بعد منتصف الليل وأنا في غرفتي أعانق وحدتي ..
أشعر أن غرفتي الصغيرة بدأت وكأنها غابة أفريقية موحشة
أشعلت المصابيح كلها ..
وقمت بتشغيل أغنية قصة الأمس للست «أم كلثوم «
يَسْهَرُ المِصباحُ والأقداحُ والذكرى معي
وعيونُ الليل يَخبو نورُها فى أَدمُعي
يا لذِكراك التي عاشتْ بيها روحي على الوهمِ سنينا
ذهبتْ من خاطري الا صدى يعتداني حين فحينا
سكبت القهوة السوداء في فنجان السراميك الأبيض الذي رسم عليه شمس مشرقة وقلب نُقش عليه حرفان
من حروف الهجاء ليس بينهما نقاط ولا فواصل!!!
أخذت قارورة عطري وعطرت نفسي!!
لكن منشار الغناء والنور والقهوة والعطر لم يستطيع أن يقطع أشجار غابة الوحدة ولا صمتها ودُجاها!!
جلست على الكرسي الوثير ورغم فخامة الصوف ورقته أشعر أن الضجر يمزقه ويمزقني!!
ومآبين ضجيج صمتي وصمت غابة غرفتي .. وصمت الليل صوت!!
بدأ جوالي بالرنين ..
من يهاتفني بعد منتصف الليل؟!
من تذكرني وحن على قلبي وأنا في غابة الليل الموحشة!!
أخذت الجوال ويدي ترتعش لا خوفًا لا حزنًا لا فرحًا لا أي شيء!!!
أهاااا إنه صديقي يوسف!! هتف بصوت مبتهج هلا بك أحمد ..ألم تنم بعد...؟
قلت له السهد صديقي وأكثر منك صداقة دائمًا يمضي ساعات الليل الطويل معي!!
قال يوسف.. عدت للتو من «مقهى جديد أنيق بكل شيء موسيقى هادئة وأواني القهوة والشاي أنيقة
عيون السقف يلمع بريقها على المقاعد وأرضية المكان
وضحكاتنا غطت على الموسيقى ليتك كنت معنا!!
ذهبت الى «الكفي» بسيارتي الجديدة وقد لفتت انتباه الكثير لونها ورقم لوحتها المميز...!!!
وظل يتكلم وأنا كنت أسمع له ولكن ماكنت أصغي!!!
يبدو أن ترمومتر الإحساس لديه لم يكن دقيقًا فقد تخثر زئبق الإحساس لديه
وأخيرًا انتبه صديقي إلى زفير ضجري!
قال أحمد وحدتك كوكب بلا أكسجين والسعادة تتنفس الأكسجين!!!
مشاعرك في مجمر التضحية تحترق كأعواد البخور لكنها تؤذي قلبك دون سواك!!
قلت له يوسف دامت بهجتك
لا أحب التنظير الذي لا يُطفى جمرة الحنين والحرمان ولا يجبر كسر خاطري ويضمد جراح قلبي!
قال يوسف يا فليسوف عن أذنك النعاس أثقل أجفاني، أريد أن أنام حتى أستيقظ في الصباح مبكرًا لا أذهب بسيارتي للمغسلة وألمع الإطارات لأني معزوم غدًا مع «الشلة «بمطعم سمك!!!
وأحب أقول لك صديقي أحمد قبل أن أنهي مكالمتي «أضحك للدنيا تضحك لك»
وتأكد أن كؤوس الدموع لا تروي ظمأك. ولن تعيد لك حبا بعد فراق.. تصبح على خير!!
أقفل السماعة بيده وطنين ضحكاته!!!
ارتميت على سرير الضجر حزينًا تعتريني الكآبة
أُفكر في دنياي كم هي موجعة!!
تذكرت آخر عبارة سمعتها من صديقي «اضحك للدنيا تضحك لك»
فنهضت من السرير ووقفت أمام المرآة وأخذت أضحك بصوت عال كممثل مبتدئي..!!!
ثم فاضت عيناي بالدموع
وانطفأت شمعة الضحكة في وجنة المرآة وتطاير زجاج الدمع في عيني
فجرح اجفاني وكسر المرآة
قطرة الوداع
أنا أتألم وأنت تتألمين هذا كثير!!
** **
عبدالعزيز حمد الجطيلي - عنيزة
ayamcan@hotmail.com ** ** twitter: @aljetaily