الخرافة آفة اجتماعية عانت منها شعوب الدنيا، ومن تبعاتها المتعاقبة والخرافة أصلها من الخرف
، وخرف الرجل فسد عقله أي أنه يقول كلاما يصعب تصديقه وذلك لمخالفته لطبيعة الدنيا وبالتالي صعوبة تقبل العقل البشري له.
وخرافة: اسم رجل في الجاهلية من بني عذرة كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها:حدّث رسولُ اللهِ نساءهُ فقالت امرأةٌ منهن كأن الحديثَ حديثُ خُرافَةَ فقال:( أتدرينَ ما خرافةُ؟ إن رجلا من بَنِي عُذْرةَ اسمهُ خُرافَة أتتْ به الجنّ في الجاهليةِ فمكثَ بينهم دهرًا طويلا ثم ردوه إلى الإنس وكان يُحدّثُ الناسِ بما رأى منهم من الأعاجِيبِ فقال الناسُ حديثُ خُرافَة).
وهناك من ضعّف الحديث ويمكن للمهتم البحث في أسانيده، و يمكن تعريف الخرافة لكونها تطلق على كل خبر لايتوافق مع طبيعة الحياة التي اتفقت عليها البشرية ويتعارض مع العقل،والخرافة ليست شرا محضا حيث إن بعضها قد يكون قصصا خيالية يؤتى بها للأُنس والترويح والبهجةُ، وبعضها يكون محمودا ومطلوبا للعبرة وقد تكون شرا محضا، إلا أن المعضلة الكبرى في الخرافة حين تتحول إلى معتقد تُجبر على تصديقها والعمل بها ويُشنّع على من لم يصدقها،وربما قامت حروب من أجل خرافة لا أصل لها،وعبادة الأصنام في العصر الجاهلي مثل محايد لكيف تفعل الخرافة بالمجتمع؟
حيث صارع معتقدو نفع الأصنام وضرها بدون برهان على مصداقية خرافتهم أوحتى دليل نقلي أو منطقي وحاول الرسول- صلى الله عليه وسلم- إقامة الحجة عليهم مستعينا بالوحي.قال تعالى:( إن هذا إلا أساطير الأولين).
والأسطورة قد تكون خرافة وقد يكون لها أصل فحُرّفت.
ويصعب تفسير سبب قبول متلقي الخرافة مع أن الله رزقه عقلا ليميز به بين الصواب والخطأ وبين الصدق وعدمه، ولو حاولت تخمين أسباب تقبل المجتمع للخرافة وتوغلها في أغلب مفاصل بعض المجتمعات؛ ففي الغالب تكون المجتمعات المتخلفة أرضا خصبة لتقبل الخرافة فبعضهم يتقبلها لجهله وقد يُستغل جهله لتسويق خرافة ما وبعضهم ينساق مع المجتمع حتى لوكان واعيا كفرد؛ محاولا التعايش وعدم مصادمة السائد، ويتساءل بعضهم عن القصص الخيالية هل تعد من الخرافة؟ الجواب: لا، حسب رأيي لأن القصة الخيالية قالها صاحبها ولم يقل بواقعيتها ولكنه قد يستوحيها من الواقع، وربما تكون مخالفة للطبيعة ولها جمهورها ومحبوها مثل قصص كتاب ألف ليلة وليلة والتي تحكي أساطير وأخبار بعضها خيالي لايتفق مع العقل وأيضا إلياذة هوميروس وهي ملحمة تتحدث عن طروادة وخلاف الآلهة وتعطي تصورا غير دقيق عن تلك الفترة في حياة الإغريق، ونرى كيف يتهافت الجيل الجديد على أفلام الخيال مستمتعين بأحداثها الخيالية، وليس من حق أحد مصادرة قناعات الآخرين بالخرافة مالم تكن مؤذية ومضرة وتكون مجرد قصة عابرة، وبالجملة الخرافة أنهكت عقول ذوي الألباب وأوجعت عواطف أصحاب التفكير المتدني.
** **
- صالح بن سليمان الربيعان