اللغة بوابة الثقافة ولسانها الفصيح الذي يحفظ ويسرد تفاصيل إرثها التاريخي ويبرز حاضرها ويصوغ تطلعها.
واللغة العربية لسان لإرث ثقافي ممتد وراسخ في خارطة الثقافة الإنسانية. وهو ما تدركه المملكة العربية السعودية وتعكسه من خلال دورها التاريخي الممتد في خدمة اللغة العربية النابع من مكانتها الدينية والسياسية والاقتصادية وثقلها العالمي، حيث لم يكن هذا الدور مجرد قدر وإنما أساسًا وتأسيسًا، فاللغة العربية حاضرة في النظام الأساسي في الحكم السعودي في مادته الأولى التي نصت على أن «المملكة العربية السعودية، دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. ولغتها هي اللغة العربية، وعاصمتها مدينة الرياض».
وقد جاءت اللغة العربية هدفًا استراتيجيًا من أهداف رؤية السعودية 2030 ضمن جهود برنامج القدرات البشرية الذي يسعى ضمن مساراته إلى نشر اللغة العربية والعناية والاعتزاز بها، حيث توجت المملكة جهودها في خدمة اللغة العربية بإنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الذي يأتي في أول أهدافه: المحافظة على سلامة اللغة العربية ودعمها نطقًا وكتابة، والنظر في فصاحتها وأصولها وأساليبها وأقيستها ومفرداتها، وضوابطها وقواعدها، وتيسير تعلمها وتعليمها داخل المملكة وخارجها؛ لتواكب المتغيرات في جميع مجالات اللغة العربية، وضمن مهامه: تأسيس مراكز داخل المملكة وخارجها لتعليم اللغة العربية.
من هذه المنطلقات جاء مركز أبجد باكورة مراكز مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، التي يسعى المجمع من خلالها إلى توفير تعليم نموذجي يمكن غير الناطقين باللغة العربية من تعلمها واكتساب ثقافتها، حيث يقدم المركز برنامجه في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بأسلوب يدمج ما بين تعلم العربية وثقافتها في بيئتها الأصلية. ويهدف إلى:
- توفيرِ تعليمٍ نموذجيٍّ لغيرِ الناطقين باللغةِ العربيةِ وَفقًا لأفضلِ المعاييرِ العالميةِ في تدريسِ اللغات.
- نشرِ اللغةِ العربيةِ والثقافةِ السعوديةِ عالميًّا؛ بتقديمِ الأنشطةِ الإثرائيةِ، والبرامجِ المعزِّزةِ للتعلّم.
- استقطابِ المتميِّزينَ الراغبينَ في تعلّمِ العربيةِ لغةً ثانيةً من جميعِ أنحاءِ العالم.
- توفيرِ بيئةٍ لغويةٍ ثقافيةٍ جاذبةٍ، تساعدُ المتعلم على الاندماجِ في المجتمعِ السعودي، والتعرف على ثقافته عن قرب.
ويسعى المركز إلى أن تكون برامجه وأدواته مرتبطة بالبيئة الطبيعية لاستخدامات العربية بدءًا من المستوى اللغوي المقدم والمحتوى والأنشطة، في محاولة للمقاربة ولتقديم نموذج تعليمي مختلف يراعي التحديات التي مرت بها تجارب تعليم العربية للناطقين بغيرها النابعة من طبيعة اللغة العربية وامتداد رقعة متحدثيها وتفاوت مستويات اللغة المستخدمة.
وقد فتح المركز أبوابه لأولى دفعاته التي ضمّت قرابة 150 متعلمًا ومتعلمة من أكثر من 33 جنسية حول العالم، ويستعد لاستقبال الدفعات اللاحقة من المتعلمين الذين يتم ترشيحهم من آلاف طلبات الالتحاق لمتقدمين ومتقدمات من حول العالم يسعون إلى الالتحاق بالمركز لخوض تجربة ثقافية تعليمية مختلفة مع اللغة العربية وثقافتها ومجتمعها.
** **
د.علي المضواح - مدير إدارة المراكز والبرامج بمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية