حاوره - كمال الداية:
تستضيف الثقافية في هذا العدد أحد أوائل الروائيين الذين كتبوا في ميدان الخيال العلمي، وقد حظيت رواياته بقبول لدى القراء، حيث استطاعت سلسة (سعوديات)، أن تنقل المتلقي إلى عوالم أخرى جديدة بعيدة عن الواقع، وكان الحقيل قد أصدر مؤخرًا روايته الجديدة (عودة الشر) التي تدور أحداثها في مدينة المستقبل نيوم، العديد من الأسئلة والمحاور المهمة سيجيب عنها الحقيل في هذا الحوار..
* بما أنكم من أوائل من كتب روايات الخيال العلمي في المملكة، كيف تنظرون لمستقبل هذا النمط من الروايات في المملكة؟
واقع هذه الروايات مزدهر، فرؤية المباركة رسمت خارطة الطريق لمستقبل مزدهر، ومن أهم مخرجاته تحسين جودة الحياة والتطوير العلمي والاستثمار في الكوادر البشرية الوطنية، إضافة الى أن توجه الجيل الحالي ومن سيتبعه بعدد من الأجيال يميل إلى الخيال الجامح المرتبط بالفضاء والعوالم الجديدة وما ينتج عن ذلك الخيال من أفكار ترسم برؤيتها نمط الحياة، ومستقبل البشرية، والتعرض للتساؤل المستمر هل هناك مخلوقات فضائية قد تشاركنا يوما ما الحياة، هناك فعلا عدة تساؤلات تتمحور حولها روايات الخيال العلمي في نظرة القارئ أو المشاهد وهذا ما تم استغلاله من كبار المنتجين الغربيين وخاصة هوليوود حيث اكتظت السينما الامريكيه بافلام الخيال العلمي مما جعل هناك رتابة وإعادة للأفكار إذ إنهم كشعب واحد وثقافة واحدة لم يعد هناك الكثير ليقدموه ،حتى برزت الصين كأحد أهم رواد أفلام ومسلسلات الخيال العلمي وحظت بجماهيرية هائلة ،وكذلك كوريا اللتان استغلتا ذلك الفن لنشر قيمهما وتقاليدهما، ومع اختلاف الثقافات أعتقد أنه جاء الدور الآن على الشرق الأوسط ليثبت للعالم أجمع انه قادر بل سيكون الأقدر على رسم خارطة الخيال العلمي الجديدة برؤية عربية هذا المرة وتحت سماء عربية بل سعودية بإذن الله ولنا ان نرى في نيوم هذا النموذج الأنجح عالميا، لهذا اخترت هذا النمط ليكون انطلاقتي لهذا الفن العالمي الراقي للعالم اجمع بروايتي التي صدرت مؤخرا تحت اسم (عودة الشر ).
* هل لهذا النوع من الروايات أصل في التراث؟
تحدثت عن ذلك بإسهاب خلال أولى ورش الخيال العلمي السعودية التي أدرتها بمدينة الرياض بمكتبة الملك فهد عبر بيت الرواية، وأؤكد لكم أنه كوسيلة لفهم العالم من خلال التكهن ورواية القصص، تعود كما يقال جذور قصص الخيال العلمي إلى علم الأساطير أو الميثولوجيا، ونجد بوادر ظهور الخيال العلمي عند المفكر السوري لوقيان السميساطي في بعض مؤلفاته - القرن الثاني للميلاد، وكذلك في بعض حكايات ألف ليلة وليلة، وحكاية قاطع الخيزران في الفلكلور الياباني في القرن العاشر للميلاد وبعض كتابات ابن النفيس في القرن الثالث عشر للميلاد.
وتعتبر قصة رحلات غوليفر المنشورة في عام (1726) للكاتب الإنكليزي جوناثان سويفت واحدة من أوائل أعمال أدب الخيال العلمي الممنهجه، بجانب قصة ميكروميجاس (1752) للكاتب والفيلسوف الفرنسي فولتير، وقصة صومنيوم التي كتبها يوهانس كيبلر بين عامي (1620 - 1630) واعتبر كل من إسحاق أزيموف وكارل ساغان هذه القصة كأول قصة خيال علمي، وهي تصور رحلة إلى القمر وكيفية مشاهدة حركة الأرض من هناك، ومثال آخر هو قصة (نيلز كليم الذي يسافر إلى جوف الأرض) للكاتب النرويجي لودفيج هولبيرج، وكذلك رواية فرانكنشتاين (1818) للكاتبة الإنجليزية ماري شيلي، حيث يعتبر كاتب الخيال العلمي الإنكليزي برايان ألديس بدوره هذه الرواية كأول عمل في الخيال العلمي.
ولا ننسى رواية حي بن يقظان لابن الطفيل المتوفي في مراكش .
* هناك من النقاد من يربط بين السخافة وروايات الخيال العلمي، فما هو سبب ذلك برأيكم؟ وبصفتكم رائد لهذا الأدب في المملكة من ترونه الاجدر بنقد هذا الفن من الأدب؟
مع احترامي لأولئك النقاد، لكن هل هم ممارسون فعلا لأدب أو كتابة روايات الخيال العلمي ..!
ثق بي أن معظمهم لا يعلم الفرق بين الفانتازيا والخيال العلمي، وهم يغردون كالسرب جماعات خلف بعضهم دون نضج فكري ثقافي يتطلب استيفاء معايير النقد الأدبي الاحترافي الذي يتطلب الولوج بتفاصيل أي فن يراد بحثه ونقده او الابتعاد عن ذلك المضمار..
ومما ساعدهم ان هناك من الكتاب الروائيين للأسف الشديد من يكتب روايات دون ان يعرف تصنيفها او يتغاضى عن تصحيح اللبس في التصنيف..
فسبق وفصلت ذلك بلقاء سابق بمجلة الجزيرة الثقافية وأوضحت أن الخيال العلمي قائم على ركائز أهمها المستقبل واستشرافه وأن تبنى على اساس ومنطلق علمي (فيزيائي مثلا) وأن يمكن تحقيق تلك الابتكارات يوما ما في المستقبل بتقنيه متقدمة والأهم عدم اعتماده على السحر ..
والجانب المهم للأمم أن الخيال العلمي يفيد ويخدم البشرية وتطورها الحضاري، فلك أن تتصور أن الروبوتات الطبية وغيرها وأشعة الليزر المستخدمة بالطب وكذلك الأسلحة الرشاشة وعدد من المقاتلات الحربية كانت نتيجة للخيال العلمي وتحققت.
بينما الفانتازيا لغة الاساطير وتكون بالماضي غالبا وتعتمد على السحر ولا يمكن تحققها على أرض الواقع..
وهناك أيضا ما يطلق عليه روايات الرعب وهي معروفه للجميع.
الجدير بالذكر أن هناك من يصنف روايات الجن من الفانتازيا، بينما الفانتازيا كما ذكرنا وذكر غيرنا اساطير، فكيف تكون الحقيقة المثبته بكتاب الله اسطوره لا تمت للواقع بصلة..
لاشك أن هذا الفن الروائي حديث نسبيا بالشرق الاوسط وبدول الخليج، وتحدث مثل هذه الأخطاء غالبا إلى أن تنضج التجارب ويتم تصنيفها كلا حسب فحواه دون تداخل..
وفيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال عمن هم الأجدر في نقد وبحث هذا الأدب فهم قلة مميزة معدودون على أصابع اليد الواحدة وعلى رأسهم الدكتور: أحمد حسين عسيري.
* كيف تنظرون لاهتمام وزارة الثقافة بروايات الخيال العلمي؟وما اخر اصدارتكم بهذا المضمار ؟
حسنا سأجيبهما معا لكونهما بالنسبة لي مترابطين، فالتحفيز يولد الانتاج ..
أحدثت بالفعل وزارة الثقافة نقلة نوعية في رسم خارطة الأداب بأنواعها خاصة الخيال العلمي، وقد كنت بالفعل أحد المشاركين بأحد أكبر مؤتمرات الخيال العلمي بالعالم الذي اقيم بمدينة جدة تحت رعاية وزارة الثقافه اواخر .
وأستطيع القول أنه كان نقطة فارقة نقلت الخيال العلمي في المملكة بل والشرق الأوسط إلى مستويات جديدة من الأضواء، ناهيك عن حرص الوزارة بأعلى هرمها القيادي على دعم هذا الفن النادر جدا بشتى الطرق ،وهذا حقيقة ما شجعني بعد توقف عدة اعوام عن الكتابة منذ (مهمه في بوشهر) م، لأعود مجددا إلى الساحة بسلسلة سعوديات العدد الخامس: عودة الشر، والتي تدور أحداثها في مدينة نيوم التي كما أراها المكان والبيئة المناسبتين لادارة تلك الأحداث العالمية في الخيال العلمي وككتاب خيال علمي أقول: (من منا يستطيع أن ينظر الى نيوم ولا يستلهم الابداع ويستنطق قلمه ..!).
ونهايه اللقاء أشكر «الجزيرة الثقافية» على دعمها المتكرر لفن أدب الخيال العلمي وتغطيتها الاحترافية المستمرة له ولكافة المناسبات الأدبية.