الثقافية - كتب - كمال الداية:
تذهب الباحثة العراقية نادية هناوي إلى أن (بالبيان انطلقت مكامن طاقاتنا وأبدعت ملكات أذهاننا وأنبنت حضارتنا. وإذا ما ركزنا بحثنا ونقبنا للتدليل على ما في الموروث السردي العربي من غنى؛ فسنجد أن البيان هو العامل الأول في صيرورة الإرث السردي في بواكيره الأساس. لا بمعنى التأثر والتأثير الذي ظل أسير دراسات الأدب المقارن، بل بمعنى بناء الكينونة ونهوض هياكلها.) هذا ما جاء في كتابها (الأقلمة السردية: مخابرها الغربية - مناشئها الشرقية) الصادر حديثاً عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر. وهو الثالث في سلسلة مشروع الأقلمة السردية. وفيه تجمع المؤلفة بين ما أنجز في المخابر الغربية من مرجعيات وتوسيعات والتباسات في دراسة علوم السرد وبين ما في الشرق من مناشئ سردية فيها الأصول والأنظمة التي عليها قامت تقاليد السرد القديم. ويقع الكتاب في 396 صفحة وتدور أطروحته حول فكرة أن مؤرّخي الرواية ومنظريها غيبوا التحولات وبتروا الذاكرة السردية وعملوا على توكيد القطيعة مع التقاليد السردية المتوارثة، فلم يعطوا ما جرى من تجريب على تقاليد السرد العربي القديم حقه.
ومما جاء في مقدمة الكتاب (وعلى الرغم من سعي كبريات الجامعات الغربية إلى وضع موسوعات تجمع فيها التقاليد السردية عبر مراحل تاريخية محددة، معرِّفة الدارسين والباحثين بها، فإن ذاك السعي اقتصر على ما أنتجه الأدباء في العصور الحديثة مع النظر إلى تقاليد الأدبين اليوناني والروماني وغض النظر عن تقاليد آداب الشرق القديم وحضاراته العريقة، وما في تلك الآداب من روائع المرويات التي هي نماذج لتراكمات تقاليد سردية تركت أثرها في الأدب الإنساني سردا وشعرا وعلى اختلاف مراحله).
وفيما يخص الباب الأول من الكتاب والمخصص لدراسة مستجدات مخابر السرد ما بعد الكلاسيكي في الغرب تناولت المؤلفة التوسيعات ووقفت عند كل من (ديفيد هيرمان - براين ريتشاردسون - بيو شانغ - مونيكا فلودرنك- جون زنغ- أليس بيل ) أما الالتباسات فتمثلت في الاستبدال أو الميتالبسيس والمسرود له وغير المسرود وناقشت إشكاليات تتعلق بهذه الالتباسات من قبيل الأدوار والوظائف. ويشتمل الباب الثاني من الكتاب على مسائل تصب في دراسة المناشئ الشرقية للسرد العربي القديم، وحددها الفصل الأول بمشاعية التقاليد أما الفصل الثاني فتناول انتقال التقاليد من خلال ثلاثة مباحث: يدور الأول حول اللا واقعية بوصفها قاعدة التقاليد، وتتبع المبحثان الثاني تغلغل والثالث تقاليد السرد القديم في السردين الحديثين العربي والأوروبي.
واهتم الفصل الثالث بالتنظير الغربي للسرد الروائي من أربع زوايا نظرية تتعلق بالرواية والأصول. وتتبع الفصل الرابع وفرة البحث عن النظرية.