تسهم الرقمنة في تنامي الأدب وتعاظم دوره من عدة نواحٍ؛ أبسطها سهولة القيام بذلك حين تنشر أخبار صدور الكتب والمجلات الأدبية، ومن ثَمَّ تداول ذلك وإعادة مشاركته ومشاهدته وقراءته آلاف وملايين المرات، لكن ما هو أهم من ذلك أن تستخدم الأدوات الرقمية وسائط رئيسة لنشر الأدب بدلًا من الوسائط الورقية.
وينتشر الكتاب الرقمي حاليًّا في العالم بمعدلات عالية، حيث تشكل العوائد السنوية له 14.61 بليون دولار بنهاية عام 2024م، حسب https://www.statista.com/، ويتوقع أن تصل إلى 15.33 بليون دولار عام 2027م.
ومع سهولة عملية إنتاج الكتاب الرقمي فإن بعض الكتّاب ارتأى أن يستغني به عن العملية الطويلة والمعقدة والمكلفة لطباعة الكتاب الورقي، فبمجرد إخراج الكتاب وغلافه يمكن نشره في المنصات الشهيرة لكي يصل إلى المتلقي في أصقاع العالم خلال ثوان معدودة بأقل التكاليف. وفي حال كان دراسة أو مقالًا يمكن للكاتب أن ينشره من خلال إحدى المنصات الرقمية الكثيرة المستعدة لنشر المواد الأدبية، أو عبر مدونة الكاتب نفسه حيث يمكن قراءته دون مقابل.
لكن هناك من الكتّاب من لا يستسيغ أسلوب طباعة الكتاب رقميًّا والاكتفاء بذلك وحده، ولا يشعر حين يفعل ذلك بأنه قد أنتج كتابًا بالفعل، وربما يرجع ذلك إلى ضعف الثقة باستدامة الكتاب أو ضعف أو انعدام الشعور بالملكية، وهو الشعور المتوفر في الكتاب الورقي، الذي يعد أكثر الأمور بقاءً في العالم، أكثر حتى من النقود.
لكن هذا لا يقلل البتّة من قوة الكتاب الرقمي الذي ينتشر في جميع أصقاع العالم، وفي أماكن لا يتوقعها المؤلف، حين يصل إلى كل مكان تتوفر فيه الإنترنت.
وتتيح الرقمنة للكاتب أن يتواصل بسرعة مع قرائه لكي يكتشف من خلال ذلك ما يعجبهم وما لا يعجبهم، مصححًا ما قد يكون وقع فيه من أخطاء، مع تطوير أدائه، وربما تجاوب مع توجهات القراء بأسرع وقت، وهي أمور كانت صعبة أو بطيئة جدًّا بالنسبة للنشر الورقي.
وربما حلت الرقمنة مشكلة نقص الموارد المالية لدى بعضهم حين مكنتهم من نشر كتبهم بعيدًا عن بعض محاولات الإقصاء والتهميش التي كان يعاني منها المبتدئون في مشوار الكتابة سابقًا. وفي المقابل فقد مكنت الرقمنة القارئ العادي من مطالعة وقراءة الأدب بأقل الأسعار، أو حتى مجانًا، وهو ما لا يستسيغه القراء من الجيل القديم الذي لا يزال يمجد ويعلي من قيمة ملمس الورق وشكله ورائحته.
** **
- يوسف أحمد الحسن
@yousefalhasan