في وطن مترامي الأطراف يشرق منه شعاع الثقافة بكل أشكالها، وتتعدد مظاهرها لتشمل الأدب والفنون والفكر. وقد أسهمت الصالونات الثقافية، والشركاء الأدبيون، إضافة إلى المقاهي في أن تكون ملتقى للمثقفين والمثقفات، ومن هم في بداية طريقهم الثقافي. ومن خلال ذلك أصبحت هذه الأماكن تستقطب أبناء الوطن من جميع الفئات، ليكونوا جزءا من حركة ثقافية واسعة تهدف إلى نشر المعرفة وتعزيز جودة الحياة الإنسانية.
لقد لعبت جهود وزارة الثقافة دورا محوريا في دعم هذا الحراك الثقافي، حيث أسست إحدى عشرة هيئة متخصصة تحت إشرافها؛ بهدف ترسيخ الثقافة وتنظيمها بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية الثقافية. بفضل هذا الدعم الكبير أصبحت المناطق والمحافظات، والمراكز في شتى أنحاء الوطن، تستضيف نخب المثقفين والمتخصصين في مختلف المجالات الثقافية، مما يتيح للمجتمع فرصة الاستفادة من تبادل المعرفة والأفكار. وتعد هذه الفعاليات خطوة مهمة نحو بناء مجتمع أكثر وعيا وثقافة، يشهد تطورا مستمرا في كافة نواحي الحياة.
إن الاهتمام بتعزيز الثقافة في جميع أنحاء الوطن يمثل ركيزة أساسية في بناء الإنسان المتعلم والمبدع، الذي يسهم بفاعلية في تقدم المجتمع وازدهاره. ولأهمية الدور الذي تقوم به هذه الفعاليات الثقافية، نأمل أن يتم تعزيز الشراكات الثقافية من خلال إنشاء مركز أو هيئة متخصصة تعمل على نشر ثقافة التعاون والشراكة بين مختلف الجهات الثقافية، وفق أنظمة ولوائح تتماشى مع رؤية المملكة 2030 وتوجهاتها المستقبلية في هذا المجال.
ولا شك أن وجود مراكز ثقافية مرموقة، مثل: مركز حمد الجاسر الثقافي، ومركز سعود البابطين الثقافي، وكذلك أحدية غرفة الخرج، و»أثنينية عبدالمقصود خوجة»، و»صالون سارة الخزيم الثقافي»، وسبتية الجريفة إبراهيم التويم، يعد مؤشرا إيجابيا على نجاح هذه المبادرات، فهي تعمل على نشر الثقافة، وتعزز التعاون مع الجهات الحكومية في مختلف المجالات الثقافية. ومن الضروري في هذا السياق أن يتم التنسيق بين هذه الفعاليات الثقافية على الصعيدين التنظيمي والزماني، بحيث يتم تحديد مواعيدها بشكل يتماشى مع بعضها البعض؛ لتجنب تداخل الفعاليات الثقافية. فقد لاحظت أثناء وجودي في العاصمة الرياض أن بعض البرامج الثقافية تقام في نفس التوقيت، بين أمسية تكريم ولقاءات ثقافية أخرى، ولذلك يتطلب من القائمين على هذه الفعاليات التنسيق المسبق لتحقيق أقصى استفادة ثقافية وتنظيمية، وضمان أن يتاح للجميع المشاركة في هذه الأنشطة المهمة.
إن تنظيم هذه الفعاليات بما يتناسب مع التوقيت والمحتوى يعزز من قدرتنا على بناء مجتمع ثقافي نابض بالحياة، ويرسخ ثقافة التعاون والتبادل الفكري بين جميع أبناء الوطن، مما يعكس تطلعاتنا في أن يكون لدينا مجتمع مبدع، يسهم في تطور الوطن ويعزز مكانته الثقافية على المستويين الإقليمي والدولي.
** **
- علي بن سليمان الدريهم