الأميرالشاعر الراحل بدر بن عبدالمحسن آل سعود -رحمه الله- أَفْجَعَ خبرُ وفاته أبناءَ الوطن السعودي والعالم العربي المحبين لدماثة خلقه وتواضعه، ولعبقريته في الشعر، ولكونه أحد أبرز روَّاد الحداثة الشعرية في الجزيرة العربية.
لقد لُقّبَ -رحمه الله- بمهندس الكلمة على أن هذا اللقب لا يكفي للتعريف به والتنويه بمكانته، وخير لقب له أن يُسمَّى صائغ المعاني المذهلة، فهو صاحب الدلائل والمعاني، وفارس الشعر، وأيقونة القوافي الذي سيبقى خالدًا في الذاكرة شاعرًا وإنسانًا راقيًا وأنيقًا ومتواضعًا.
لقد كان من المجددين للشعر الحديث، بدأ من جمعية الثقافة والفنون رئيسًا لمجلس إدارتها عمل من خلالها حراكًا ثقافيًا للجمعيات، وامتاز شعره بقوة البيان، وروعة الموسيقى الشعرية، وسعة الأفق، والتعمق في الوصف والتفنن في تصوير المعاني العاطفية، ويسطع في بعض قصائده نور الوطنية، ويتأجج لهيبها، وهو أغزر الشعراء مادة وأوسعهم إنتاجًا من هذه الناحية، ولقد ظل يستلهم روح الوطنية طول حياته، وبلغ الشعر الوطني ذروته على لسانه رحمه الله.
إن رحيل البدر هيج مشاعر شعراء العصر الحاضر فها هو جاسم الصحيح يصف الأمير الراحل بـ «قمر ابتسامته يضيء في سماوات القلوب»، وقال: «سيبقى قمرُ ابتسامتك يضيء في سماوات القلوب أيها «البدر» الذي لا يغيب، وسيبقى صوتكَ ملءَ مسامع العصور، وتبقى قصيدتك هويَّةً وطنية تتقلدها الأجيال المتعاقبة». كما رثاه العديد من الشعراء، وكتبه عنه العديد من المثقفين فرحيله خيّم الحزن على مواقع التواصل الاجتماعي كافة، ونشروا مقتطفات من شعره العذب («ذبلت أنوار الشوارع.. وانطفى ضيّ الحروف» «في ليلة كانت الفرقا»، «وترحل»، «ما نشدت الشمس عن حزن الغياب .. علمتنا الشمس نرضى بالرحيل».
وها هو سمو الأمير عبدالرحمن بن مساعد يرثيه بقصيدة مؤثرة، فيقول فيها:
الشعرُ دُكَّ وزُلزلِتْ أركانُهُ
والبدرُ غاب فماتت الأقمارُ
قد أسدل الليلُ الكئيبُ ظلامَهُ
وتسارعت للحودِها الأشعارُ
يا بدرُ ماهذا ؟عهدتُك بلسمًا
يشفي الجروحَ فتسْكنُ الآثارُ
إن البدر -رحمه الله- لم يكن شاعرًا مثل عشرات الشعراء المبدعين؛ بل نقطة تحول أسهمت في نجومية مضمار الشعر العربي بشكل عام، والسعودي بشكل خاص.
أيها البدر ستفتقد الأمسيات الشعرية عذوبة شعرك، والوطن وجدان حضورك كنت استثنائيًا في حياتك وبعد مماتك نسأل أن يسكنك في أعالي الجنان، ويغفر لك.
** **
- د.علي بن سليمان الدريهم