في الأسبوع الماضي تكلمنا عن قصة الكتاب، وسبب تسميته بكليلة ودمنة، وفي هذا المقال سيتم الحديث عن الكتاب نفسه، الذي يمكن توضيحه بأنه كتاب يحث على طاعة الملوك، وتقديم النصح لهم، والتسليم لإرادتهم.
يشبه كتاب «الأمير» في فكرة توجيه النصح للحاكم، الفرق أن بيدبا يتكلم عن الملوك، لعل دبشليم يفهم الرسالة، بينما ميكافيللي يخاطب ميدتشي.
يتميز بأفكاره الواقعية وبعده عن المثالية فحديثه عن المال ودوره في إعلاء صيت وقيمة الإنسان، ودوره في السعادة واقعي إلى حد ما، قد لا يكون المال نفسه يجلب السعادة، ولكن نظرة الناس للإنسان مع المال تتغير.
وكما يُنسب للشافعي:
يمشي الفقير وكل شيء ضده
والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه مبغوضاً وليس بمذنب
ويرى العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة
خضعت وحركت أذنابها
وإذا رأت فقيراً يوماً عابراً
نبحت وكشرت أنيابها
حقيقة لا يغفل عنها ذو لب، أن المال يؤثّر في نظرة الناس للإنسان، ومع ذلك يجب ألا يكون ذلك مؤثراً في نظرتك لنفسك.
من الأفكار التي يركز عليها الكتاب كثيراً فكرة أن القوة ليست كل شيء، فالدهاء غالباً ما يكون هو الأهم، ففي صراع القوة مع الدهاء، الدهاء يكسب غالباً.
يورد المؤلف قصة الغراب وملك البوم، حين تطوع أحد الغربان بالتضحية بنفسه ورميها بين أعدائهم البوم، بعد الاتفاق مع ملك الغربان، مدعياً أن هناك خلافاً تم بينه وملكه، فرأى ملك البوم رأي أحد وزرائه بعدم قتله، والصفح عنه، ومع أن وزيراً آخر كان له رأي مخالف بقتل الغرب والتخلص منه، إلا أنه عاش بينهم حتى استقل وطاب عيشه، واطلع على ما أراد أن يطلع عليه.
وهذه القصة تؤكد أن صحة القرار تحتاج إلى أمرين، توفيق أولاً، ثم قدرة على إقناع صاحب القرار بصحة قراره ثانياً، فهذا الوزير كافح وحاول إظهار حقيقة الغراب، لكن المشكلة عندما يُعمى على المسؤول، وألا يرى غير رأيه، ورأي من يحب.
أكثر ما يعيب الكتاب فكرة توالد القصص من بعضها، مما يضيع الفكرة الأساسية فتبدأ بقصة كليلة ودمنة وشتربه، وفجأة تجد نفسك قصة البطتين والسلحفاة، وهكذا..
أخيراً..
الكتاب جميل، ويوجد به الكثير من الأفكار الرائعة، التي تحتاج إلى صيّاد يستطيع أن يصطاد الأفكار، ولكن أحياناً يذكرني بكتب المطالعة أيام الابتدائي، ومجلة «ماجد» وغيرها من مجلات الأطفال.
ما بعد أخيراً ...
مع بعض الملاحظات ...
أبدعت يا بيدبا.
** **
- خالد الذييب