أن تستعير كتابًا من مكتبة فهو السائد والمعروف عالميًّا ومنذ مئات السنين، لكن هل هناك كتب من بشر؟ وهل هناك مكتبات من بشر؟ وماذا يعني ذلك؟
المكتبة البشرية هي منظمة عالمية بدأت فكرتها في الدنمارك في عام 2000م، على أساس استعارة أشخاص بدلًا من استعارة كتب، وذلك من أجل الاستفادة من معلوماتهم أو تجاربهم الشخصية، حيث يُعد كل شخص بمنزلة كتاب لكن بشري. وللمنظمة فروع في أكثر من ثمانين دولة، تتعاون مع مؤسسات محلية في كل دولة، وتتعاون هذه مع جهات عالمية مثل صندوق النقد الدولي وشركات مثل (Ebay) ومايكروسوفت.
وما يحدث بالفعل هو أن يطلب المستعير استعارة شخص من مكان قريب له جغرافيًّا لكي يجلس معه مدة يتفقان عليها، وذلك بشكل تطوعي كامل، لكي يستفيد منه كما يستفيد من أي كتاب يستعيره، وعادة ما لا تزيد المدة عن نصف ساعة.
وتقوم فكرة هذه المكتبة (المنظمة) على أساس قيام الكتاب (البشري) المُستعار بعرض تجربة مرّ بها لشخص أو أكثر (لا يزيد عددهم عن خمسة) وذلك في مكان مناسب ومريح تشرف عليه المنظمة.
ويمكن الاستفادة من فكرة المكتبة البشرية في بلادنا، على أن تُراعى خصوصياتنا المحلية، وتُحتَرَمَ القوانينُ الداخلية. كما يمكن أن تكون مختلفة أو معدلة عن فكرة المكتبة البشرية التي تحدثنا عنها حيث يقوم الكِتاب المستعار (شخص ذو خبرة أو اطلاع في مجال معين) بعرض الأفكار التي لديه على من يرغب فيها محليًّا على نحو مفهوم وسهل، وذلك ضمن ضوابط ومحددات واضحة يستفيد منها مقدم الخدمة (الشخص-الكتاب) المستعار لتنمية مهاراته في إيصال الأفكار وتوسيع أفق صداقاته، كما يستفيد منها (مستقبِل الخدمة) المستعير حين يحصل على خلاصة أفكار الآخرين وآرائهم. كما يمكن تأطير هذه الفكرة بأن يُفتح المجال للمكتبات العامة أن تستضيف هذه اللقاءات، أو في الساحات والمواقع العامة التي تقام فيها حاليًّا بعض الأنشطة بالتعاون مع أي شريك أدبي مرخص في المملكة، إما في بعض المقاهي أو حتى في بعض المكاتب التجارية الكبيرة.
ومن إيجابيات هذه الفكرة أنها تشبه الاستشارات لكن في موضوعات ثقافية أو علمية أو اجتماعية (دون مقابل)، مختصِرة على متلقيها مشوارًا طويلًا، وربما وفرت عليه تجربة المجرّب من قِبل من هو أفضل منه خبرة في موضوع معين.
** **
- يوسف أحمد الحسن