يعود بعض القراء إلى قراءة بعض الكتب التي سبق أن قرؤوها في شبابهم أو في فترات سابقة من حياتهم وذلك لعدة أسباب؛ منها الحنين إلى أيام سابقة وقديمة كانوا يمرون بها؛ وهو ما يسمى النوستالجيا. وتعرف النوستالجيا (Nostalgia) بأنها الحنين للماضي، وهي كلمة مأخوذة من اليونانية القديمة وتعني (ألم الشوق)؛ أي الألم الذي يصيب المرء نتيجة حنينه إلى ماض.
ويرى بعض علماء النفس أن النوستالجيا آلية دفاع يستخدمها عقل الإنسان لتحسين حالته النفسية أو المزاجية عند مواجهته لصعوبات. وليس من الضروري أن الحنين للماضي يعني أن ذلك الماضي كان جميلاً بالفعل؛ لكن العادة ألا يُتَذَكَّرَ إلا ذلك الجانب المضيء منه، رغم كونه يضج بالمشاكل والآلام. هذا الحنين للماضي هو ما أشار إليه الشاعر بقوله:
كم منزل في الأرض يألفه الفتى
وحنينه أبدًا لأول منزل
لذا فحين يقرأ شخص ما كتبًا سبق أن قرأها منذ مدة فهو هنا يعيش حنينًا إلى أيام مضت. وحينما يستل ذلك الكتاب في المستقبل ويتصفحه أو يقرؤه رغم معرفته بمضمونه فإنه قد يحاول في تلك اللحظات أن يهرب من واقع يعيشه باتجاه ماض عاشه إبان قراءته لذلك الكتاب ويحن إليه الآن. وقد يكون دافع تلك القراءة هو قراءة مواقف أو أحداث أو أفكار كان لها معنى في ماضي القارئ أو قد يعدها جميلة أو جديرة بالعودة إليها.
وهناك جانب آخر في النوستالجيا وهو أن قراءة كتب معينة (ولو مصادفة) قد تجر إلى العيش في ذكريات قديمة والحنين إليها، أو تدفع قارئها إلى قراءة كتب قرأها في عمر مضى.
وأخيرًا فإن مما يستثير نوستالجيا الكتب مشاهدة إهداءات كتب قديمة بتوقيعات كتّاب ربطتك بهم علاقة ما ربما تغيرت أو تبدلت حاليًّا؛ تطورًا أو تراجعًا، أو حتى انتهت بقطيعة أو وفاة.
** **
- يوسف أحمد الحسن
X:@Yousefalhasan