اطلعت على مقابلة مع أحد الأكاديميين وما ورد في حديثه حول الشاعر عمرو بن كلثوم ومعلقته الشهيرة ووصفها بعبارة «الهياط والكذب «وهو المتخصص في الأدب ويعلم بأن أعذب الشعر أكذبه وإن كان هذا الشاعر حسب ما قرأنا عنه أنه فارس لا يشق له غبار فهو قاتل أحد ملوك الحيرة عمرو بن هند وسأتطرق لهذه القصة فيما بعد وهي سبب إنشاء معلقته وهذه والمعلقة مرتبطة بالكرامة ومن المعلوم أن معلقة عمرو بن كلثوم من أجمل ما قيل في الفخر والعزة والكرامة وفيها من الغزل والوصف ما يفوق الخيال وبها من الكلمات الفصيحة والصور البيانية والخيال والموسيقى ما يجعلها على قمة الهرم في الشعر العربي الأصيل وهي جديرة بالحفظ وفيها يوضح عمرو بن كلثوم تمسك العرب حينها بالكرامة وما يمكن فعله لمن يحاول المساس بكرامتهم ويفاخر بنسبه. وقد بدأها بوصف الخمر حيث قال:
أَلا هُبّي بِصَحنِكِ فَاَصبَحينا
وَلا تُبقي خُمورَ الأَندَرينا
مُشَعشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فيها
إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخينا
الى أن قال:
أَبا هِندٍ فَلا تَعَجَل عَلَينا
وَأَنظِرنا نُخَبِّركَ اليَقينا
بِأَنّا نورِدُ الراياتِ بيضاً
وَنُصدِرُهُنَّ حُمراً قَد رَوينا
ومناسبتها ما وردَ أنّ ملك الحيرة عمرو بن هند قال ذات يوم لندمائه: هل تعلمون أحدًا من العرب تأنف أمه من خدمة أمي؟ فقالوا: نعم، عمرو بن كلثوم.
قال: ولم ذلك؟ قالوا: لأن أباها مهلهل بن ربيعة، وعمها وائل أعز العرب، وبعلها كلثوم بن مالك أفرس العرب، وابنها عمرو بن كلثوم سيد من هو منه، فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم أن يزوره هو وأمه في الحيرة، فأجابه عمرو بن كلثوم مع نفر من وجهاء تغلب، واصطحب معه أمه.
وأمر عمرو بن هند أن يضرب له رواقًا بين الحيرة والفرات، وطلب من أمه أن تنحّي الخدم، وتستخدم ليلى والدة عمرو بن كلثوم، ثم أمر ابن هند بالطعام أن يوضع، فطلبت أم عمرو بن هند من ليلى والدة عمرو بن كلثوم أن تناولها طبقًا، وهي تريد من وراء ذلك أن تستخدمها، فأجابتها ليلى: فلتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها، فكررت عليها الطلب وألحت، فأدركت ليلى سوء ما حيك لها.
فصاحت ليلى: «واذُلّاه يا لتغلب!» فسمع عمرو بن كلثوم استغاثة أمه؛ فثار الدم في وجهه، ونظر إلى عمرو بن هند، فعرف الشر في وجهه، فتناول سيفًا موجودًا في الرواق، وقتل به عمرو بن هند، ونادى في بني تغلب، فانتهبوا جميع من في الرواق، وساقوا بنائب الإبل وصاروا نحو الجزيرة، وخلّد بمعلقته هذه الحادثة، وخطب لها في سوق عكاظ، وهي تنيف على مئة بيت، ويقال إنها كانت في نحو ألف بيت، إنّما بقي منها ما حفظه الرواة، وكان بنو تغلب يعظمّونها ويرويها.
** **
- عبدالله الموسى