تعد اللغة العربية من أعرق اللغات في العالم، والذي زاد هذه العراقة شرفًا وسموًا نزول القرآن الكريم بها.
وبحسب الإحصاءات العالمية المدونة في كتاب (حقائق العالم) الصادر عن الاستخبارات الأمريكية تبلغ نسبة عدد متحدثي اللغة العربية في العالم 6.6%، وهي واحدة من أقدم لغات العالم.
وتجلَّت عالميتها في فترات متعددة، إذ كانت الفترة الأولى منذ أربعين قرنا عندما هاجرت أقوام عربية كالأكاديين، والآشوريين، والبابليين، والفينيقيين من موطنها الأول؛ لظروف مختلفة على رأسها قساوة المناخ؛ لتنتقل إلى مواطن أخرى، ومن ثم تنقل معها لغتها(1).
أما الفترة الثانية فهي إبان الفتح الإسلامي في العهد الأموي، وانتشار العرب في بقاع من الأرض لم يكن لهم بها عهد من أجناس ولغات وأديان، وحضارات متعددة، وكان ذلك حريًّا بأن يلتهم هذه اللغة التي خرجت من نطاق ضيق، وإطار محصور في الجزيرة العربية، وأن يقضي عليها، ويستبدل بها غيرها من لغات الأمم الأخرى التي اتصلت بها، وعاشت معها، وكانت أعرق منها في مجال العلم والثقافة والحضارة، ولكن اللغة العربية ازدادت اتساعا في ميادين المعرفة، وانتشارا في أرجاء العالم المعروف آنذاك لعدة أسباب يجيء على رأسها العامل الديني.
والفترة الثالثة كانت في العصر العباسي بعد أن بلغ الإنتاج العلمي أوجهه تأليفا وترجمة، فكان لزاما على أي شخص يريد الانتساب إلى خانة العلماء أن يتعلم العربية.
وإذا كان قرار تعريب الدواوين في عهد الخليفة عبدالملك بن مروان، وقرار فتح أبواب الترجمة العلمية على مصراعيها في عهد الخليفة المأمون قد تجاوزا باللغة العربية إطارها الديني إلى الإطار السياسي والحضاري، فتعريب الدواوين جعل التعامل في كل الإدارات الحكومية في أرجاء الامبراطورية الإسلامية يُجرى باللغة العربية، فتولدت عن ذلك كله حركة مزدوجة للغة ولأبنائها معا، وأصبحت اللغة العربية لغة عالمية بالمعنى الحقيقي، وأصبح أبناء الوسيط من غير العرب والمسلمين يُكملون زينتهم العلمية والحضارية بتعلم العربية والتكلم بها(2).
ظلت العربية هي اللغة الأولى في العالم من قبلُ في مجالات التجارة والعلوم والدبلوماسية نحوًا من ألف سنة حتى أخذت مكانها اللغة الإنجليزية في عالمنا المعاصر، ويجد المتتبع أن للعربية تأثيرا في ثمان لغات عالمية هي الإسبانية والإيطالية والفرنسية والإنجليزية والألمانية والتركية والفارسية والأندونيسية(3).
وقد أثبت العرب قوتهم إبان حرب تشرين التحريرية عام 1973م، ففرضوا وجودهم على الساحة الدولية، ومن ثم فرضوا لغتهم، فأصدرت الهيئة العامة للأمم المتحدة في دورتها العشرين قرارا يقضي باعتماد اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية المقررة في الأمم المتحدة.
كما أصدر المجلس التنفيذي للمنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عام 2010م قرارا ينص على أن يكون الثامن عشر من كانون الأول من كل عام يوما عالميا للاحتفال باللغة العربية، وهو اليوم الذي دخلت فيه اللغة العربية إلى الأمم المتحدة.
**__**__**__**__**__**
(1)- عبداللطيف الوهابي، خبيرات (مجلة الكترونية مغربية)، السبت 19-12-2015م.
(2)- الدكتور أحمد درويش، هل لدينا خطوات حقيقية للتفعيل الحضاري للغتنا، عمان، الثلاثاء5-1ت2016م
(3)- مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، العربية في اللغات العالمية، الرياض 2015م.
** **
- محمد عثمان الخنين
aooa14301@