لقد كانت «المكتبات الخاصة» نواةً للمعرفة ودافعاً للقراءة والتعلم، وأصبحت مع مرور الأيام منهلاً للقراء والدارسين، ورافداً من روافد العلم المعرفة يظهر أثره على أصحابها ومؤسسيها من الناحية الفكرية والعلمية والثقافية.
ولطالما كانت هذه «المكتبات الخاصة» خير دافع لأصحابها على الكتابة والتأليف؛ ويمتد ذلك الأثر ليبقى لهم أجرها في حياتهم وبعد مماتهم.
وتعد هذه «المكتبات الخاصة» هي اللبنة الأولى في تكوين أغلب المكتبات العامة كمكتبات الحرمين الشريفين، ومكتبة الملك فهد الوطنية، والمكتبات المركزية بالجامعات والمعاهد والمؤسسات العلمية والدعوية وغيرها.
وفي صباح يوم الخميس 23/3/ 1446هـ تشرفت بدعوة كريمة من أخي سعادة الدكتور محمد بن عبدالله المشوح لزيارة جمعية «العناية بالمكتبات الخاصة» وهي أول جمعية متخصصة في مجال العناية بالمكتبات الخاصة، وتحرص على الحفاظ عليها وإتاحة الكتب لطلاب العلم والباحثين والراغبين فيها.
وتهدف هذه الجمعية المباركة «جمعية العناية بالمكتبات الخاصة» إلى مايلي:
1- إتاحة فرصة للعاملين والمهتمين بالمجالات الأدبية من أصحاب المكتبات بتبادل الخبرات العملية والفنية والتعرف على ما هو نادر.
2- تقديم المشورة لأصحاب المكتبات الخاصة بكيفية التعامل مع المكتبات والكتب في فهرسة وتنظيم مكتباتهم الخاصة عن طريق خبراء في هذا المجال.
3- توفير بنية معرفية وأدبية موحدة للباحثين في مجالات الأدب يتم من خلالها التواصل والاستفادة المتبادلة بين الأعضاء.
4- رفع الوعي بقيمة الكتاب والعناية به بصفته أهم مصادر الثقافة الأصيلة.
5- الإسهام في التعريف بالكتاب وأهمية القراءة لدى الأجيال الناشئة وضرورة وجود مكتبة في كل بيت.
6- إيجاد جمعية ورابطة لأصحاب وملاك المكتبات الخاصة من العلماء، والأدباء، والوجهاء، والمثقفين.
7- إيجاد منصة معرفية موحدة لأصحاب المكتبات الخاصة يتم من خلالها التواصل والاستفادة المتبادلة بين الأعضاء.
8- البحث عن حلول لمآلات المكتبات الخاصة والوقفية بعد وفاة أصحابها، وكيف التصرف بها عند الوصية أو في حال انتقالها للورثة.
9- التواصل مع المكتبات الرسمية التي ترعاها الدولة وفقها الله عبر هيئة المكتبات.
10- إيجاد آلية للتعاون والشراكة مع هيئة المكتبات في وزارة الثقافة.
11- التعاون مع المؤسسات الثقافية الراعية للكتاب، وتفعيل الشراكات المجتمعية للتعريف بالكتاب وقيمته المعرفية.
فتحية إجلال وتقدير للدكتور محمد المشوح رئيس الجمعية على الجهد الكبير في تأسيس هذه الجمعية الفريدة من نوعها.
وإن للمكتبات والكتب مكانة خاصة وأثرا عميقا في نفوس أصحابها لا يشعر به الكثير ولا سيما في هذا العصر - عصر التقنية - ولا أدل على ذلك من قصة الأديب أبي علي بن أحمد الفالي (ت 488هـ) حيث كانت له نسخة فريدة من كتاب «الجمهرة» لابن دريد في غاية الجودة، فدعته الحاجة إلى بيعها، فاشتراها الشريف المرتضى أبو القاسم علي بن طاهر (436هـ) بستين ديناراً، وتصفحها فوجد بها أبياتاً بخط بائعها أبي الحسن الفالي يقول فيها:
أنست بها عشرين حولاً وبعتُها
لقد طالَ وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني أنني سأبيعها
ولو خلدتني في السجونِ ديوني
ولكن لضعفٍ وافتقارٍ وصبيةٍ
صغار عليهم تستهلُ شؤوني
وقد تُخرجُ الحاجاتُ يا أم مالكٍ
كرائمَ من رَبَّ بِهنَّ ضنينِ
وعليه فإن لهذه «المكتبات الخاصة» والآثار العلمية حظوة عند أصحابها، وعند كل من يعرف قيمة العلم ومكانته، فيجب الاعتناء بهذه «المكتبات الخاصة» ، وخير من يقوم بذلك هذه الجمعية التي تحمل على أعتاقها مسؤولية النمو الثقافي «جمعية العناية بالمكتبات الخاصة» ليتم الاستفادة منها على الوجه الأكمل.
إضاءةٌ
إن للقراءة لذة لا يعدِلها لذّة ، ومَن جرَّب عَلِم، ومن جهل استوحش من الكتب، والمرء عدوّ ما جهل.
** **
- خالد بن محمد الأنصاري