حاوره - ريان أبوالعلا:
تحط رحالنا في هذا العدد في مدينة الباحة، لنستضيف أحد الرموز الثقافية فيها، وهو الدكتور: علي الرباعي، الأديب والإعلامي، الذي استطاع أن يجمع بين الصنعتين (الأدب والإعلام)، الرجل الذي اختلطت حروفه بأرض الباحة وأهلها الطيبين.. يعود بنا الرباعي في هذا الحوار إلى سيرته المتنوعة، وعوالمه الفكرية، إلى جانب أحاديث عن الأدب والنقد والثقافة.. فإلى نص الحوار..
* ماذا تمثل لكم مدينة الباحة ؟
الباحة هي المحضن الوطني، الذي يسكننا مثلما نسكنه، ويشتاقنا ضعف ما نشتاقه؛ مسقط الرأس تتقاسم فيه طفولتك وشبابك ويفاعتك مع أمك وأبيك؛ إخوتك وأخواتك، جيرانك ، زملائك ؛ أساتذتك، بل وحتى أرضك، مزرعتك ؛ أغنامك، والجبال، والأودية، وغدير الماء، وصوت الجداجد في الليل، نسميه ( ساري الليل ) و منظر النجوم التي نتخيلها ثماراً في شجرة ونتنافس لقطفها ونحن مستلقين على ظهورنا، وكل طفل يردد ؛ هذي لي، وربما كانت النجوم العالية ترمقنا بشفقة و تتبسم من شقاوتنا.
* بين الثقافة و الصحافة فاصل رفيع ما هي أبرز سماته ؟
إن لم يكن الصحفي مثقفاً يضيع، و ربما يغدو مادةً ساخرة، يتناقلها الأدباء؛ أذكر أن أحد الرفاق؛ كان يظن الشاعر الراحل ( أمل دنقل ) امرأة بسبب الاسم، وآخر لا يدري ؛ أن وفائي ليلا ؛ شاعر سوري، هذا على مستوى الشكل، أما المضمون فحدث ولا حرج عمن يرددون أسماء كتاب؛ لم يقرأو لهم ولو مقالة أو نصاً، والذي لا يدخل الصحافة من باب الثقافة، ربما يكون أكثر رشاقة، لكونه متخففاً من حمولات اليمين، وانفعالات اليسار.
* خلال مسيرتكم الثقافية تناولتم العديد من القضايا الثقافية ، حدثنا عن أبرز هذه القضايا التي علقت في ذاكرتكم ؟
يا زميلي ريّان ؛ طالما( حادي العيس) سارياً لا تسأله عن تفاصيل الرحلة، وما علق بالذاكرة، حتى يحط رحله، ويوقد ناره، ويعد قهوته المهيّلة بالقرنفل والنانخة، وساعتها تعال وتسمع سواليف مضحكة مبكية.
* كتبتم الشعر و كان لديوانكم ( لا يلتفت منكم أحد ردود فعل متباين ) فما هو سبب ذلك من وجهة نظركم ؟
المولود الأول يشكك القارئ في نسبه، بحكم المرجعيات التي كانت تحكم وتتحكم في الوعي، كنت في الثمانينات والتسعينات مغرماً بخطابية مظفّر النواب، وأحمد مطر، وبعد نشر المجموعة الأولى، 2006 زهدت في الشعر، وكرهت الكتاب، فهو دخيل لا أصيل، وتفريغ شحنات مترجّل من المنبر، فأنا من الذين وقفوا ضده، كون الشعر لا يحتمل الشعارات و لا الأدلجة، هو ما يعبّر عن وجهك الحقيقي، وأنقى وأصدق ما فيك .
* تناولتم صراع التيارات في المملكة هل ما زالت هذه التيارات موجودة ؟
التيارات كانت تتصارع، لعلها اليوم تتدافع، تحت مظلة مصفوفات قانونية تتيح لكل جهة أن تعبّر عن نفسها دون تجاوزات ولا مصادرة ولا ترجيح كفة على حساب أخرى.
* ما هو تقييمكم للمنجز الثقافي الذي قدمه علي الرباعي ؟
ليس هناك كاتباً ولا إعلاميا يقدّم منجزاً بمفرده، المنجز الذي نفاخر ونراهن عليه هو هذا الوطن السعودي، ونتباهى بما أنجزته حكومتنا الرشيدة، فهي التي علّمتنا وأتاحت لنا مساحة التعبير عن ذواتنا، فالمنجزات أكبر من كل كتابة هنا أو هناك، المنجز عمل، و الحروف والأفكار سيل في وادي؛ ناس تشرب وتروي، وناس تعكّر وتدغثر.
* إلى من تطربون من الشعراء ؟
لكل من طبع في داخلي بصمة، وترك أثراً.
* هل أثرت مواقع التواصل الاجتماعي على الصحافة الثقافية ؟
أرى تأثيرها إيجابي باختصارها للوقت، وتحجيم المسافات؛ بين الإعلام الثقافي والنخب الثقافية.
* بماذا يصف الرباعي نفسه؟
أنا الذي ما نظر الأعمى إلى أدبي ولا أسمعت كلماتي من به صمم.
* حدثنا عن أبرز الآراء التي كنت متمسكاً بها ثم انقلبت عليها ؟
هي انقلبت عليّ ولم أنقلب عليها، لأني ثقيل، وهي خفيفة ولدنة ؛ كل ما في الأمر ؛ أن الانسان مثل مصب الأنهار والأودية، كلما تعددت الينابيع صفا واتسع وغدا مستساغاً للطهي والشاي والسباحة. والله خلق كل دابة من ماء.