«الثقافية» - علي بن سعد القحطاني:
بعد إجازة مجمع اللغة العربية بالقاهرة كلمة «التِّرِنْد» المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، تباين ردود أفعال الأكاديميين السعوديين تجاه هذه الكلمة الجديدة Trend، الجزيرة الثقافية رصدت هذه الآراء في موقع التواصل (X) وتواصلت مع بعض اللغويين والأكاديميين للتعليق على هذه القضية.
أدلى الدكتور إبراهيم الشمسان برأيه في منصة (X) تويتر سابقاً، وقال مؤيدًا ما ذهب إليه المجلس: «عرّب مجمع العربية في القاهرة اللفظ trend فقالوا (تِرِنْد) بكسر التاء والراء، وهو تعريب موفق في نظري راعى عالمية استعمال اللفظ وخصوصية دلالته، وليس التعريب ولا الدخيل بغريب على العربية، فهي تُقرض وتقترض، وفي القرآن أمثلة مشهورة، وفي اللغة اليوم: دكتور ونحوها، وضعت (تِرِنْد) تعريب trend على بناء (فِعِلّ)، وذكر ابن دريد في جمهرة اللغة (2/ 1164) من مُثُله: فرس طِمِرّ: وثّاب، وَضِبِرّ، وفرس خِبِقّ: سريع العَدْو. وسِجِلّ: كتاب، وحِبِرّ وحِمِرّ: موضعان، وفِلِزّ، وَهُوَ خبَث الحَدِيد».
أمّا الدكتور عبد الرزاق الصاعدي رئيس مجمع اللغة الافتراضي فأعلن على حساب المجمع في منصة (X) أن المجمع يتحفّظ على هذا القرار، وقدّم الدكتور عبد الرزاق الصاعدي البدائل المناسبة لتعريب الكلمة الأعجمية مقترحات لتعريب مصطلح Trend الشائع على منصة إكس: 1- (المقابل باسم فاعل أو مفعول: رائج، متداوَل، سائد، ذائع، مستفيض). 1- (المقابل بالمصدر: رواج، توجّه، شيوع، تصاعد، تصدّر). 2- (المقابل باسم مرة: موجة، فورة، هبّة).
وعلّق د. محمد خير البقاعي بقوله: «ترند وجمعها ترندات في المعجم الوسيط هذا جزاء من وضع العربة أمام الحصان فقفز إلى مشاريع خيالية قبل أن يكون قادرًا على معرفة ما يدور في لغة الحياة، ما دامت ترند فازت بثقة مجمع اللغة العربية بالقاهرة فأقترح أن يكون فعلها الرباعي تَرْند يترند ترندة واسم الفاعل مترند-بكسر النون- واسم المفعول مترند -بفتحها- وتصبح كلمة عربية ولدت في عام 2023 م».
وأشار الدكتور محمد القسومي في تغريدة إلى تعريب كلمة Trend وقال: «عرّب مجمع اللغة العربية في القاهرة trend هكذا (تِرِنْد). وحول الجدل القائم بين مؤيد ومعارض، وما ذُكر من مسوغات، علينا أن نتذكر أن ثمة فرقاً بين أمة تقترض؛ لأنها تعيش تخلفاً حضاريّاً، وأخرى ذات حضارة متقدمة، تلجأ للاقتراض اللغوي؛ لتجديد رصيدها المعجمي».
ورأى الدكتور فهد بن عبد الله التركي أستاذ الذكاء الاصطناعي وهندسة التحكم-جامعة الملك سعود- ومهتم بالتطبيقات أنها سقطة من المجمع وقال: «بلغني أن مجمع اللغة في القاهرة أجاز تعريب الكلمة الإنجليزية «Trend» كما هي «ترند»، وأرى أن هذه سقطة وقع فيها المجمع، فاللغة العربية الغنية بمفرداتها وآدابها ليست فقيرة في المعاني والألفاظ بحيث يعجز المجمع عن إيجاد تعريب مناسب للكلمة. اللغات الأخرى ترجمت هذه الكلمة للغاتها بينما يعجز هؤلاء!!! كان بإمكانهم النظر في أحد الترجمات مثل: مُتسنِّم، مُتداوَل، شائع، رائج، متصدر، دارج، وغيرها كثير».
وكان المجمع قد أجاز كلمة «التِّرِنْد» المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي وأدخلها في معجمه وقال: إن كلمة «الترند» كلمة معربة من الأصل الإنجليزي لها وتعني نزعة أو ميل أو موضة، وكانت حجة المجمع أن اللغة العربية قد قبلت في السابق مفردات من «الكلاسيكية» و»الرومانتيكية»، وقبلهما «الفلسفة» و»الموسيقا» بالألف أو بالياء، وأيضاً أسماء بعض الأجهزة والآلات والأدوات مثل «التليفون» و»الموتور» و»الميكانيكا»، وأيضاً أسماء بعض العلوم مثل «الفيزياء» و»الجيولوجيا» و»الجغرافيا».
يذكر أن مجمع اللغة العربية في القاهرة تأسس في عام 1352 هـ /1932 م في عهد الملك فؤاد الأول، ونصّ مرسوم إنشائه على أن يتكون المجمع من 20 عضواً من العلماء المعروفين بتبحرهم في اللغة العربية، نصفهم من المصريين، ونصفهم الآخر من العرب والمستشرقين.
فيما قال أ.د.أحمد اسماعيل للثقافية: لم تزل لغتنا العربية الجميلة تدهشنا بحيوية استقطاب الكلمات الأجنبية وتعريبها وتذويبها على ميزان الجذور المعجمية، كما تفرض لغتنا انتشارها بين لغات العالم بحيويتها التي تتسرب في إيقاع استخدامات الناس اليومي، فمثلا كلمة «شُوف» الأمر من «شاف-يشوف» مع التجوز في إثبات واو العلة، تعني ذات معناها العربي في العسكرية الفرنسية «انظر»، ولم تزل معاجم اللغات الأجنبية تزخر بكلمات ذات أصل عربي. ومن شواهد حيويتها المدهشة ما يدور الآن رقميا في وسائل التواصل الاجتماعي، عن إجازة مجمع اللغة العربية بالقاهرة كلمة «ترند»، فعلى صفحة المجمع الرسمية في «الفيس بوك» الأحد 25/2/1445هـ صدر هذا البيان المعجمي وتعليله: (من إجازات لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع: -التِّرِند (في مواقع التواصل الاجتماعي): موضوع ساخن جديد يُثار على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، فينتشر بسرعة في فترة زمنية قصيرة، ويهتم به الجمهور، ويتداولونه بالحديث فيه والتعليق عليه، ويتبادلون الأخبار عنه بكثرة. (ج) تِرندات. وجه الاعتراض: لعدم ورودها في المعاجم. وجه الإجازة: الترند كلمة معربة عن الأصل الإنجليزي trend بمعنى: اتجاه أو نزعة أو ميل أو موضة. مقدم الموضوع: أ.د.محمد رجب الوزير (عضو المجمع). وبعد أخذ ورد شديدين علق بعد يوم واحد في صفحة المجمع نفسها الأستاذ الدكتور عبد الحميد مدكور الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالقاهرة قائلا: نوقشت هذه الكلمة مناقشة مطوَّلة في لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع، وتعدَّد الرأي حولها ما بين موافق ورافض، ولكلٍّ وِجْهة هو مولِّيها، وحدث هذا الأمر نفسه عند العرض على مجلس المجمع. وبعد مناقشات طويلة ما بين القبول والرفض تغلَّب الرأي الذي وافق على تقبلها، وكان من أسباب تقبلها أنه لا توجد كلمة واحدة تعبر عن مضمون هذه الظاهرة المركبة التي ساقتها وسائل التواصل الاجتماعي، ثم إن اشتهار هذه الكلمة وسرعة تداولها قد أعطتا هذه الكلمة قوة تعطيها فرصة كبرى للانتشار. ثم لوحظ كذلك أن اللغة العربية قد تقبَّلت قديمًا وحديًثا كلمات من هذا النوع جاءت إليها من الفارسية واليونانية والسريانية وغيرها، ولا بد أنهم ترددوا في أول الأمر لكنهم تقبلوا كثيرًا منها، وظهرت الكتب التي تبحث ظاهرة الدخيل. وقد وجدنا في تراثنا القديم كلمات كثيرة، وتكرر هذا في الواقع اللغوي الحديث، ومن ذلككلمات مثل الكلاسيكية والرومانتيكية، ومن قبلهما الفلسفة والموسيقا (بالألف أو بالباء)، وكذلك أسماء بعض الآلات أو الأدوات كالتليفون والموتور والميكانيكا وأسماء بعض العلوم كالفيزياء والجيولوجيا والجغرافيا، وهذه ليست إلا أمثلة قليلة من ظاهرة كبيرة متجددة تؤدي إلى مناقشات طويلة تجعل قبولها مشروطا بشروط دقيقة تؤدي إلى قبول بعضها ورفض كثير منها في أكثر الأحيان. وفي صفحته على ( Xتويتر) يتوافق المجمعي اللغوي الأستاذ الدكتور أبو أوس الشمسان مع توجه مجمع اللغة بالقاهرة قائلا: عرّب مجمع العربية في القاهرة اللفظ trend فقالوا(تِرِند) بكسر التاء والراء، وهو تعريب موفق في نظري راعى عالمية استعمال اللفظ وخصوصية دلالته، وليس التعريب ولا الدخيل بغريب على العربية فهي تقرض وتقترض، وفي القرآن أمثلة مشهورة، وفي اللغة اليوم: دكتور ونحوها. ويؤكد سمو حاكم الشارقة الدكتور سلطان القاسمي رفضه بوصفه عضو المجمع تسجيل كلمات أجنبية وإضافتها إلى العربية بحجة أنها دارجة. غير أن المجمعي العربي اللغوي الأستاذ الدكتور سعد مصلوح يرفض بشدة قائلا: ثمة كتاب شاركت في ترجمته، عنوانه في الإنجليزية «Trends in Linguistics». ما رأيكم بعد القرار الأخير القاضي باعتماد الكلمة الإنجليزية في الاستعمال، لو قُدر للكتاب أن يُطبع ثانية، هل أطيع القرار الموقر وأغير العنوان إلى: «ترندات في اللسانيات»؟! أقول: اللهم كلا! ومعاذ الله أن ألقى ربي وفي صحيفة أعمالي مثل هذا العنوان. واضح في الموقفين كل الوضوح حرص الطرفين على نضارة لغتنا الجميلة وأصولها المعجمية وتأصيلها المحدث مما يدور على ألسنة العرب، وواضح أيضا حرص مجتمعنا العربي وغيرته على لغتنا الجميلة، بمكوناته الأكاديمية والتعليمية والعلمية التجريبية والاجتماعية، ومجمع اللغة العربية في القاهرة فيه نخبة من هذه الكوكبة العربية وغير العربية يظلها منهج دقيق في الاختيار والرفض كما قال أمين المجمع، فربما يبادر المجمع الموقر -وهذا أمل ورجاء- بعرض هذه الاختيارات على طوائف من المختصين وغير المختصين في دراسة مسحية ترقى بذائقة تلقي العربي لغته الجميلة!!!