الثقافية - كتب:
صدر كتاب: «الوثيقة» لمعالي الأستاذ الدكتور: عبدالله بن محمد الفيصل، المشرف العام ورئيس مجلس أمناء كليات الشرق العربي، وهو كتاب يحكي سيرة معاليه منذ بداياته الأولى في بلدة عودة سدير وحتى تسنمه لرئاسة أكبر الجامعات في المملكة وهي جامعة الملك سعود، وحياته بين القطاعين العام والخاص، وقصة تأسيسه لكليات الفيصل التي تحول اسمها لكليات الشرق العربي، وكانت افتتاحية الكتاب بأسطر عنونها المؤلف ب»دعوة وتأمين مستجابان»، يقول فيها:
«في يوم من أيام الشتاء شديد البرودة اجتمع طلاب مدرسة القرية انتظاراً لمعلمهم الذي يعلن بقدومه بداية اليوم الدراسي وتحديد واجبات كل طالب أو مجموعة طلاب، ولأن البرد شديد والشمس في بداية إشراقها أشعل الطلاب كالعادة ناراً في مؤخرة المدرسة للتدفئة وتحلقوا حولها، بالمناسبة المدرسة أو الكتاب كما توصف الآن غرفة كبيرة ملحقة بالمسجد الجامع لها باب واحد صغير يفتح على الشارع لا على المسجد وبها نوافذ متعددة (فرج) على الشارع وعلى المسجد مفروشة أرضاً بالرمل الناعم، وهذا الرمل يجلبه الطلاب أنفسهم من خارج القرية وكلما اختلط الرمل بالتراب أو بما تلقيه الرياح والأقدام أخرجه الطلاب واستبدلوه بر مل جديد، وهذا يتم مرة أو مرتين في العام، ويعتبر تبديل رمل المدرسة يوماً سعيداً للطلاب لأنه يعفيهم من واجبات ذلك اليوم.
يجلس الطلاب على مقاعد مبنية من الطين والحجارة أو من الطين فقط (اللبن)، يختلف ارتفاعها عن الأرض باختلاف حاجة الطلاب المخصصة لهم، فهناك مقاعد مرتفعة للكبار، عادة تكون مما يلي المعلم (المطوع) وأخرى منخفضة يجلس عليها الطلاب الصغار وللمعلم كرسي من الطين أيضاً، لكنه أرفع من كراسي الطلاب جميعاً وله متكآن من اليمين ومن الشمال يتكئ عليهما المعلم ومعه عصا طويلة عادة تكون من جريد النخل القوي المجفف في الظل بطول متر ونصف أو مترين، يجلس الطالب الذي يريد المعلم اختباره أو متابعته أو التركيز على عمله. يجلس أمام المعلم على رمل المدرسة وتبدأ الحلقة الخاصة مع انشغال الطلاب في دروسهم (خططهم ) أحياناً يكلف المعلم اثنين أو ثلاثة من الطلاب المتقدمين في دراستهم بمساعدة الطلاب الصغار. يحمل الطلاب المبتدئون في الدراسة ألواحاً خشبية يكتب لهم فيها خططهم الدراسية اليومية الكتابة بمادة سوداء تحضر محلياً ويستخدم عود صلب من شجر القرضي قلماً للكتابة، يغسل اللوح بالماء لإزالة الخطة التي تجاوزها الطالب، وعندما يجف اللوح تكتب خطة أخرى والخطة إما جزء من حروف الهجاء مدخلة في جمل لتعويد الطالب القراءة أو سورة أو جزء من سورة من القرآن الكريم للطالب المتقدم قليلاً، الطالب الذي تجاوز دراسة الهجاء ولم يصل مرحلة حمل المصحف، أما الطالب الأكثر تقدماً الذي اجتاز مرحلة الهجاء فيحمل المصحف لدراسة القرآن الكريم.
نعود إلى محور هذه القصة، تحلق الطلاب حول النار، وعلت أصواتهم مشاجراتهم ومداعباتهم ومظاهر شقاوة بعضهم مما يجعل السامع لا يميز ما يدور من حديث.
في هذه الأثناء دخل شيخ وقور قاصداً مقابلة المطوع (المعلم) الذي لم يصل بعد رحب الطلاب بقدوم الشيخ وأخلوا له المكان كل منهم يطلب أن يجلس مكانه، وهذا التصرف ليس مستغرباً على أبناء القرية فكلهم ربي تربية تكرم الكبير وتعز منزلته.
جلس الشيخ أمام النار في حلقة الطلاب الذين لم يكن له من بينهم ابن ولا حفيد ولا سبط، وخيم على الطلاب صمت مستوجب تقديراً للجالس بينهم، وليقطع الشيخ حجاب الصمت قال لهم ادعوا معي ، ثم رفع صوته الوقور قائلاً «اللهم يا كريم يا ذا العرش العظيم، يا سميع يا عليم هب لي ثلاثة من الأبناء يدرسون معكم في هذه المدرسة ويجلسون معكم في هذه الحلقات . رفع الطلاب أصواتهم آمين آمين استجابة للشيخ الداعي ومساهمة في تحريك محيط الصمت ورغبة في بداية الحديث مع الشيخ الضيف. استجاب الله تعالى لدعاء الشيخ أو لتأمين الطلاب أو للجميع فدخل هذا الكتاب وأمام هذا المطوع (المعلم) ثلاثة من أبناء الشيخ الوقور فمنهم من ختم القرآن بل وجوده كما تقول ثقافة ذلك العصر، ومنهم من تجاوز دراسة نصف القرآن الكريم، ثم افتتحت المدرسة النظامية وانتقلوا إليها.
ولا يزال يظهر ما يعتقد أنه استجابة لها في كل حقبة زمنية. فثمانون من أولاد وأحفاد هذا الشيخ رجالاً ونساءً يحملون لقب دكتور، وخمسة عشر منهـم مــن حملة درجة الماجستير في مجالات متعددة. ولعل تأسيس كليات الشرق العربي للدراسات العليا (كليات الفيصل) حلقة من حلقات إجابة ذلك الدعاء وذلك التأمين. رحم الله والدي، وأسكنه فسيح جناته وأسعده في آخرتــه بما لم يتمكن مــن الاستمتاع به في دنياه. إنه نعم المولى ونعم النصير»
أما القسم الثاني الذي يمهد لمادة هذا الكتاب الذي يحكي سيرة معالي الدكتور عبدالله الفيصل، فهو بعنوان : ما قبل البداية: الأمثال النجدية والبيئة، وقد افتتح بحديث عن الأمثال النجدية، يقول: «ومن الأمثال التي تناسب هذا التقديم القول بأن «الطبع يغلب التطبع» والقول بأن «كل امرئ ميسر لما خلق له» لعل هذه الأمثلة أو هذه الأقوال ذات علاقة ببعض صفات كاتب هذه الوثيقة أو تفسر بعض سلوكه. فقد نشأ في ظروف وبيئة تحتمان على المرء أن يكون جاداً أو حريصاً وذا تطلع إلى الأمام، وأن يعتمد على حقائق الأمور لا على خيالات يصنعها ذوو الخيال الخصب.
ورغم ما عنده من ملكة شعرية، والشعر كما يقال يصاحب الخيال إلا أن ذلك لم ينقله مما ذكرت، كما أن ما ورثه عن أسرته شكل شيئاً من صفاته. فقد كان جاداً في صغره فخلال دراسته الابتدائية في مدرسة القرية كان ترتيبه الأول في جميع سنوات تلك المرحلة.
وكان أساتذته ينيبونه في ريادة الفصول والقيام بما يقوم به الأستاذ عند غيابه. بل يذكر أنه عندما تقدم للاختبار الشفهي في القرآن الكريم أمام لجنة اختبار إتمام الدراسة الابتدائية قال له رئيس لجنة الاختبار : أنت يا عبد الله ما يحتاج تختبر لن نضيع وقتنا معك فدرجتك كاملة دون اختبار. ولم تجلسه اللجنة لذلك الاختبار، ولم يقتصر الأمر على الدراسة وقاعاتها وفصولها بل حتى في النشاط غير الصفي كانت توكل إليه الأدوار الجادة الرصينة؛ مثال ذلك عندما أقام نادي المدرسة الثقافي مسرحية تمثل فيها معركة القادسية وعظمتها بحضور وجهاء القرية والمسؤولين عن التعليم أسند له القيام بدور الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ولا يزال يحفظ تلك النصيحة الخالدة التي ألقاها عمر بن الخطاب عند توليته الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص قائداً لتلك المعركة، كما لا يزال يذكر قيامه بدور الخليفة أبي جعفر المنصور في مسرحية تمثل متابعة رجال الدولة العباسية لرجال الدولة الأموية عند سقوط الدولة الأموية وظهور الدولة العباسية.
ولم يقتصر الأمر على علاقاته في مدرسته، بل تجاوز ذلك إلى علاقاته في محيط القرية وبين وجهائها وأصحاب الحل والعقد فيها، ولعل ما يسلط الضوء على هذا الدور عرض إنابة إمام المسجد الجامع له في إلقاء خطبة الجمعة وإمامة المصلين عند سفر الإمام خارج القرية رغم صغر سنه؛ حيث لم يتجاوز في تلك الفترة الحادية عشرة من العمر.
لعل وفاة والده -رحمه الله- قبل أن يتجاوز الخامسة من العمر. والذكر الحسن الذي خلفه ذلك الوالد والمكانة المقدرة التي تحتلها الأسرة في محيطها وقيامه بمهام رعاية الأسرة في غياب أخويه لعل هذه الأمور ساهمت بشكل ظاهر جداً في تكوينه خاصة سمعة والده وسمعة الأسرة فقد كان حريصاً على أن يحافظ على تلك السمعة ويضيف إليها أو على الأقل لا يساهم في إخفائها، كان والده -رحمه الله- ركناً من أركان المجتمع في بلده. في تلك الفترة كانت مدن نجد وقراها تمثل الوحدات التي تدار إدارة كاملة من قبل أهلها وكان يتصف برجاحة العقل وهدوء الأعصاب وقول الحق والكرم والشجاعة والإنصاف ورعاية القيم بل وتقدير دور التوازنات القبلية والاجتماعية في القرية. وكان رأيه في الغالب هو الراجح عندما يطرح أمرا يهم القرية في مناقشة جادة أمام أهل الحل والعقد فيها؛ لأنه رأي منصف دائماً لا يتحيز لمصلحته أو مصلحة قبيلته، بل كان يصفه الجميع بعبارة قليل « الشر».
أما الكرم فقد كانت له فيه مرتبة عليا؛ فقد كان له مجلس يسمى «القهوة» خارج المنزل لكن متصل به بابه مفتوح دائماً ليلاً ونهاراً يرتاده الضيوف وأبناء السبيل والراغب من أهل القرية والمجلس عامر بمستلزمات تجهيز القهوة فمن قدم من ضيف أو عابر سبيل أو راغب من أهل القرية يجد في قهوة ابن فيصل مقصده سواءً كان صاحبها موجوداً أم لا. وقد كانت القهوة ميراث شرف بعد والده (جد كاتب هذه السطور) وقد سجل ذلك شاعر القرية عند قوله:
أبو محمد شبها وأرخص المال
في سوقنا شبت دلال المعزة
وكان رحمه الله يعتمد على إيراد مزارعه - خاصة مزارع النخيل - كمصدر للدخل، فحيازة النخيل في تلك الفترة تكسب صاحبها أماناً اقتصادياً وتقديراً اجتماعياً في مجتمعه. وقد كان يخصص جزءاً من ثمر تلك النخيل لأعمال الخير في صوره المختلفة.
هذه العوامل المحيطة بنشأة الفتى جعلت منه رجلاً قبل موعد الرجولة ولم تتح له المرور بمرحلة الشباب أو مرحلة المراهقة كما يصفهما علماء النفس، فلم يشعر بأنه مر بيوم من تلك الفترة، كان يتحدث مع الرجال ويستقبل الضيوف ويقيم لهم الولائم ويشارك في التجارة والأحداث الاجتماعية نيابة عن عائلته، وكان ينظر إلى المستقبل نظرة علمية لم يكن بالمتشائم ولا بالمتفائل ولم يكن جانح التفكير لا يميناً ولا شمالاً. وكان محركه الرئيس أن يكسب لنفسه ولأسرته ولمجتمعه سمعة مرموقة تضيف كما قلت سابقاً إلى رصيد الأسرة. فعندما أنهى الدراسة الابتدائية كان أمامه طريقان إما أن يلتحق بمعهد إعداد المعلمين بقرية مجاورة تبعد عن قريته عدة كيلو مترات، وهو مرحلة تعليمية مدتها ثلاث سنوات بعد الدراسة الابتدائية يلتحق به حملة الشهادة الابتدائية ليعدوا مدرسين للمرحلة الابتدائية. وكانت هذه المعاهد تستقبل حوالي 90 % من متخرجي المرحلة الابتدائية، وكان السبب الرئيس للالتحاق به ضمان الوظيفة بعد التخرج فقد كانت أسر القرية والقرى المجاورة، بل أسر المملكة في تلك المرحلة محدودة الدخل، وكانت رواتب المعلمين مغرية لشاب لم يتجاوز عمره الخامسة أو السادسة عشرة؛ حيث كان يعين براتب يبلغ (525) ريالاً شهرياً، وهذا مبلغ يسيل اللعاب لآباء يمضي عليهم العام كله دون أن يحققوا ربع ذلك المبلغ من العمل الشاق في الزراعة أو الأعمال المهنية أو حتى من التجارة. كما أن قريته أو القرى المحيطة بها حتى التي يوجد بها معهد للمعلمين لا يوجد بها مدارس متوسطة. فالتعليم الحديث لا يزال غير منتشر في تلك المرحلة فلم تنتشر مدارسه الابتدائية في المنطقة رغم قربها من الرياض إلا في منتصف عقد السبعينات بعد الثلاث مئة والألف من هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكان الاهتمام بإيجاد معلمين يساهمون في سد الفراغ الكبير الذي أحدثه توجه الملك سعود بن عبد العزيز ووزير معارفه ثم الملك فهد - رحمهما الله - في نشر التعليم في عموم أرجاء البلاد. وقد أدرك بحسه الثاقب أن معهد المعلمين لن يحقق له طموحه، بل إنه سينتهي في وقت مبكر معلماً في قريته أو قرية مجاورة رغم ما في راتب المعلم من إغراء مالي لمن هو في مثل ظروفه، ورغم أن أسر القرية تتمنى أن يحظى أبناؤها بشهادة إتمام معهد المعلمين ثم تصدر مجالس القرية ومنتدياتها معلم حقق لأهله الدخل المادي الجيد والسمعة المرموقة. رغم كل ذلك لمحظ فكرة معهد المعلمين بتقديره.
وكان لا مناص من الذهاب للرياض للالتحاق بمؤسسة تعليمية تفتح له طريق المستقبل وتوصله إلى نهاية ما يمكن أن يصل إليه طالب علم أو راغب في ألا يكون خلف الصف بأي حال من الأحوال. حملت الأسرة حقائبها وانتقلت إلى مدينة الرياض العامرة بالمعاهد في مختلف التخصصات والمدارس المتوسطة والثانوية بل والكليات الجامعية. من البديهي لمن هو في مثل تطلعه أن يسأل ويقارن ويضرب ويجمع ويطرح قبل اتخاذ قرار يحدد له مستقبله، وحيث إن أخويه سبقاه إلى مدينة الرياض كما أن عدداً من أسر القرية انتقلت إلى هذه المدينة، فقد هيأ له وجودهم مصدر معلومات خصب عن المدينة ومدارسها ومعاهدها وظروف وميزات كل معهد أو مدرسة أو مؤسسة . فطرحت أمامه المدرسة المتوسطة ذات السنوات الثلاث التي تقوده إما إلى المدرسة الثانوية أو إلى أحد المعاهد الفنية المتخصصة بجانب المدرسة المتوسطة طرحت للنقاش معاهد فنية مبكرة تؤهل طالبها لمهنة شريفة يكتسب بها مصدر دخله.
وجاء طرح المعهد العلمي ذي الخمس سنوات يتأهل بعدها الطالب إلى إحدى الكليات الناشئة والمغرية كلية الشريعة وكلية اللغة العربية. وزاد من ميزة هذه المؤسسة أنها تقدم للطالب مكافأة مالية تبلغ (250) ريالاً في الشهر. وهذا مبلغ يعادل نصف راتب زميله المعلم المتخرج من معهد المعلمين. وقد كان لتلك المكافأة دور رئيس في اختياره للمعهد العلمي؛ لأنه تعود أن يكون معيناً لأسرته لا عبئاً عليها. وبالمناسبة لم يكن دخول المعهد، العلمي في ذلك الوقت متاحاً لكل راغب عليه طلب شديد جداً، وكان الأمر يقتضي اجتياز اختبار قاس لدخوله وقد تقدم لذلك الاختبار وحقق فيه درجة عالية يسرت له الانخراط في صفوف ذلك المعهد. لكن هل يكتفي بما حققه من درجات عالية في اختبار القبول، وتقدير مميز من معلميه وإدارييه وزملائه يشعره كل ذلك بالتفوق والإحساس بالرضى ؟ الجواب لم يكن في تلك الحالة، بل كانت له تطلعات أخرى، كان يعرف ما هي المدرسة المتوسطة وماذا يدرس فيها وأين تنتهي بمتخرجها. وكانت رغبته في سلوك ذلك الطريق، صحيح أن في المدرسة المتوسطة مكافأة مالية تصرف للمغترب من الطلاب. المغترب هنا من جاء من منطقة ليس حولها مدرسة متوسطة). وكان يكره من صغره الشفاعات والوساطات وربما التأثير في الوثائق، كما أنه يدرك من صغره مشاكل بيروقراطية العمل الحكومي فلم يعول كثيراً على إمكانية حصوله على مكافأة الطالب المغترب لو اتجه للمدرسة المتوسطة. كيف يجمع بين الحسنيين إذاً: علوم المعهد العلمي الرصينة ومكافأته المغرية من جانب، وعلوم المدرسة المتوسطة ذات المنهج الحديث وما تقود إليه من مرحلة ثانوية ثم ما بعد ذلك ؟ اتخذ قراراً جاداً في الجمع بينهما عن طريق الالتحاق بالمدرسة المتوسطة الليلية، ومضت عليه السنوات الثلاث الأولى من قدومه للرياض منشغلاً صباحاً بدراسة المعهد العلمي وليلاً بالدراسة في المدرسة المتوسطة إلى جانب انشغاله بشئون الأسرة وتسيير مصالحها ومع ذلك فقد حقق تفوقاً في المنهجين توج بجوائز تشجيعية من أساتذته ولا يزال يذكر جائزة أستاذ البلاغة الدكتور محمد بن صالح الجاسر - سلمه الله - ثم أتم المرحلة المتوسطة والتحق بالمدرسة الثانوية الليلية أيضاً، وأنهى السنوات الثلاث الأولى من المعهد العلمي.
ولظروف مالية التحق بوظيفة حكومية في ديوان الموظفين (وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية حالياً) وحافظ على موقعه في المعهد العلمي منتسباً واستمر في الدراسة الثانوية ليلاً، بل التحق بدورة مكثفة لدراسة اللغة الإنجليزية في معهد الإدارة العامة.
بعد ذلك يحكي الكتاب تعدد الخيارات أمام أبي محمد، فكان بين مفترق طرق هي:
1- الاكتفاء بالوظيفة والتفرغ للحياة.
2- البقاء في الوظيفة واستمرار الانتساب لكلية الشريعة فقط. البقاء في الوظيفة واستمرار الانتساب لكلية الشريعة والانتساب الجامعة الملك سعود.
3- البقاء في الوظيفة والانتساب الجامعة الملك سعود فقط.
4- التفرغ للدراسة كلياً في كلية الشريعة فقط.
5- التفرغ للدراسة في كلية الشريعة والانتساب الجامعة الملك سعود. التفرغ للدراسة في جامعة الملك سعود فقط. - التفرغ للدراسة في جامعة الملك سعود واستمرار الانتساب لكلية الشريعة. الالتحاق ببعثة وزارة الداخلية للدراسات البوليسية في الولايات المتحدة.
فاختار المسار الثالث وهو البقاء في الوظيفة والاستمرار في كلية الشريعة منتسبًا والانتساب لجامعة الملك سعود!
وقد تخرج من كلية التجارة في تخصص المحاسبة وإدارة أعمال، وتعين معيدًا في الكلية، لينطلق إلى البعثة في الولايات المتحدة الأمريكية، ليعود بشهادة الدكتوراه، وقد تدرج في جامعة الملك سعود التي تولى إدارتها على مدى ثلاثة عقود في مراكز مختلفة إلى جانب مراكز مختلفة هي:
مدير جامعة الجوف المكلف. مدير جامعة القصيم المكلف عند إنشائها. مدير جامعة الملك خالد المكلف عند إنشائها.
وبعد انتهاء عمل معاليه في القطاع الحكومي استثمر خبرته العريقة في تأسيس كليات الفيصل التي تحول اسمها إلى كليات الشرق العربي حاليًا.
ويروي في هذا الكتاب بالتفصيل حكاية تأسيس الكليات وتطويرها وجميع مراحلها بالتفصيل، ويقع الكتاب في 399 صفحة من القطاع المتوسط، طبع على ورق سلوفان فاخر ملون، وهو كتاب سيري مهم لأحد الرموز الذين خدموا الوطن في مجال التعليم العالي.