التراث الشعبي يُعرف بكل ما ورثه الشعب من تقاليد وعادات وفنون ومعرفة ومقتنيات تتصل بحقبة زمنية معينة وغيرها، فالتراث يميز شعباً عن شعب آخر وعلامة فارقة عن غيره، لذلك نجد خلال السنوات الماضية هناك من يهتم بالتراث والحرف اليدوية والمقتنيات القديمة، وتكون نفسه مشدودة للماضي يحاول الاحتفاظ بكل ما هو عتيق، متعلق بالماضي يستدعي الذكريات من خلالها، وهنا يأتي السؤال.
هل المحافظة على التراث ترف لا يتوافر إلا لفئة معينة؟ أم حنين للماضي لفئة وجدت من خلال الماضي مشاعر وحكايات في متاحف الذكريات؟، وهذا ما جاء به الشاعر السعودي عدنان العوامي وهو يقف على أطلال مدينته القطيف ويستدعي شريط الذكريات حيث يقول:
سلاماً .. سلاماً منازل خولة
سلام الخليل تذكر خلَّه
تذكَّر مدرج أحبابه
ضفافاً ومشتلَ ضوءٍ ونخله
وملهى صبا سوسنيَّ الأديمِ
تطوف المواسمَ بالعشق حوله
نجد الشاعر من خلال هذه الأبيات يصف قلعته العتيقة وأزقتها الضيقة ومعمارها ونقوشها القديمة ومساجدها الطينية، ليشعرنا بالارتباط بجذور عريقة تحيي الذكريات وبمستقبل أكثر إشراقًا، ولا يخفى علينا جهود دولتنا المملكة العربية السعودية في إحياء التراث، حيث اهتمت رؤية المملكة 2030 بالحفاظ على الأماكن التراثية، وتسخير كل طاقاتها وتفاعل الجهات الأخرى معها باهتمام كبير بالموروث الثقافي سواء كانت أماكن أم عادات سعودية أصيلة. ومواكبة لذلك أطلقت وزارة الثقافة هذا العام 2025م، عام الحرف اليدوية لتجسّد الأصالة الموروثة من الآباء والأجداد، وتعبّر عن التراث الثقافي الذي تصنعه وتنسجه وتغزله وتنقشه أيدي الحرفيين، لإبراز عناصر الثقافة والموروث السعودي محليًا وعالميًا.
في النهاية يمكن القول إن المحافظة على التراث الشعبي هو ركيزة أساسية للحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز الشعور بالانتماء والفخر بالوطن، وتمكن الأجيال في الوقت الحالي والمستقبل من الاستمتاع والاستفادة منه، وأخيرًا من ليس له ماضٍ فلا حاضر له.
** **
د. فهد عدنان الشمري - دكتوراه بالأدب والنقد والبلاغة