الفكرة التي أحاول طرحها هي ماذا لو قرأت كتابًا نال إعجابك وأخذ بتلابيب قلبك وشعرت أنه يُمثّلك تمامًا من حيث أفكاره وكلماته، وأنه يلامس مشاعرك، ثم بعد مدة قرأت السيرة الذاتية لكاتبه لتكتشف جوانب خفية من حياته تتصادم مع قناعاتك أو أفكارك، أتستمر في حب الكتاب بما يحمل من أفكار بغض النظر عن كاتبه؟ أم تتوقف عن ذلك وتمقته بسبب شخصية كاتبه؟
فالكاتب الذي يكتب عن الحب قد يكون سيئًا في جانبه الشخصي، وقد يكون ارتكب ما يسمى بالعنف الأسري، والروائي الذي يتحدث عن قيمة الحرية قد يكون عكس ذلك على الصعيد الشخصي.
هنا قد تبدو المسألة معقدة نوعًا ما للبعض، وقد يمر القارئ بمرحلة صراع داخلي بين قناعاته ومشاعره ثم قد يستقر على أحد الخيارين اللذين ذكرنا.
لكن الاختبار الأصعب من هذا هو أن يتعرف القارئ على الكاتب أولًا، أو أن يقرأ سيرته الذاتية أولًا (أو على الوجه القبيح منه على الأقل) قبل أن يقع على أحد كتبه الذي جذبه عنوانه وموضوعه؛ هنا قد يقف القارئ بين مفترق طرق؛ فهل يقتني الكتاب من الأساس؟ ثم هل يقرؤه؟ وحين يفعل ذلك أيؤثر ذلك في قناعاته بمضامينه أم لا؛ معتنقًا مقولة: «لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال»؟
وهنا قد يتساءل البعض عن إمكانية الفصل بين جوهر العمل وشخص المبدع؛ أهي ممكنة أم لا؟ فالقارئ الذي يقرأ كتابًا ويُفتن بمحتواه شكلًا ومحتوى، قد يجد نفسه في تصادم وعدم توافق مع كاتب العمل حين يشعر أن شبح الكاتب يطفو له في كل كلمة يقرؤها، وروحه تتقافز بين سطوره؛ أفيستمر في القراءة والإعجاب به ويتبنى ما يرد فيه من أفكار أو رؤى على أساس أن الكتاب يخرج من ملكية كاتبه بمجرد أن يُطبع؟ أم أن موقفه السلبي المسبق منه سوف يلقي بظلاله على تقبله له؟ ثم أيحق لنا أن نحكم على الكتاب من أخلاق وشخصية كاتبه؟ أم أن الأمرين منفصلان؟
ولا يقتصر الأمر على كون ذلك نزعة أو رغبة شخصية لكراهية الكتاب بسبب كراهية كاتبه، بل قد يُعد موقفًا أخلاقيًّا مرتبطًا باحتمال أن يعطى الكاتب شرعية أو أن يحسب ذلك وقوفًا إلى جانبه مع ما قام به من خطايا ربما تتصادم وتتناقض حتى مع ما ورد في كتابه.
** **
- يوسف أحمد الحسن
@yousefalhasan