الثقافية - بريدة - كمال الداية:
نظّمت ثلاثة أندية أدبية، وهي: (جدة والرياض والقصيم) حفل تكريم للدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن التركي مدير تحرير جريدة الجزيرة للشؤون الثقافية سابقًا على مسرح نادي القصيم الأدبي في مدينة بريدة.
وقد بدئ الحفل بآيات من الذكر الحكيم، ثم ألقى الدكتور أحمد بن سليمان اللهيب المدير الإداري لنادي القصيم رئيس اللجنة المنظمة للحفل كلمة نيابة عن الأندية الأدبية الثلاثة مشيرا إلى مسوغات التكريم، ومقدما الشكر لرؤساء الأندية الأدبية الثلاثة ولأعضاء اللجان العاملة والمشاركين في الحفل وفي الندوة، بعدها شاهد الحضور فيلما عن المحتفى به تحدث فيه الناقد الكبير الدكتور عبدالله الغذّامي، ورؤساء الأندية الثلاثة، بعد ذلك جاءت كلمة المثقفين التي ألقاها الدكتور عبدالعزيز السبيّل، وتضمنت استدعاء ذكريات مع المحتفى به تعود إلى خمسة عقود، ثم ألقى الشاعر صالح بن إبراهيم العوض قصيدة شعرية من أربعة وعشرين بيتًا، وعنوانها «غربة الأعراف»
يقول فيها:
العَزْمُ أمضَى، إذا لَمْ تُفْنِهِ الرِّيَبُ
والجَدُّ أسخَى، إذا جادَتْ له السُّحُبُ
الريحُ أَوَّابَةٌ في كلِّ معْتَرَكٍ
لم تَنْهَزِمْ، والرُّؤَى في أُفْقِها تَثِبُ
طافَتْ على البِيدِ آمالاً مُجَنِّحَةً
فاستنْهَضَتْ هِمَماً تسمُو وتُنتَخَبُ
من أرضِ مَنْ أوثَقُوا حَبْلاً تُجاذِبُهُ
زاهي المفاخِرِ فاختالَتْ بِهِ الرُّتَبُ
مِنْ أرضِ يَعْرُبَ حينَ (القولُ معجِزَةٌ)
سادتْ بِهِ الكونَ في آفاقِهِ العرَبُ
من موطِنٍ جَدَّ فيهِ المجدُ وارتفَعَتْ
راياتُهُ فوقَ هامِ السُّحْبِ تنتصِبُ
راياتُهُ الخُضْرُ في أيدٍ مُؤَمَّنَةٍ
قد جَنَّدوها لِعيْنِ الشمسِ تقترِبُ
على سِنانٍ إذا مُسَّتْ مناصِلُهُ
تأهَّبَتْ غضْبَةُ الفُرْسَانِ تَلتَهِبُ
لمْ يَرْعَها غيرُ أبناءٍ لها أُنُفٍ
أرواحُهُمْ بِدِماءِ الكِبْرِ تَخْتَضِبُ
فلم يُدنِّسْ نواحِيها ذَوُو وَطَرٍ
دونَها تَصطَلِي الهِنْدِيَّةُ القُضُبُ
وخَلْفَها مِذْوَدٌ أوحى قَرَائِحَهُ
من البيانِ، فدانَ الشِّعرُ والخُطَبُ
أقامَهُ في ثَرى نَجْدٍ لنا مَلِكٌ
على خُطاهُ يسيرُ المجْدُ والشُّهُبُ
عبدُالعزيزِ الذي أَسْرَتْ عزائمُهُ
مغامِراً ليفيءَ الأمنُ والأرَبُ
فرنَّحَ الصَّمْدَ مطواعاً لهيبتِهِ
والريفُ طابَتْ بهِ الأنعامُ والرُّطَبُ
وآلتِ الهمَّةُ القعساءُ راضيَةً
إلى حفيدٍ له الغاياتُ تنقلِبُ
محمَّدٌ سِرُّ سلمانٍ ومَوْثِقُهُ
في مبتغاهُ معاني المجد تُكتَسَبُ
فأيْنَعَ السِّلْمُ آلاءً وتَنْمِيَةً
وأوْرَقَتْ في يَدَيْ أبنائِها العُسُبُ
شَبَّتْ على الإرثِ أوصالٌ مُؤَصَّلَةٌ
يَقِينُها بِرِهانِ النُّجْحِ يَحْتَسِبُ
فهَبَّ للفَوزِ بالحسنى أبو يَزَنٍ
حين استوت (ناظراه) العلمُ والأدَبُ
يقاسِمُ الليلَ جدْواهُ وهدْأتَهُ
وليس بينهما خُلْفٌ ولا عَتَبُ
وفي (الجزيرةِ) ميدانٌ لهِمَّتِهِ
أعطتْ وأعطى، فتاهَ الحبرُ والكتُبُ
تَلَوَّذَ الحرفُ في أكنافِ مُكْنَتِه
فجادَ فيضاً بهِ الأعرافُ تَغْتَرِبُ
سقى المِدادَ نَقِيعاً من حَفَاوتِهِ
يراعُهُ من أديمِ الوِردِ ينسكبُ
فحُقَّ للفكرِ أن يزهو بآسرِهِ
وحُقَّ للشعرِ أن يحذيهِ ما يهبُ
بعدها ألقى المحتفى به الدكتور/ إبراهيم التركي كلمة، شكر فيها رؤساء الأندية الثلاثة وأعضاء اللجان والمشاركين في الحفل والندوة والحضور، ثم بدأت الندوة بإدارة الدكتور فهد بن علي العليّان، وشارك فيها كل من: الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة (عن بعد صوتا وصورة)، والأستاذ حمد بن عبدالله القاضي عضو مجلس الشورى سابقا، والدكتورة زكية العتيبي (أكاديمية وكاتبة).
وقد كشف المشاركون في الندوة عن صلتهم بالمحتفى به، وأشاروا إلى عمله الصحفي المتواصل الناجح في جريدة الجزيرة نحوا من أربعين سنة، مؤكدين تميزه بوصفه كاتبا ومؤلفا ومحاورا صحفيا ومشرفا على الصفحات الثقافية، وعلى (المجلة الثقافية) بوصفها من أنجح الملاحق الثقافية في الصحافة السعودية، كما أثنوا على ما يتمتع به من تميّز في الأخلاق ولطف في التعامل وعفة اللسان.
بعدها بدأت المداخلات، وشارك فيها كل من: الدكتور حسن بن فهد الهويمل رئيس نادي القصيم الأدبي سابقا، والدكتور محمد بُوديّ رئيس نادي المنطقة الشرقية الأدبي، والدكتور أحمد آل مريّع رئيس نادي أبها الأدبي، والدكتور نايف رشدان، والشاعر محمد الضالع (بكلمة وقصيدة)، والأستاذ محمد عابس، والصحفية منيرة المشخص.
ثم تقدم رؤساء الأندية الأدبية الثلاثة لتقديم درع للمحتفى به، ثم قدّم د.أحمد آل مريّع رئيس نادي أبها الأدبي درعا يحمل العضوية الشرفية لنادي أبها للمحتفى به، ثم توجه الحضور جميعا إلى صالة النادي لتدشين كتاب «الاستثناء مجددا» من تأليف جابر مدخلي، وجاء في أكثر من 400 صفحة، وفيه مقالات وشهادات عن المحتفى به كتبها عدد من المثقفين والكتّاب في الوسط الثقافي.
من جهة أخرى، دشّن النادي في فندق (تاورز) آخر إصداراته، وهو ديوان «لون خارج الطيف» بحضور المؤلف الشاعر الدكتور نايف رشدان أستاذ الأدب والنقد المشارك بجامعة الإمام سابقا.
وقد لقيت هذه المبادرة ارتياحا في الوسط الثقافي، وعبّر عدد من المثقفين في حساباتهم في منصة (إكس) عن مشاعرهم تجاه المحتفى به، يأتي في المقدمة الدكتور عبدالله الغذّامي الذي قال:
«تحالف ثقافي بمعاني الإبداع والرقي
في تكريم من يستاهل هذا المعنى (الدكتور إبراهيم التركي)، ولعله فاتحة شهية ثقافية للأندية الأدبية لجعل فكرة التحالف ديدناً تحتذيه لتفعيل دورها عبر تحالفات تتكاتف وتصنع حيوية ثقافية متعاقبة»، والشاعر حمد العسعوس الذي كتب معلقا على الحفل: »هذا تكريم متميز لمتميز يستحق التكريم. التكريم تميز بمشاركة ثلاثة أندية أدبية، وهذا إجماع لم نشهد له مثيلا من قبل. أما المكرم د.إبراهيم، فقد تميز بعدة أمور، من أبرزها أنه كرس حياته للعمل الثقافي الجاد، قارئا وكاتبا ومشرفا وإعلاميا، إضافة لصفاته الشخصية وأخلاقه العالية»، والأستاذ إبراهيم الصقعوب الذي كتب في حسابه: »التكريم خلق إسلامي رفيع وركن في ثقافتنا العربية ينمو عندما يزرع في مكانه الصحيح بعيدا عن المجاملات وأجزم أن الدكتور ابراهيم التركي يستحق التكريم».