«الثقافية» - كمال الداية:
نظمت الغرفة التجارية بمحافظة الخرج محاضرة بعنوان: «تاريخ الخرج القديم من خلال آثارها القديمة»، ألقاها رائد الدراسات الأثرية في المملكة الأستاذ الدكتور: عبدالعزيز بن سعود الغزي، وأدارها الأديب أ.علي بن سليمان الدريهم، وهذه الأمسية ضمن فعاليات «أحدية غرفة الخرج» مسار الثقافة والأدب والتراث.
وقد افتتحت الأمسية بكلمة للأستاذ: علي الدريهم، رحب فيها بالحضور، وعرف من خلالها بضيف الأمسية، بعد ذلك انتقل اللاقط للضيف د.الغزي الذي قال: «الخرج عبارة عن واحة منخفضة تصب فيها الأودية من الغرب والشمال والجنوب. من أهمها وادي حنيفة ووادي نساح من الغرب، ووادي السلي من الشمال وعدة أودية من الجنوب، إضافة إلى ما ينحدر إليها من مياه الهضاب المحيطة بها من كل الجهات. من تجمع المياه هذا يتكون حوض مائي ضخم، منه يبدأ وادي السهباء متوجها ناحية الشرق لينتهي في الخليج العربي عبر خليج سلوى، ومع ارتفاع الكثبان الرملية وتكونها على مر الزمن أصبح ماء الوادي يسلك طريق الانتشار بين الروضات والكثبان الرملية المتكونة.
بالنسبة للاسم «الخرج» الذي سمي به هذا المنخفض من الأرض، فقد جاء عن أ. سعد بن عبدالرحمن الدريهم، رحمه الله، نقلا عن جريدة الشرق الأوسط العدد 3022 المؤرخة في 19 شعبان 1407هـ نقلا عن كلمة للملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه، نشرت في موضوع جاء فيه: «إن الخرج ليست مدينة واحدة، ولكنها مكونة من عدة مدن قديمة ولكل منها تاريخ يختلف في الظهور والانتهاء».
ورجح عبدالله فيلبي أن منشأ الاسم «الخرج» كونه مستمدا من طبيعة المكان الذي تكثر فيه العيون التي تظهر بهيئة خروق. يعتمد في اقتراحه المذكور آنفا على إمكانية استبدال حرف القاف بحرف الجيم. يضرب فيلبي مثلا على صحة اقتراحه بإمكانية استبدل حرف القاف في كلمة قدر بحرف الجيم ليصبح نطقه «جدر». وعليه يقترح أن المكان كان يسمى الخرق، أو الخروق، بدلا من الخرج.
أما الشيخ عبدالله بن خميس فيرى أن الاسم «الخرج» جاء عن طبيعة المنطقة التي تأخذ شكل الوادي الذي لا منفذ له. ولابن خميس رأي آخر مفاده أن الاسم مأخوذ من كلمة «الخراج» وهو ما تدفعه المحافظة للخلافة الإسلامية كزكاة محصول القمح التي اشتهرت الخرج بزراعته.
موقع الخرج بمميزاته المتنوعة التي منها:
1- كونه في مكان وسط في وسط الجزيرة العربية، 2- كثرة الأودية التي تلتقي فيه، 3- خصوبة الأرض التي مكنته من ممارسة الزراعة وبخاصة زراعة القمح، وغرس النخيل، وإنتاج الفواكه والخضراوات. 4- كثر المراعي حوله جعل مجموعات من البدو الرعاة يحلون حوله خلال فترات من العام. موقعه بين الجنوب حيث الحضارات والشمال حيث الحضارات والشرق حيث الحضارات، جعله مقصدا للمتاجرين ومنهم المستوردون والمصدرون والمتسوقون.
بهذه المميزات أصبحت الخرج نقطة التقاء الإنسان والتجارة. ليس هذه فقط، بل التقاء الموجات البشرية المهاجرة من كل الجهات والتي لا تزال تزاول نشاطاتها التنقلية كما كان في سالف العصور. أما في الوقت الحاضر فهدأت تحركات القبائل بسبب التطور الاقتصادي الذي وصلت إليه المملكة العربية السعودية، مما أدى إلى نمو مراكز حضارية مستقرة جذبت الإنسان إليها بفاعلية أقوى مما كان.
الدراسات الأثرية التي تمت في الخرج
الدراسات الأثرية التي تمت في الخرج قليلة إذا ما قيست باستمرارية تعمير الخرج عبر آلاف السنين، وبكم المواقع الأثرية المعروفة، وتنوعها، وكبر مساحاتها التي تم تحديدها في الخرج والوقوف عليها.
لعل أول الدراسات الأثرية هي تلك المرحلة التي تمت قبل تأسيس إدارة الآثار السعودية. هذا يعني المرحلة التي تمت في عهد الملك عبدالعزيز. أقدم الأعمال التي احتوت على معلومات أثرية الكتب البلدانية التي كتبها كتّاب عاشوا في القرنين الرابع والخامس الهجريين، مثل: صفة جزيرة العرب للهمداني، سني ملوك الأرض والأنبياء للأصفهاني، وسفر نامه لناصر خسرو. يضاف إلى ذلك ما جاء عنها في كتب التاريخ المبكرة مثل: البداية والنهاية لابن كثير، وتاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء للأصفهاني، وتاريخ الأمم والملوك للطبري. يوجد معلومات عنها وعن سكانها في كتب البلدانيين وبخاصة صفة «جزيرة العرب للهمداني»، و»بلاد العرب للأصفهاني». توجد في كتب الشعر الجاهلي معلومات متنوعة عن الخرج وبخاصة ما يتصل منها بأيام العرب، أي معارك العرب داخل جزيرة العرب.
مع بداية استقرار الأوضاع في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، بدأت الأعمال الميدانية الفردية تظهر وأشهرها وأكثرها في التنوع هي أعمال هاري سنت جون فيلبي التي طال الخرج منها عدد من الأعمال المنشورة.
من أقدم أعماله مسح نفذه ونشر نتائجه عن رحلته عام 1918م من الرياض إلى وادي الدواسر. وقف خلال هذه الرحلة في الخرج وأجرى فيها عدة زيارات لمواقع مختلفة، منها:
1- عيون فرزان حيث وصف قنوات الري التي كان تنقل المياه من نبع فرزان الشرقي إلى المزارع في شرقي الخرج. علاوة على ذلك وصف فيلبي عيون الخرج الثلاث وأحوالها وكيفية إدارتها في تلك الأيام. تحدث فيلبي عن تاريخ قنوات الري ونظامها القائم على الميول.
2- المدافن المنتشرة على السلسلة الجبلية المعروفة باسم: قويد وشداد فرزان في الجزء الشمالي الغربي للمحافظة. تبدأ من خط الرياض الخرج عند الميكرويف وتستمر غربا لأكثر من اثني عشر كيلا. وتمتد من ناحية الجنوب من عين فرزان الجنوبية الواقعة على بعد كيلومتر واحد تقريبا إلى الجنوب من جبل فرزان وحتى ثمانية أكيال تقريبا إلى الشمال. بهذه المساحة يعد من أكبر، إن لم يكن أكبر المدافن مساحة في العالم القديم.
في هذا الموقع نفذ أ.د. عبدالعزيز بن سعود بن جارالله الغزي عمليات تنقيب ممولة من دارة الملك عبدالعزيز. استمرت تلك التنقيبات لموسمين، مدة كل موسم 40 يوما كشف خلالها عن عدد من المدافن في الجزء الشرقي لسلسلة الشمالية، تبين أنها مدافن مشيدة بكتل حجارة ضخمة وبتصميم يختلف بين الدائري والمستطيل والمذيل والمربع والعنقودي.
من ناحية الحجم، تظهر المدافن بأحجام مختلفة؛ فمنها الضخم جدا، والمتوسط، والصغير. يوجد في كل قبر غرفة لوضع الميت «لحد»، وفي بعضها وجدنا كسر عظام بشرية من جماجم وسيقان ومفاصل. تحولت ضلوع بعضها بالكامل إلى تراب لكنها لا تزال تحافظ على شكلها الأصلي.
توجد مجموعة أخرى من المدافن في الرفائع الواقعة إلى الشمال من جبل فرزان ببضعة كيلومترات وعند التفاف طريق الخرج-الرياض شمالا وبميول ناحية الغرب باتجاه الحائر فالرياض. تتناثر المدافن الركامية في هذا الموقع المعروف باسم «أم العشاش» بشكل مجموعات لكنها بكميات بكل تأكيد أقل مما يوجد في جبال فرزان. نقبنا عددا منها خلال عملنا مع البعثة السعودية - الفرنسية، وضمنا دراسة ما وجدنا في كتاب نشرته هيئة التراث باللغة الإنجليزية، ومقال ظهر في مجلة أطلال السعودية باللغتين العربية والإنجليزية، ومقالات باللغة الإنجليزية وفي مجلات أجنبية.
قمنا بالمشاركة مع الفريق الفرنسي بعمل مجسات في سفوح الجبال الواقعة على اليد اليمنى للمتوجه إلى الخرج من الرياض. أخذنا عينات من التربة وحللناها في البرازيل، فأكدت أن الثلوج كانت تكسو المكان قبل اثني عشر ألف سنة. نشر ذلك الاكتشاف في مجلة فرنسية.
في الجزء الجنوبي من الخرج يوجد موقعان للمدافن الركامية كل منهما ضخم. الموقع الأول يوجد على هضبة القصيعة التي تشرف على عيون الضلع من ناحية الشرق. يصل عدد المدافن في هذا الموقع إلى أكثر من ثلاثة آلاف مدفن ركامي. تتفاوت المدافن في الحجم وجودة المعمار والشكل مما يدل على تفاوت القدرات لدى أصحاب تلك القبور، وهذا يعني وجود مجتمع بشري بقدرات مالية متفاوتة. تظهر الأغلبية العظمى من تلك القبور بشكل ركامي، وتتفاوت في الحجم من قبر إلى آخر، ففيها القبر ذو الحجم الكبير والمتوسط والصغير. كما تتفاوت من حيث الشكل، ففيها الدائري، والمربع، والمستطيل، والمذيل.
الموقع الثاني للمدافن الركامية يقع على الهضبة المطلة على عيون خفس دغرة في الجزء الجنوبي الشرقي من حوض الخرج. أحصت البعثة السعودية-الفرنسية بواسطة الدرون ما يوجد فيه بأكثر من ثلاثة آلاف مدفن. يوجد من بين المدافن مدافن مذيلة ودائرية ومربعة ومستطيلة. من حيث الحجم، يوجد فيها تنوع أيضا، ففيها الكبير في حجمه والصغير والمتوسط.
الأعمال الآثارية المتخصصة
تشير المصادر التاريخية إلى أن هناك كثافة سكانية عالية في حوض الخرج فيما قبل الإسلام، مع الإشارة إلى الثروة الزراعية التي بلغت حدا من الوفرة ليعتمد عليها سكان الحجاز فيما يحتاجون من القمح. المواقع الأثرية تؤكد ذلك خاصة في أحجامها وتعدد مكوناتها وجودة وتنوع تلك المكونات.
من أهم المواقع التي تمت فيها أعمال أثرية موقع البنة في بلدة اليمامة في الجزء الشرقي من حوض الخرج وبالقرب من نقطة التقاء وادي حنيفة بعدة أودية صغيرة ثم الالتقاء بوادي السهباء ليواصل مجراه حتى يصب في خليج سلوى في قطر. دمر معظم الموقع من خلال النشاطات الطبيعية خاصة فيضانات السيول القوية والمندفعة عبر الأودية الضخمة؛ والإنسانية وبخاصة التوسع في الزراعة. بقي جزء يلاصق الجزء الأول من الموقع في ملك هيئة التراث لكنه غير محمي بسور، وجزء ملاصق للأول ويمثل مقبرة مسورة تجمع قبورا قديمة وحديثة، ويحيط بهذا الجزء سور حديث.
بالنسبة إلى النشاط البشري البحثي، نفذت أعمال ميدانية في موقع البنة «البلدة السكنية» الواقعة بالقرب من بلدة اليمامة ومزارعها. أولها عمل قام به فريق مسح المنطقة الوسطي المنتدب من قبل هيئة التراث عام 1978م لتي كانت تسمى هيئة الآثار ولها مسميات تسبق هذا المسمى.
بعد هذا نفذ أ.د. عبدالعزيز بن سعود بن جارالله الغزي عملا ميدانيا فيه كمتطلب للحصول على مادة علمية جديدة ليكتب عليها جزء من أطروحته لدرجة الدكتوراه التي أنجز في جامعة لندن عام 1408هـ. نشرت هيئة التراث الرسالة كما هي. يشمل محتواها دراسة طبقية للمجسات التي أجراها الباحث، ودراسة للمواد الأثرية التي حصل عليها أثناء التنقيبات في الموقع مع ما نتج عن مسح سطحه.
توصل الباحث إلى أن بداية إعمار الموقع يمكن أن تؤرخ بالقرن الخامس قبل ميلاد المسيح عليه السلام استنادا إلى وجود رؤوس جدران على عمق5م من سطح الموقع. أما فترة ازدهارها، فيمكن أن تكون خلال القرون الميلادية السابقة لظهور الإسلام. دلت المادة الأثرية مع الشواهد التاريخية أن هذا الموقع كان عاصمة للدولة الأخيضرية التي حكمت وسط الجزيرة العربية مدة من الزمن انتهت بهجوم شنه القرامطة عليها في القرن الخامس الهجري، ومن خلاله قضوا عليها وشتتوا أهلها.
من المواقع الأثرية التي كانت مسكونة بلدة تقع في شرقي الخرج، على حافة وادي السهباء، وبالقرب من صوامع الغلال. تعرف باسم حزم عقيلة نسبة إلى اسم المكان الذي تقوم فيه البلدة، الذي ربما أنه سمي باسم امرأة اسمها عقيلة. أجرينا في الموقع مجسا اختباريا عام 1407هـ اكتشفنا على أثره غرفة كاملة سليمة ما عدا سقفها.
في العصر الإسلامي كانت الخرج معمورة وأغلبية سكانها من بني حنيفة. عندما منع هوذة بن علي الحنفي وثمامة بن أثال تصدير القمح إلى الحجاز تضرر أهل الحجاز فجرت مراسلات حتى رفع الحجر على تصدير القمح إلى الحجاز. يدل هذا الحدث دلالة قاطعة على أن الخرج أرض زراعية عالية الجودة، ومنتجة لكميات من القمح تزيد على حاجة سكانها.
ربما أن سبب ضياع آثار الخرج هو محدودية المكان القابل للسكن، فأغلبية أراضيه مزروعة، وأغلبيتها معرض لسيول جارفة تخفي أو تدمر ما تمر عليه من آثار الإنسان الثابتة والمنقولة. يضاف إلى ذلك الإهمال وعدم الاهتمام بها. الأخير تؤكده قلة الأعمال الأثرية الميدانية مع قلة الاهتمام وعدم حماية المواقع الأثرية المعروفة.
على خلاف ما يفهم اليوم، المرجح هو أن اسم «الخرج» كان يطلق في أول أمره على موضع واحد يقع في المحافظة التي أصبحت تعرف بالاسم نفسه في الوقت الحاضر. وبسبب الشهرة التي كان يتمتع بها ذلك الموضع في وقت من الأوقات أصبح الاسم علما على الوادي بأكمله. يتضح ذلك مما ورد في المصادر الإسلامية وما كشفت عنه الأبحاث الأثرية الحديثة.
العمل الثاني قام به المتحدث أمامكم عام 1988م واستغرق إنجازه شهرين متتاليين. أنجز خلاله مسحا شاملا لموقع البنه المسجل لدى هيئة التراث بالرقم 207/30. كما تمت معاينة عدد من المواقع المنتشرة في أرجاء المحافظة.
تلا ذلك عمل قامت به بعثة سعودية-فرنسية مشتركة شمل مواقع عدة منها اليمامة حيث جرت تنقيبات ومسح للموقع. كما نفذت حفريات في أم العشاش على طريق الخرج-الحائر. وجرت تنقيبات ودراسة لمدافن ركامية على مرتفعات تحد المحافظة من جهة الشمال.
النسخة المترجمة من نتائج البعثة الفرنسية-السعودية المشتركة في محافظة الخرج.
وفي الختام نقول: تتمثل المواقع المكتشفة في الخرج بما يأتي:
1- الدوائر الحجرية.
2- التلال الركامية: وهي عبارة عن تلال مركومة بتربة مفككة، وتمثل مدافن ركامية.
3- التلال الركامية الحجرية وهي عبارة عن قبور مبنية بالحجارة وفق نظام هندسي موحد.
4- المنشآت المذيلة وهي عبارة عن رأس مثلث في الأغلب وفي أحيان يكون الرأس دائريا وهو مقر دفن الميت. يتصل به ذيل مكون من الحجارة التي تختلف في أطوالها وأحجامها من منشأة إلى أخرى.
5- قنوات الري: توجد ثلاثة مواقع ضخمة فيها قنوات ري. يوجد الموقع الأضخم بينها في موقع عين فرزان في الجزء الشمالي من الخرج. الموقع عبارة عن خطي قناة يلتقيان في نقطة تجمع ثم يمتد منها خط واحد يسير باتجاه الشرق حتى يصب في مزارع السلمية. بعد ذلك يتفرع في سواقي تسقي مزارع مختلفة ونخيل كثيرة ومتنوعة.
6- المنشآت المدببة: تتكون هذه المنشآت من ذيل طويل ورفيع السمك يكون خطا واحدا من الحجارة. هذا الخط يختلف في طوله من منشأة إلى أخرى. هناك من يعتقد أن في نهاية كل واحدة قبرا، وهناك من يعتقد أنها مصائد لحيوانات ترد على الماء.
اكتشفت هذه الظاهرة الأثرية في عدة مواقع، منها موقع يقع بالقرب من عيون أبرق فرزان. وموقع آخر يحمل الرقم 20/207 ذكره فريق مسح تابع لهيئة الآثار السعودية واقترح أنها مقبرة استنادا إلى تصميم بنائها.
موقع المدافن الركامية
المدفن الركامي يتكون من قبر يحتوي في حالات قليلة على عدد من الدفنات، وفي أحيان على دفنة واحدة. المدفن الركامي عبارة عن مدفن مبني بالحجار يمثل بناء محكما. لذا، وصفه بركامي غير صحيح، لأنه لا يستند إلى دليل أو تعليل واضح. بالنسبة إلى محافظة الخرج، اكتشف فيها ثلاثة مواقع تشتمل على أعداد كبيرة من المقابر الركامية.
بدءا بالجنوب يوجد حقل مقابر ضخم يشرف على عيون خفس دغرة من الشرق. أحصي بواسط طائرة الدرون ما فيه من مدافن بأكثر من ثلاثة آلاف مدفن ركامي ضخم.
وبعد مسافة اتجاه الشمال، نقف على حقل مقابر يشرف من الشرق على عيون الضلع الثلاث. يمتد الموقع من الجنوب نحو الشمال لبضعة كيلومترات، وقد قدر ما يحتويه بثلاثة آلاف وخمسمائة مدفن.
أورد هاري سنت جون فيلبي ذكرا للموقع بوصف مختصر له نتيجة لوقوفه عليه ميدانيا عام 1918م.
في عام 1978 قام فريق أثري تابع لإدارة الآثار «هيئة التراث حاليا» بتسجيل الموقع بالرقم «207/31». زرت الموقع عدة مرات، ثم قمت بعمل ميداني لموسمين متتالين الأول بمفردي شمل العمل مسحا وتنقيبات جرت في الموقع ممولة من قبل دارة الملك عبدالعزيز. الثاني كنت ضمن أعضاء الفريق الأثري السعودي-الفرنسي المشترك. أثبتت التنقيبات أن الموقع عبارة عن مقابر مشيدة بحجارة بعضها ضخم الحجم وثقيل الوزن. نتج عن العمل الممول من دارة الملك عبدالعزيز عدة مقالات وكتاب في ستمائة وثماني وستين صفحة.
سبق أن زار الموقع دي جوري عام 1945م وقدر ما فيه من المدافن الركامية بألف وخمسمائة مدفن «1500». ووفقا لأعمال البعثة السعودية-الفرنسية المشتركة، قدر ما فيه من خلال المسح الجوي بأكثر من 3000 مدفن.
مواقع قنوات الري:
لكي يستفيد الإنسان القديم والحديث من الأرض المناسبة للزراعة، عليه أحيانا أن يجلب لها الماء من أماكن بعيدة. هذا اقتضي أن يكون لديه معرفة بهندسة الميول وضرورة توفر تيار هواء ليدفع الماء من الأرض المرتفعة قليلا إلى الأرض المنخفضة التي تكون مناسبة للزراعة. بسبب هذه الحاجة، اخترع الإنسان القنوات لنقل المياه. بعض القنوات تكون بسيطة وسطحية. أما البعض الآخر فيكون عميقا ويحتاج إلى ميول وتيار هواء ليدفع الماء. استطاع الإنسان أن يتغلب على ذلك بميول يحققه من خلال اختيار الأرض التي تحقق المطلوب ويحفر فيها مجرى القناة بميول أدركه هو ونحن نجهله. ولكي يحقق تيار هواء يدفع الماء حفر مهابط على مسافات مختلفة تهبط إلى مجرى القناة وتدفع الماء، واستخدمت أيضا لتنظيف القناة..
توجد في الجزء الشمالي الغربي لمحافظة الخرج عند عيني فرزان قنوات في موقع عين يربط بين عينين إحداهما شمالية والأخرى جنوبية ثم يلتقيان في مجرى واحد من عمل الإنسان ثم يتوجه نحو الشرق ليفرغ ماءه في مزارع السلمية. يرتوي منه المارة أيضا عبر رفع الماء بواسطة السواني من خلال المهابط المنتظمة على خط القناة. هندسة حققها إنسان محافظة الخرج قبل ميلاد المسيح عليه السلام بقرون لا نعلم عدها. لا شك أنه إنجاز رائع وفر الماء للإنسان والحيوان والنبات.
يوجد أيضا موقع استخدمت فيه القنوات بالقرب من هضبة القصيعة في وسط الخرج. عند جذع هضبة القصيعة، يوجد ثلاث عيون جفت قبل الوقت الحاضر بعقد من الزمن. بقيت آثار القنوات التي حلت محلها سواقي عميقة شقت بآليات حديثة أحدها يتجه نحو الغرب، لكنها اليوم مهجورة.
بالنسبة للمادة الأثرية المنقولة وجد في المواقع الأثرية التي تم اكتشافها في محافظة الخرج التالي:
1- مصنوعات حجرية عبارة عن رؤوس سهام وأنصال ومدقات.
2- مجموعات من الأواني وكسر الأواني الفخارية.
3- كسر من أوانٍ زجاجية.
4- كسر أوانٍ مصنوعة من الحجر الصابوني.
5- كسر من أواني البورسلين.
6- كسر من عظام الإنسان.
أما المادة الأثرية الثابتة فقد جرى الحديث عنها فيما سلف من سطور وصفحات.