كتاب «شرح فصيح ثعلب» من مؤلفات ابن خالويه (ت370هـ) المهمة؛ لأنه كبير الحجم، ويحوي كثيرًا من ثقافة ابن خالويه ومروياته وآرائه اللغوية، ولكنه وصلنا في مخطوطة وحيدة سقيمة محفوظة في الأسكوريال بأمريكا، وبلغ من سقمها عجز الدكتور عبد الرحمن العثيمين -رحمه الله- عن تحقيقها رغم استعانته بنفر من أهل العلم، كما ظل الأمل معلَّقًا بالدكتور حاتم صالح الضامن لمدة خمسة وعشرين عامًا لتحقيقها ومات ولم يخرجها - رحمه الله-.
ثم ظهر الكتاب عام 2017م بتحقيق وتعليق كل من:
- أ د. عبد الله بن عمر الحاج إبراهيم وقد حقَّق اللوحات)1-25، 44ب-46 ب( وكتابة المقدمة؛ أي حقَّق من أول الكتاب حتى أثناء (ص139)، وأثناء (ص244-252) من الكتاب المحقق.
- ودكتور خالد بن محمد التويجري وحقق اللوحات من(26-60)؛ أي من الكتاب المحقق أثناء (ص139-333).
- ودكتور سعيد بن علي العمري وحقق اللوحات من(61-93، 46ب -48ب)؛ أي أثناء(ص333-438)، و(ص253-265).
وصدر التحقيق عن مركز البحوث والتواصل المعرفي بالرياض. وقد استغرق تحقيقه عامين كما ذُكر في المقدمة، ويتكون من:
- مقدمة عامة (ص5-10)، تحدثوا فيها عن أهمية الكتاب وإحجام الباحثين عن تحقيقه بسبب رداءة النسخة الخطية الوحيدة للكتاب، وعن موضوع الكتاب وهو شرح فصيح ثعلب، وأهمية فصيح ثعلب، والشروح التي قامت عليه وناهزت الخمسين وما طبع منها وما لم يطبع، ومكانة شرح ابن خالويه بين هذه الشروح حيث هو ثانيها بعد شرح ابن درستويه، وتحقيق الدكتور الضامن لهذا الكتاب وعدم ظهوره للنور، وتقسيم العمل بين المحققين، ومعاناة النسخة اليتيمة السقيمة، وجهدهم في التخريج والتوثيق، واعتذار عن اختلاف المصادر والمراجع المحال عليها بسبب الاشتراك.
- مقدمة التحقيق (ص11-42): وشملت ترجمة المؤلف من حيث: اسمه وشيوخه ورحلاته وشهادة العلماء له، والدفاع عن اتهام ابن خالويه بالضعف في النحو واللغة، وأشهر تلاميذه ومصنفاته، ثم شروح الفصيح ومنظوماته وتتميمه ونقده والرد عليه وتهذيبه وترتيبه، ثم شرح الفصيح من حيث نسبته ومنهج ابن خالويه فيه ونسخة شرح الفصيح ومنهج التحقيق.
- وصور المخطوطة (ص43-54).
- ونص الكتاب المحقق (ص55-483).
- والفهارس العامة (ص485-725)، التي جاءت شاملة وافية دقيقة شملت كنوز الكتاب؛ ففيها فهرس: الآيات، الأحاديث والآثار، الأمثال والأقوال والتراكيب، الأشعار والأرجاز، الكتب، الأماكن والبلدان، الأعلام، الألفاظ، المسائل اللغوية، المصادر والمراجع، أبواب الكتاب.
وهو عمل يستحق الإشادة والاحترام، وهو شجاعة فائقة في مواجهة نسخة خطية أتعبت أهل الخبرة والجلَد، والطبعة قشيبة، معتنى بها إخراجًا فنيًّا وطباعة.
ولكن هناك بعض الهَنَات التي وقفت عليها عَرَضًا، أحببت أن أذكرها لعلها تراعى في الطبعات القادمة للكتاب؛ فتسهم في كماله، وهي:
أولا: أخطاء طباعية:
كما هو موضح بالجدول
ثانيًا: نقص توثيق:
- قول ابن خالويه في «غوى الرجل» (ص4) نقله عنه اللَّبَلي (ت691هـ) في «تحفة المجد الصريح» (ص25)، ولم يوثقه المحقق.
- قول ابن خالويه في «لغب الرجل» (ص6) نقله عنه اللَّبَلي (ت691هـ) في «تحفة المجد الصريح» (ص61)، ولم يوثقه المحقق.
- (ص12) عند الحديث عن تفسير «الأرقم إنْ يُقتل ينقم»، أشار لوجود النص في تحفة المجد الصريح وهو فيه بلفظ (معناه) وأثبتها المحقق (معنى) وفيها نظر.
- قول ابن خالويه في «أجِنَ الماء وأسِنَ»، نقله عنه اللَّبَلي (ت691هـ) في «تحفة المجد الصريح» (ص122-123، 125). ولم يوثقه المحقق.
- قول ابن خالويه في «وجبت الشمس» (ص192)، نقله بالمعنى أبو سهل الهَرَوي (ت433هـ) في كتابه «إسفار الفصيح» (ص500)، ولم يوثقه المحقق.
- البيتان (ص413) نقلهما عن ابن خالويه ابن هشام اللخمي في شرحه للفصيح (ص253)، ولم يوثقه المحقق.
- قول ابن خالويه في «جُرز» نقله عنه ابن هشام في شرح الفصيح(ص284)، ولم يوثقه المحقق.
ثالثًا: تكرار في الحواشي:
- (ص150) تكررت ترجمة ابن مجاهد والسَّمَّري، حيث تقدمت الترجمة لهما (ص7، 54)، وهذا كثيرًا ما يحدث في الأعمال المشتركة.
- وتكرر تخريج بيت (ص109، 150، 446)، والإحالة تكفي. وفي الموضع الأخير أحال على الموضع الوسط، والإحالة على الموضع الأول أولى، أو الإحالة عليهما معًا.
- ترجم لعَدي بن زيد العبادي (ص455)، وقد تقدم مرارًا.
رابعًا: خطأ في تكوين السياق وترتيب الكلام:
- (ص174) الفقرة الثالثة، السياق به خلل كبير، وهناك كلمات من كتاب «تحفة المجد الصريح» تستحق أن تضاف للسياق ليستقيم بعضه، وغالب ظني أن هناك سقطًا أو اختلال ترتيب كلام حاشية النسخة مع متنها.
خامسًا: ربط النص بعضه ببعض:
- ربط لغة الفراء في مال(ص333) بثمود(ص380).
سادسًا: تصحيف:
-(ص398)، سطر(2)، تصحَّفت كلمة «الصفا» إلى «القفا».
سابعًا: سقط:
- السطر الأخير (ص174) قبل آخر كلمة، سقط منه: «من المِلح بقَدَر»؛ كما في تحفة المجد الصريح (ص141).
ثامنًا: الفهارس:
- فهرس الكتب، لم يذكر في فهرس الكتب كتاب الماءات، وقد أشار إليه ابن خالويه (ص333).
-وأيضا في فهرس الكتب لم يذكر كتاب «ليس»، رغم أن ابن خالويه أشار إلى بعض أبوابه، مثل باب أسماء الأسد (ص296)، وباب المُلح (ص173).
-وأيضًا في فهرس الكتب ذكر المحققون كتب الأضداد لأبي الطيب اللغوي، وهذا الكتاب لم يذكره ابن خالوية، بل قال ابن خالويه: «وفي الأضداد». والمقصود بالأضداد هنا هو أضداد أبي عبيدة، الذي نقل عنه أبو الطيب اللغوي نفسه.
- ذكر كتاب الأزمنة (ص567) وكتب بجانبه (غير منسوب)، وهو لابن خالويه نفسه والسياق واضح في ذلك.
- فهرس الأعلام المنهج المتبع فيه من عدم تجاهل (ابن وأبو وأل التعريف) منهج ملبس، والأولى تجاهلهم في الترتيب.
- ورد في الصفحات التي ذكر فيها الفراء (ص249)، والصواب (ص248). كما كررت (ص360)، وذكرت (ص393) ولا ذكر للفراء فيها.
- ذكر اليهود والنحويون والكوفيون وهُذيل والفرس مع الأعلام، والأولى جعلهم في الأمم والقبائل، أو إضافة لفظ القبائل والأمم في عنوان فهرس الأعلام.
- فهرس المصادر (ص 701)، يحتاج إلى إكمال توثيق كتاب «الرد على الزجاج».
وختامًا، فهذا التحقيق يستحق الإشادة والتوقير؛ لإقدامه على نسخة فريدة وغير واضحة تعثَّرت أمامها الجهود، وحرصه على النص وخدمته رغم صعوبته، والفهارس الشاملة الدقيقة المبينة عن كنوز الكتاب، فجزيل الشكر للذين قاموا بهذا الجهد الكبير، وخدمة هذا السفر العظيم.
** **
د. محمد علي عطا - رئيس قسم اللغة العربية وعلومها - جامعة باشن العالمية المفتوحة بأمريكا
MA.ATA.2020@GMAIL.COM