتنا مثل النهر، وناقشنا عبر متاهة القضايا الاجتماعية الكثير, كان حواراً تتسابق أفواهنا لمناقشة أهمية الفكرة, والحبكة الروائية في تأريخ القضايا الاجتماعية وإحداث الأثر الجيد في فهم وحل القضايا الاجتماعية.
أشكر المقهى على صدره الرحب واحترافية التنسيق, وأشكر دون أي استثناء القائمين على المبادرة, وأشكر وزارة الثقافة لخلق كيان ثقافي داعم للتطوير أسمته الشريك الأدبي لتبقى دائما الثقافة أسلوبا لحياتنا.
تعزيز قيمة الأدب
وثمّن الأستاذ عبدالله وافيه الأهداف التي تسعى إليها مبادرة «الشريك الأدبي» في مداخلته لـ»الثقافية» وقال: من أهم أهداف الشريك الأدبي التي أطلعت عليها، أن «تجعل الثقافة أسلوب حياة»، و»تعزيز قيمة الأدب في حياة الفرد» وهذا في ظني تحقق جزء كبير منه في الثلاث النسخ الماضية للشريك.
التي أسهمت في جعل الأدب في متناول الجميع حضوراً ومشاركة، وكشفت عن مواهب لم يكن لتعرف الضوء لولا وجود هذه المبادرة عبر جسورها 80 في مختلف أرجاء الوطن.
وأحدثت هذه الفعاليات تقارباً وتلاقحاً أدبياً يضفي قيمة وأثراً في المشهد الثقافي. ويخلق بيئة من التنافس الشريف بين الشركاء لتحقيق أهداف المبادرة ومن ثم الترشح لجوائزها.
وحتى لا نبالغ في الاحتفالية ونقع في فخ المجاملات للشريك الأدبي سلبياته وله إيجابيات ويحتاج لترتيب بعض الأمور وتوضيح أكثر للراصدين والمتابعين للمشهد والذين تهمهم التفاصيل الصغيرة. سواء في مستوى المشاركة والدعم والمكافآت وغيرها.
كذلك قد يكون الخلل ليس في المبادرة نفسها، بل في من ينفذها من الشركاء في عدم استيعابه لفكرة الشريك وهمه فقط كيف يحصل على الجائزة، ويظن أنها بكثرة الفعاليات فيقع في سوء التنظيم وتطفل من ليس له علاقة بالثقافة ودخول هذا المجال والتنفع منه. لذلك من الأهمية بمكان أن يكون هناك رصد ومتابعة وتقييم وتغذية راجعة حتى تستوي المبادرة وتنضج.
نشر الكتاب السعودي
وتعد صيغة الشمري مبادرة «الشريك الأدبي» واحدة من المبادرات الساعية إلى جعل الثقافة أسلوب حياة وتعزيز قيمة الأدب في حياة الفرد وذلك في مداخلتها لـ»الثقافية» وقالت:
مبادرة «الشريك الأدبي» تعتبر واحدة من المبادرات الساعية إلى جعل الثقافة أسلوب حياة وتعزيز قيمة الأدب في حياة الفرد، مع دعم انتشار الكتاب السعودي محلياً وعالمياً.
الجميل أنها تستهدف رواد المقاهي بتقديم فعاليات وإسهامات أدبية وثقافية لهم، حيث تثري زيارتهم للمقهى، وتجعل منها تجربة ثقافية مختلفة، وتمكنهم من التفاعل مع القطاع الثقافي، وهذا هدف أساسي يسعى إليه الأدباء والمثقفون لتأصيل الروح الاجتماعية، ورفع الوعي الثقافي عبر تنظيم أمسيات تقرّب الجميع من ارتياد المقاهي للحصول على تجربة أدبية ثرية برؤى متجددة.
مبادرة «الشريك الأدبي» لاقت إقبالاً كبيراً بعد اختيار هيئة الأدب والنشر والترجمة 80 مقهىً شركاء في تطبيق المبادرة في نسختها الثالثة من أصل 190 مقهى ً سُجلت في المبادرة، حيث تستضيف المقاهي فعاليات أدبية متنوعة، وتقدم مساهمات في مختلف المجالات الأدبية ما يُثْرَى المبادرة، ويحقق الفائدة المرجوة منها.
النسخة الحالية من المبادرة ستكون أكثر فائدة من واقع التوسع في عدد الشركاء وتوزيعهم الجغرافي، ففي النسخة الأولى لم يتجاوز العدد 45 مقهىً، في تأكيد على التطور الكبير والسعي لفائدة أكبر للمتلقي في مختلف مناطق المملكة، فالمبادرة تغطى 29 مدينة في جميع المناطق، وهذا بالتأكيد يؤمن وصول الفعاليات الأدبية لشرائح واسعة، في ظل تفعيل الشركاء الأدبيين لبرامجهم الثقافية قبل نهاية العام الماضي بالتعاون مع عدد من الكتاب والأدباء والمثقفين.
اعتقد أن النسخة الحالية متنوعة للحد البعيد سواء أن في الموضوعات وطرح والأفكار، أو من ناحية التفاعل من كافة شرائح وفئات المجتمع، ما يجعل الثقافة أسلوباً لحياة الفرد، مشيراً إلى أن المبادرة -غير أهدافها الأساسية الرامية إلى جعل الثقافة نمط حياة، وترسخ قيمة الأدب في حياة الفرد- تعزز دور مؤسسات القطاع الخاص والثالث في النهوض بالقطاع الثقافي، وتزود الأفراد بمصادر الإلهام للإنتاج الأدبي والثقافي، وهذا من شأنه رفع ثقافة المجتمع لأعلى درجة.
لمسة ساحرة
وترى الأستاذة ابتسام التويجري أن مبادرة «الشريك الأدبي» في مداخلتها لـ»الثقافية» أنها تركت بصمة إيجابية واضحة على المشهد الأدبي، وأضفت لمسة ساحرة إلى الحياة الثقافية والأدبية، وقالت: تألقت هيئة الأدب والنشر والترجمة في المملكة بمبادرتها الأدبية الرائدة «الشريك الأدبي»، التي أضفت لمسة ساحرة إلى الحياة الثقافية والأدبية. تهدف هذه المبادرة الجذابة إلى توسيع دائرة الثقافة والأدب في المجتمع، وترسيخ دور الكوفيات كمنصة للتواصل والتفاعل الأدبي، حيث يمكن للأدباء والكتاب والمثقفين أن يلتقوا، ويتبادلوا الأفكار والآراء في أجواء مليئة بالإلهام والروح الإبداعية.
تركت هذه المبادرة بصمة إيجابية واضحة على المشهد الأدبي والمقاهي وزوارها، حيث أصبحت وجهة مغرية لعشاق الأدب والثقافة. لم تعد هذه الكوفيات مقتصرة على صغار المجتمعات، بل أصبحت مركزًا حيويًا للحوار الثقافي والتفاعل الأدبي بين الأفراد. وقد أسهمت المبادرة في تعزيز التنوع الثقافي، وتشجيع الحوارات المثمرة، وتبادل الخبرات بين الكتاب والأدباء.
تعد مبادرة الشريك الأدبي رائعة بكل ما تحمله من إيجابيات على المقاهي الأدبية. فقد قدمت الدعم المادي والتقني الضروري لتطوير بيئة هذه الكوفيات، مما أدى إلى تحسين تجربة الزوار وجعلها أكثر روعة. كما أسهمت المبادرة في تعزيز الروح الإبداعية والملهمة داخل الكوفيات، حيث يتلاقى الأفكار والتجارب الأدبية وتتبادلها بحرية.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل بعض النقاط التي تحتاج إلى اهتمام بتطوير المبادرة في المستقبل. من بينها الاهتمام بتوفير بيئة هادئة ومريحة للقراءة والاستمتاع بالكتب داخل الكوفيات، وتوفير فرصة للمبدعين الجدد للتعبير عن أفكارهم وعرض أعمالهم. كما يمكن تنويع الفعاليات الأدبية المقدمة وتقديم مزيد من النشاطات الإبداعية وورش العمل لتشجيع التفاعل وتعزيز المهارات الأدبية.
إن مبادرة الشريك الأدبي تعد خطوة جريئة ومثيرة في عالم الأدب والثقافة، وتحمل كثيراً من الفرص والتحديات. إنها تعزِّز التواصل الثقافي والتفاعل الأدبي، وتسهم في تطوير المجتمع الأدبي وتعزيز التنوع الثقافي. يجب أن نستمر في دعم هذه المبادرة وتعزيزها، وتوفير الظروف المناسبة لنمو الأدب والثقافة في مجتمعنا.
في النهاية، يمكن القول إن مبادرة الشريك الأدبي قد أثرت على نحو إيجابي على المشهد الأدبي والثقافي في المملكة. تعد هذه المبادرة خطوة مهمة نحو تعزيز القراءة والثقافة، وتوفير مساحة للتفكير الإبداعي والتعبير الأدبي. ومن المهم أن نستمر في دعم وتطوير هذه المبادرة، وأن نعمل سويًا لتعزيز دور الأدب والثقافة في بناء مجتمعنا.
الثقافة وجودة الحياة
وقدم الدكتور فراس الحربي رؤية شمولية لمبادرة «الشريك الأدبي» في دوراتها الثلاث على ضوء تجربته ومشاركاته بتقديم كثير من الأمسيات الثقافية في عدة مجالات منها تطوير الذات واللغة الإنجليزية والإعلام والصحة النفسية السلوكية، وقدمت تلك الأمسيات في مقهى حبر الثقافي بالمدينة المنورة المعتمد لدى «الشريك الأدبي» وقال في تصريح لـ «الثقافية»:
انطلقت قبل أكثر من سنتين مبادرة الشريك الأدبي بين وزارة الثقافة ومجموعة من المقاهي الثقافية التي بدأت بتقديم أمسيات ثقافية وأدبية وفنية يقدمها عدد من الشخصيات الثقافية والأدبية المرموقة والمعروفة ضمن نطاق مدنهم ومحافظاتهم ومجموعة من نجوم الشعر والفنون التشكيلية، وحتى ممارسي العمل الصحي والاجتماعي والنفسي والذين يقدمون الوعي المجتمعي في مجالات متنوعة ومهمة.
تهدف هذه المبادرة لزيادة وعي المجتمع ورفع مستوى جودة الحياة لدى الأفراد بجميع فئاتهم وأطيافهم ورفع الذوق الفني والأدبي والثقافي لدى المواطنين والمقيمين التي تعد من أهم مستهدفات رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله.
في الحقيقة تشرفت بتقديم كثير من الأمسيات الثقافية في عدة مجالات منها تطوير الذات واللغة الإنجليزية والإعلام والصحة النفسية السلوكية، وقدمت تلك الأمسيات في المركز الثقافي بالمدينة المنورة ومقهى حبر الثقافي، وفي قاعة أفنجارديا وكثير من الجمعيات التعاونية الخيرية، كما وجدت إقبالاً شديداً وشغفاً وحماساً من قبل الكثيرين من رجال ونساء طيبة الطيبة صغاراً وكباراً لدرجة أنه في أحد اللقاءات اكتظ المكان بالحضور، ووقف الكثيرون عند بوابة الدخول لحضور، ولو جزءاً بسيطاً من الأمسية لعدم وجود أماكن شاغرة مما يدل على نجاح مبادرة الشريك الأدبي التي تُشكر عليها وزارة الثقافة وقبل ذلك نشكر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عرَّاب الرؤية الذي فتح الأبواب لتغيير ثقافي وفكري وأدبي كبير لطالما حرمنا منه لعدة عقود.
لا يستطيع أحد أن ينكر ما يحدث في المملكة العربية السعودية من حراك ثقافي وأدبي وفني بسبب التغييرات التي أحدثها الأمير الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان والتي أحدثت ثورة ثقافية ووعي مجتمعي كبير جداً بالإضافة إلى تنوع الخبرات والمهارات وتذوق للفنون والآداب والمعرفة التي ستعود على حياة المواطن والمقيم بتحسين جودة حياته إلى الأفضل، ولا أنسى هنا أن أشكر وزارة الثقافة ووزيرها الشاب سمو الأمير بدر بن عبدالله الفرحان على كل ما تقدمه من مبادرات وأنشطة أثرت المجتمع السعودي.
ختاماً، جُل من أتمناه هو توجه الشباب والشابات من الجيل الجديد خاصة لحضور أمسيات الشريك الأدبي المنتشرة في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية لكسب الخبرات والمهارات وتنوع المخزون المعرفي والثقافي لديهم ليكونوا نافعين لأنفسهم ولدينهم ووطنهم.
مقاهي الأدب المؤنسة
ورأت الأستاذة نورة السحيمي في كلمتها لـ»الثقافية» أن المقاهي الأدبية عملت على تحريك عجلة الثقافة في المملكة العربية السعودية بمختلف مناطقها، وقالت: يرتاد الناس عادة المقاهي الأدبية التي حازت على مسمى الشريك الأدبي (ضمن مبادرة قامت بها هيئة الأدب والنشر والترجمة) ليأنسوا بالأدب وليجدوا حيزاً للنقاش الثقافي الذي لا يخضع لضغوطات زمانية أو مكانية، ولا يكون مفروضاً تحت سلطة تعليمية أو مقررات دراسية إجبارية، لذا يستطيع المثقف سواء أكان طالباً، أو باحثاً، أو قارئاً أن يتحرَّر من قيود إلزامية، وينطلق في نقاشه؛ ونستطيع أن نلمس الموهبة جلية ونميزها؛ إذ إنها وجدت في فضاء حر وفق رغبتها واختيارها، وفي لحظة مزاجية مواتية لإبداع الأديب أو الشاعر أو الفنان.
كما نستطيع أن نلمح فلسفة المفكر من خلال النقاشات والحوارات التي تجري في تلك المقاهي الثقافية المؤنسة، وهذا ما كان يدور في خلد طه حسين حينما قال: «فإذا شئت أن تلتمس الأدب العربي الذي لا يخلو من حياة وقوة ونشاط، فالتمسه في الصحف اليومية، وفي المجلات وفي الكتب وفي الأندية وفي الأحاديث، فستظفر منه بالشيء الكثير الذي لا يخلو من طرافة وشخصية واستعداد صالح للنمو».
ويبقى النقد أيضاً حاضراً في تلك المجالس الذي لا يقل أهمية عن حضور الإبداع، بل لقد تمكن (مقهى حبر) ونادي عبق الأدبي) من تحقيق رؤية طه حسين وإحضار الفكر النقدي من القاعات الأكاديمية إلى واقع الناس من خلال عدة موضوعات تم طرحها ومناقشتها، وإن كانت المناقشات ليست بعمقها المعرفي الشائك، لكنها تعد محاولات في غاية الأهمية لفهم موضوعات الساحة النقدية ورصدها، وإلقاء الضوء على إصدارات مهمة ولها وقعها النقدي، من مثل ما كتبه د. عبد الحق الهواس في كتابه (اللوحة الضائعة في معلقة طرفة بن العبد) من آراء جديدة، وكذلك المنهج الاستدلالي الذي طرقته د. عائشة باكوبن للموازنة بين آراء طه حسين ومعارضيه في كتابها (بين طه حسين وخصومه)، وأيضاً ما كتبه د. الغذامي في كتابه (الكتابة ضد الكتابة) وعمله التطبيقي لمشروعه الثقافي.
وتعمل هذه المقاهي الأدبية على تحريك عجلة الثقافة في المملكة العربية السعودية بمختلف مناطقها، ولا ننسى إعمال خاصية البث المرئي ليشارك الشريك الأدبي تلك المجالس المثمرة أكبر عدد من مثقفي الوطن العربي وأدبائه عبر السوشيل ميديا؛ ليشهدوا هذا الحراك وليعاش الأدب وليعيش في ظل هذه العناية الكريمة من وزارة الثقافة وليبقى الوجه الثقافي موازيا للوجه الحضاري للوطن الحبيب.
الشريك الأدبي والثقافة
وسجّل الأستاذ محمد المنصور الشقحاء عضو نادي الطائف الأدبي إعجابه بالأمسيات الثقافية التي حضرها، وقدّمتها مقاهي الشريك الأدبي، وقال: أقرأني أحد الأصدقاء بحضور مناسبة في قيصرية الكتاب بوسط الرياض ولفت نظري المكان أسواق وساحة المصمك واقتنيت نسخة من ديوان حميدان الشويعر من حراج الأدوات المستعملة والأثريات بعد حصولي على نسخة كهدية من جامعة الأستاذ محمد الحمدان -متعه الله بالصحة والعافية - أوصلها للمنزل مشكوراً أحد أولاده لا أدري لماذا اقتنيت نسخة مستعملة لم تشوهها قراءة مالكها.
وحضرت ندوة الصديق محمد المزيني والصديق عبد الواحد الأنصاري في أحد مقاهي الشريك الأدبي كانت جلسة سوالف وحوار، وعرفت أن جمعية «أدب» هي المشرفة على الفعالية، وهي تكرم المزيني والأنصاري بشهادة تقدير وكانت الفعالية برفقة الصديق أحمد السماري الذي شجعني على حضور فعالية شريك أدبي آخر أيضاً مقهى كان المتحدث الدكتور عبدالله العمري حول كتاب نقدي يتناول القصة القصيرة، وكانت جلسة حميمية يقطعها بمروره نادل المقهى لتوصيل الماء وكأس القهوة كطلب بعض الحضور.
ثم جاءت الفعالية الثالثة بمقهى ثالث كانت ماكينة تجهيز القهوة للزبائن تضايق الحوار والنقاش، وتشوش عليه بين وقت وأخر، وإن وجد هذه المرة اللاقط والسماعة المكبرة للصوت.
وجاءت الفعالية الرابعة في ذات المقهى الثالث تدشين كتاب الصديق خالد اليوسف الجديد «معجم الشعر» تحدث لليوسف عن الكتاب وأن هذه الطبعة قد تكون نواة لطبعة كاملة ومراجعة.
الشريك الأدبي لوزارة الثقافة مقهى ومكتبة مبادرة إيجابية إنما تحتاج إلى برنامج ورؤيا فاعلة لتحقق كيانات وزارة الثقافة أهدافها حاضراً ومستقبلاً يتوافق مع أدب وساحة أدبية متحركة تجاوزت القرن من العمر مركاز المقاهي في أطراف منطقة مكة المكرمة وقاعات الجامعات والمكتبات العامة والأندية الأدبية والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون والمنتديات الخاصة التطور إيجابي في ساحة ثقافية كنزها موروث شعبي وإبداع خلاق ومتنوع شعر وسرد ودراسات لغة عربية ونقد ومسرح وموسيقى وتشكيل المملكة العربية السعودية غنية أسماء ومنتج وحكومة رشيدة وزاراتها اهتمت بالثقافة والموروث الشعبي كداعم لخدماتها.
وزارة الثقافة هي الأم اليوم، وفي زمن رؤية 2030 وعرَّابها ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله.
على كياناتها التطوير ، وليس الإنشاء نحن أمه منتجه ومبهره ووطن اسمه المملكة العربية السعودية.
حضور متزايد للأمسيات
وفي مداخلة للروائي المعروف أحمد السماري أشار إلى نجاح مبادرة «الشريك الأدبي» وقدرتها لتحويل الثقافة كأسلوب حياة لكثير من أفراد المجتمع وتعزيز قيمة الأدب اجتماعياً, ودعم التعريف بالكتاب والكاتب السعودي وقال: عندما تم تداول مبادرة الشريك الأدبي قبل عدة سنوات تواصلت مع الأستاذ رائد العيد (مؤلف: دروب القراءة), مستفسراً عنها بحكم قربة من انطلاقتها وقتئذ, وسألته عن ماهية هذه المبادرة, ومن المستهدف بها؟ فكان جوابه مباشراً وشافياً: «هي شراكات أدبية مع المقاهي, وتهدف إلى ترويج الأعمال الأدبية بأسلوب مبتكر، وفي متناول أفراد المجتمع, في جميع المناطق والمدن». بعد مرور تلك السنوات (ثلاثة مواسم) ومن تجربتي الشخصية معها, يمكن القول إنها حققت تلك الرؤيا البسيطة في طرحها العظيمة في هدفها, ولقد لاحظت الحضور المتزايد لتلك الأمسيات من قبل الجمهور أو على مستوى الضيوف المشاركين في تلك المقاهي. وكل عام تنضج، وتتجذر أكثر عن الموسم السابق, ويظهر ذلك جلياً في بعض المقاهي، لكنه دون ذلك في البعض الآخر، الذي لم تواكب المرحلة، وتتماشى مع التطور، فظهر بعض القصور على سبيل المثال: تقنيات الصوت غير مناسبة للمكان, لا يتوفر توثيق تسجيلي للأمسية، اختيار مواعيد غير مناسبة (الوقت/اليوم)، تداخل صوت محمصة القهوة المزعج أثناء الكلام, عدم التحضير الجيد من بعض ضيوف الأمسية أو من يقدمهم ... إلخ. لذلك يحتاج الأمر إلى مزيد من التنظيم بين هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركائها من المقاهي المصرح لها, هذا من الناحية المادية, أما من الناحية الثقافية والمحتوى, فأقترح وضع تصنيف لنوع الأمسيات مثال (تقديم كتاب جديد - أمسية شعرية- مقابلة مع شخصية أدبية أو ثقافية- طرح موضوعات نقدية أدبية أو تاريخية ..إلخ- قصة نجاح ملهمة للشباب ...) إلخ.
ولكن يمكنني التأكيد من نجاح الهيئة لهذه المبادرة وقدرتها لتحويل الثقافة كأسلوب حياة لكثير من أفراد المجتمع وتعزيز قيمة الأدب اجتماعياً, ودعم التعريف بالكتاب والكاتب السعودي وغير السعودي في أوساط القراء, وخلق بيئة خلاقة من العلاقات العامة والتشاركية, بحضور أطياف متنوعة من قراء وصحفيين متخصصين في الشأن الثقافي, والعاملين في دور النشر, والكُتّاب والشعراء, والأكاديميين المتخصصين, والرعيل الأولى من الأدباء السعوديين مع الشباب الجديد. لقد أوجدت تلك المقاهي نوعاً من التعارف والألفة، وكسرت كثير من الحواجز النفسية، وبنت جسوراً وقناطر بين جزر تلك المجموعات, لتشترك جميعها في رفع مستوى الثقافة السعودية ريادياً وعالمياً. وأختم بتقديم مقترح للهيئة حتى تظل هذه المسيرة مندفعة للأمام والتقدم بمشيئة الله, وهي عبارة عن مبادرة تسمى (المختبرات الأدبية), على أن تحتضنها «البيوت الثقافية» وتنطلقا معاً, بمحتوى يزيد التخصصية في الطرح التحليلي والنقدي للمنتج الأدبي. السعودي, والاستفادة من الكم الكبير من توفر النقاد في الجامعات السعودية أو خارجها.
تجربة جميلة
وبارك الكاتب والصحفي علي فايع الألمعي مبادرة مقاهي الشريك الأدبي وعدّها تجربة جميلة وأعطت الفرصة للأجيال الصاعدة للمشاركة في برامجها وقدّم عدد من الملاحظات والاقتراحات في مداخلته ل»الثقافية» وقال:
أيّ عمل بشري لا يسلم من القصور والنقص، والشريك الأدبي ابتداءً تجربة جميلة ساعدت في تمرير الأدب لفئة أوسع من الناس، وفكّت الاحتكار، وأعطت الفرص للأديب وشبه الأديب في الحضور والمشاركة.
هذه ميزات ربما ينظر إليها بعض الأدباء على أنها سلبيات، وأرى أنّ الاختلاف في هذا الأمر محبّب ووارد إن بقي في حدود الرأي والرأي الآخر دون انتقاص أو تسخيف للتجربة بشكل عام.
بالنسبة لي، ومن خلال المتابعة لعمل الشريك الأدبي لثلاث دورات فقد لاحظت أنّ التجربة تتوسع، لكنها لا تتطور، ولا يلتفت القائمون عليها (مع الأسف) للنقد الجيد والهادف الموجّه إليها، وإن كنت أرى أنّ هناك فئة من المنتقدين لم ترق لهم التجربة من الأساس ولذلك لا يرون فيها أيّ جانب جيد وهذا إجحاف كبير في حق التجربة وفي المشروع الذي ساهم في الحراك الأدبي في ظلّ ركود وتلقائية وجمود الأندية الأدبية وجفاف الأنشطة الأدبية فيها، لأسباب كثيرة ليس المقام مناسبًا للخوض فيها!
هناك العديد من الملحوظات على أنشطة الشريك الأدبي أختصرها في نقاط:
* غياب التوثيق في زمن سهلت فيه المسألة وهذا التغييب لا يساعد على الانتشار والديمومة ويغيّب النقد الهادف والبنّاء.
* تكرار الأسماء ونقلها من شريك إلى آخر.
* غبط الأدباء حقوقهم المالية.
* غياب الرؤية العامة لهذا الشريك، وكأن الهدف ليس النشاط الأدبي بقدر ما الهدف الحصول على الدعم خلال العام وربما حظي بالفوز بجائزة الشريك في نهاية العام!
* الشريك الأدبي إن لم يدخل إلى هذا المشروع إيمانًا بالفكرة، فلن يكون له أثر إيجابي،وربما كان في دخوله لهذا المشروع إساءة لفكرة هدفها كبير، ومازال منتظرًا.
لتجاوز نواقص الشريك الأدبي أرى:
* تكليف الشريك الأدبي بتعيين مستشار ثقافي لكلّ شريك راغب في المشاركة.
* الشفافية مع الأديب وإشهار اللوائح المعتمدة في هذا النشاط.
* التوثيق للمناشط والفعاليات بالنشر لتعمّ الفائدة وليس الاكتفاء بالصور لأنّ الصور لا تنقل ما دار في الشريك الأدبي بقدر ما تسوّق للحضور فقط.
* التركيز على النوع وليس الكمّ ، لأنّ الأرقام ليست دليلًا على ترك الأثر ولا على النجاح.
كسر صنمية النخبوية
وكان خاتمة الاستطلاع لـ«الثقافية»مع المترجم فهد بن متعب الشمري الذي شارك في مجال تخصصه بالترجمة أربع فعاليات ضمن الشراكة الأدبية وعلى ضوء تجربته رأى أن المبادرة ساهمت في رفع الوعي الثقافي على نحو مباشر لدى الأفراد وقال:
لا شك أن مبادرة الشريك الأدبي تسهم في رفع الوعي الثقافي مباشرة لدى الأفراد. وكونها تصل إليهم، وهم في أماكنهم المحببة للراحة وإزجاء الوقت كالمقاهي، كان من الطبيعي أن يتبين أثرها الكبير، فالثقافة، كما يقولون، أسلوب حياة، فلا توجد هنا قيود أو حواجز أو «نخبوية» أو «دعوات خاصة»، كما هو الحال في الأندية الأدبية والندوات الدولية، وهذا ما يجذب الفرد البسيط إلى حضورها. تشرّفت بالمشاركة في أربع فعاليات ضمن الشراكة الأدبية يدور معظمها في فلك الترجمة والأدب. وبطبيعة الحال تختلف هذه المشاركات تبعًا للمستضيف والمقدم والحضور، بل وحتى مكان الندوة، ناهيك عن عنوانها. كان أقصى ما يهمني فيها تفاعل الحضور مع الندوة ومحاورها والتحاور معهم مباشرة، فأنا من طبيعتي أميل إلى الحوارات المفتوحة ودون قيود فالأفكار تتولد في لحظة والأحاديث تتمدد وتتوسع. كذلك لا يفوتني التنبيه بجدارة واستحقاق المقدمين والمقدمات ممن استضافوني في تلك الندوات وحرصهم على البحث والدقة والجهوزية والثقافة العالية لديهم. لا شك أن مبادرة الشريك الأدبي خطوة عملاقة في طريق ردم الهوة الكبيرة بين الثقافة والفرد وتيسير أدوات التواصل بينهما. ما أتمناه فقط عدم الاكتفاء بموسم معين للشريك الأدبي، بل استمراره طوال العام، وفي كل المدن. وتبقى في النهاية همة القائمين عليها في هيئة الأدب والنشر في الترويج لها على نحو أكبر في وسائل التواصل.