من أهم ما قد يدفع الطفل للإمساك بكتاب وقراءته أن يرى المحيطين به يفعلون ذلك. فلا يكفي تشجيعهم على القراءة وحده؛ بل لا بد من وجود القدوة؛ لأن الأطفال يميلون إلى تقليد ما يرونه أكثر من تطبيق ما يسمعونه من نصائح نظرية. وهنا يمكن للوالدين مثلًا أن يجعلوا أوقات قراءتهم متوافقة مع وجود أولادهم، وتشجيعهم على ذلك، واختلاق أحاديث معهم عن الكتب والقراءة حسب ما يناسب أعمارهم. فمثلًا يمكن الحديث عن كتاب فاز بجائزة عربية أو عالمية، وقيمة الجائزة، وإن أمكن ذكر نماذج ناجحة لأشخاص كان للقراءة دور في نجاحهم إن على الصعيد العربي أو العالمي.
ولا نجدنا هنا بحاجة إلى تكرار الحديث عن أهمية القراءة للطفل وتنمية وعيه العام، وزيادة قاموسه اللغوي الذي ينعكس بالضرورة على حديثه مع الناس، وأهمية ذلك كله في تحسين جودة حياته عمومًا.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه ينبغي شراء كتب تتناسب مع عمر الطفل ورغبته وميوله والمرحلة التي يعيشها؛ فمثلًا ربما لا تناسبه الكتب الكبيرة الحجم أو صعبة الفهم، ومن ثم يجب أن نختار الكتب الخفيفة أو التي تتضمن صورًا ملونة، ككتب المانجا اليابانية، وهي كتب القصص المصورة التي اشتهرت اليابان بتبنيها، ويوجد أمثالها باللغة العربية حاليًّا.
ويعد إشراك الأطفال في شراء الكتب المخصصة لهم من أكبر المحفزات لهم على حب الكتب ثم قراءتها. كما يمكن تخصيص أوقات للقراءة من خلال بعض الأجهزة الذكية إن كان الطفل شديد التعلق بها، مع ملاحظة ألا يحصل له نوع مما يسمى التشتت الإلكتروني؛ بحيث ينجرف مع الروابط التشعبية التي قد تكون مرفقة ببعض النصوص الإلكترونية، أو ينحرف عن القراءة إلى أمور أخرى كالألعاب أو مواقع التسلية، أو يقع في حبائل المتصيدين والمخترقين على الشبكة العنكبوتية.
وكلما حصل ربط بين الطفل (الصغير تحديدا) وما يقرؤه من جهة، وما يحيط به من جهة أخرى، ازداد ارتباطه بالقراءة. فعندما يقرأ الطفل عن وسائل النقل مثلًا فإنه يجدر بالأبوين أن يرياه ذلك على الطبيعة، وكذلك الأمر عندما يقرأ عن الحيوانات أو الفواكه والخضراوات.
ومما يشجع الطفل على القراءة اختيار كتاب ثم مشاهدة فيلم حول موضوعه، وأن تكون الكتب في كل مكان في البيت لا في غرفة محددة. وعندما ينتهي الطفل من قراءة كتاب يتناقش الوالدان معه حول موضوعه. وكذلك اعتماد الكتب هديةً تُقدَّم له، وإذا رغب في تقديم هدية لشخص ما فيشجعه الوالدان على أن تكون كتابًا.
وهنا يجب على الوالدين أن يجعلا أوقات القراءة ممتعة لهم، وفي الوقت المفضل لهم، مع جعله برنامجًا يوميًّا ولو لوقت قصير، وألا يكون بنفس صرامة التعامل مع الكتب في المدارس، فعندما يفقد الطفل اهتمامه بالقراءة أو بكتاب معين ينبغي التوقف عنها.
** **
- يوسف أحمد الحسن