تستلزم دراسة متون السير الشعبية والملاحم، الوقوف عند مجموعة من القضايا النظرية والمنهجية، أبرزها:
1. صراع الأجناس والأنواع وتداخلها، وتتمثل أهم ملامحها في مسألة «تحديد الجنس الأدبي». حيث يتبدى قلق واضح في استخدام عدد من مفاهيم التجنيس المتراوحة بين السيري والملحمي: السيرة الشعبية؛ الملحمة؛ السيرة الملحمية؛ التراث الملحمي؛ الشعر الملحمي؛ الأدب الملحمي؛ الحكاية التعظيمية.. إلخ.
2. صراع المناهج في مقاربات السيرة الشعبية، خاصة المسألة المتعلقة بالاختلاف النوعي بين مناهج دراسة السير والملاحم. وتركز هذه الدراسة على معاينة، ونقد اتجاهين رئيسين حكما دراسة السيرة الشعبية. صمم الأول، لتحليل نصوص الأنواع الأدبية التي تأسست على الكتابة، ويقيس السيرة الشعبية، المدونة والمطبوعة، عليها. وغالبًا ما ينظر إلى الروايات الشفهية بوصفها تحريفات مخلة بالنص الأصلي. أما الثاني، فيطبق أدوات المناهج الاجتماعية لدراسة الأدب على السيرة الشعبية بوصفها ذات صلة وثقى بالتاريخ وبالواقع الاجتماعي والثقافي، وغالبًا ما ينظر إلى الروايات الشفهية بوصفها دليلاً على هذه الصلة، وليس بوصفها نوعًا أدبيًّا ذا تجليات جمالية.
1. في تجنيس السيرة الشعبية
ثمة فيض من الإسهامات المهمة في مجال دراسة أنواع المأثورات الشعبية الأدبية عمومًا، سواءً قارب بعض هذه الإسهامات موضوعَ الجنس الأدبي بصورة مباشرة، أو ركز بعضها الآخر على تحديد الخصائص الفنية؛ السمات الأدبية؛ القيم الجمالية والاجتماعية، لأجناس الأدب الشعبي وأنواعه وتنويعاته، دون الانشغال بذكر مصطلح «الجنس» أو «النوع». حيث يصبح الجنس والنوع لونًا أدبيًا، أو شكلاً أدبيًّا، أو شكلاً تعبيريًّا.. إلخ. نشير، على سبيل المثال، إلى دراسة ألفت الروبي في موضوع الأنواع القصصية في التراث الشفهي العربي، وموقف التراث النقدي منها، والتي عكفت فيها على الكشف عن موقف النقاد القدامى من القص والأشكال القصصية الشفهية والمكتوبة، وكذلك علي الأركان الأساسية لعملية الأداء (الراوي، المادة القصصية، المتلقي (1).
تمثل قضية تجنيس السيرة الشعبية واحدة من القضايا التي حاول بعض الدراسات معالجتها، حيث يدافع أحمد شمس الدين الحجاجي عن السيرة الشعبية بوصفها نوعًا أدبيًّا «من أنواع الأدب العربي الذي أُهمل، أو أُغفل؛ ذلك لأنه لم يندرج ضمن الأنواع الأدبية المعروفة، وقد اشترك في هذا الإهمال كثير من الباحثين، عربًا كانوا أم غير عرب. وقد أدى ذلك إلى التهاون في جمع نصوصها، فضاعت النصوص التي كانت تُروي في الأربعينيات عن عنترة، وسيف بن ذي يزن، والمهلهل، بوفاة رواتها. كما ضاع كثير من النصوص المختلفة لسيرة بني هلال لوفاة رواتها(2).
كما ينفى الحجاجي أن تكون السيرة رواية، حيث إن السيرة فن نبت وتطور وارتقى قبل أن تظهر الرواية وغيرها من الأنواع الأدبية، فإضافة لفظ رواية لعمل له قوانينه الخاصة التي استقرت، يُعَدُ إضافة بعيدة عن الموصوف؛ فالرواية فن لم يستقر بعد، ولا يمكن تطبيق قواعد فن لم يكتمل على فن اكتمل منذ أمد بعيد(3).
على الرغم من أوجه الاتفاق بين الرواية والسيرة، فإن السيرة الشعبية ليست رواية بالمعنى الاصطلاحي للرواية. كما أن أوجه الاتفاق بين السيرة الشعبية والأنواع الملحمية لا يجعل من السيرة ملحمة في نهاية المطاف. فضلاً عن أن تقاطع السيرة مع التاريخ الوقائعي، لا يجعل منه نصًّا تاريخيًّا على الإطلاق. ولعلنا نذكر في هذا المقام اهتمام عدد من دراسات السيرة الشعبية بالمدخل التاريخي، بدءًا من دراسة عبد الحميد يونس (1910- 1988) «الهلالية في التاريخ والأدب الشعبي»، التي طبعت بالقاهرة عام 1956، وهي في الأصل بحثه الجامعي للحصول على الدكتوراه عام 1950، بعد مرور أربع سنوات على تقدمه بموضوع «سيرة الظاهر بيبرس».
ونرى أن الدافع الرئيس وراء ذلك -وفي هذه المرحلة تحديدًا- يتمثل في تأصيل السيرة الشعبية، من أجل العمل على ترسيخها والاعتراف بها في المجال الثقافي والأكاديمي. فصار المدخل التاريخي جزءًا رئيسًا من دراسات السيرة الشعبية بعد ذلك(4)، خاصة الدراسات التي أنجزت في البلدان المغاربية (ليبيا وتونس والجزائر). حيث تتصل السيرة الشعبية، خاصة سيرة بني هلال، بالجانب التاريخي لمجتمعاتها.
ويمثل عبدالرحمن بن خلدون رائد هذا الاتجاه، ويعد كتابه «العبر» أكثر المصادر أهمية في رصد «هجرة بني هلال وبني سليم» والأحداث المرتبطة بها. كما يعد وثيقة شاهدة على معاصريه من الجماعات الاجتماعية العربية في البادية والحضر. ولم تحظَ القبائل العربية بذلك القدر من الاهتمام التفصيلي الميداني الذي أبداه ابن خلدون في مقدمته وتاريخه حيال قبيلتي هلال وسليم ومن جاورهما في الشمال الأفريقي، بوصفهما نتاج رحلة بدوية مشرقية نحو «المغرب الكبير»، حيث تستقر البداوة المغاربية (الأمازيغية).
لقد جمع ابن خلدون عددًا من الروايات التي وردت على ألسنة الهلاليين المعاصرين له في شمال أفريقيا، دون أن يصنفها في باب «التاريخ المعتبر». لكن ما نقله ابن خلدون من سرديات الهلاليين، لا يزال يمثل -إلى اللحظة- مصدرًا سرديًّا لروايات شعراء السيرة ورواتها في مصر وليبيا وتونس والجزائر. يشير ابن خلدون إلى أن الهلاليين «يزعمون أن الشريف ابن هاشم كان صاحب الحجاز، ويسمونه شكر بن أبي الفتوح، وأنه أصهر إلى الحسن بن سرحان في أخته الجازية، فأنكحه إياها، وولدت منه ولدًا اسمه محمد، وأنه حدث بينهم وبين الشريف مغاضبة وفتنة، وأجمعوا الرحلة عن نجد إلى أفريقية، وتحيَّلوا عليه في استرجاع هذه الجازية، فطلبته في زيارة أبويها، فآزرها إياهم.. فارتحلوا به وبها، وكتموا رحلتها عنه. وفي سياق آخر، يقول: «وشكر هذا هو الذي يزعم بنو هلال بن عامر أنه تزوج الجازية بنت سرحان من الأمراء، وهو خبر مشهور بينهم في أقاصيصهم، وحكايات يتناقلونها ويطرزونها بأشعار من جنس لغتهم، ويسمونه الشريف بن هاشم».
وقد تحدث ابن خلدون عن بني هلال في شمال أفريقيا ضمن نظريته في العمران البشري، لكن لم يذكر ما في مصر، ويرى بعض المؤرخين أنها لم تقم بالتخريب، لكنها ساعدت الحكم الفاطمي في عمليات الإطاحة بنظم الحكم في ولايات شمال أفريقيا.
وجوهر السيرة الهلالية (انطلاقًا من تصورات عبدالرحمن أيوب) يكمن في المفارقات التي تنتجها العلاقة بين نمط الحياة المدنية ونمط الحياة البدوية، والصراع القائم بين قيم ورؤى كل منهما، بوصفهما رموزًا لرؤى اقتصادية واجتماعية وسياسية. وانطلاقًا من نظرية العمران ذاتها، نجد أن محور السيرة يرتكز على الصراع بين النظام والتشكيلة الشعبية التي لا تعدو تلك القبائل إلا أن تكون رمزًا لها، وبقي ذلك جوهر السيرة الهلالية، وعنصرها الرئيس الذي تطوف حوله عناصر أخرى ثانوية، تتباين في كل مرة، لتشكل محتوى شكل فني ذي طوابع محلية متسقة مع ظرف كل منطقة اتصلت بعالم السيرة الهلالية، بوصفه خطابات سردية شعبية منتجة للخيال التاريخي(5).
إن درس السيرة الهلالية، وفق مسلك المقارنة السردية بين الرواية المصرية والمغاربية؛ الليبية والتونسية والجزائرية والموريتانية، من شأنه أن يسهم بنتائج مهمة على صعيد تنوع الصياغات السردية، والمنطق السردي ومساراته، وقيم الشخصيات وأدوارها(6).
2. السيرة الشعبية وتأصيل منهج المقاربة
ثمة جهود تطبيقية استعانت بأدوات ومناهج نقدية حديثة في دراسة السيرة الشعبية(على سبيل المثال: محمد رجب النجار؛ صلاح الراوي؛ أحمد شمس الدين الحجاجي؛ عبدالحميد بورايو؛ سعيد يقطين؛ عبدالله إبراهيم؛ طلال حرب؛ محمد حسن عبدالحافظ). وتستند هذه المحاولات إلى العكوف على فحص نصوص التراث والمأثور الأدبي الشعبي العربي المدون والشفهي من جانب، والتعاطي الجاد مع الإسهامات النقدية المعاصرة من جانب مواز. وأتصور أن جُلَّ هذه الإسهامات أدى إلى الإفادة من المناهج النقدية الحديثة في الإعلاء من شأن الأدب الشعبي في حقول النقد الأدبي، وإلى تجاوز الدراسات الوصفية والتاريخية، والوقوف على الأطر الفنية والاجتماعية والثقافية التي تحكم هذا التراث الأدبي العربي، واستقراء سماته التي تحكمه وتشكل «المعمار الفني» للسيرة الشعبية. لنضرب مثلاً بمقاربات السيرة الهلالية، بوصفها خطابًا سرديًّا نجد تجلياته في المجالين الشفهي والكتابي على السواء. اتجهت معظم الدراسات التي تناولت السيرة الهلالية إلى الاهتمام بالموضوع القصصي فيها، أو في أجزاء منها. وقد أثارت هذه الدراسـات في عمومها المشكلات التاريخية والجغرافية حول انتشارها، كما نبهت الأذهان إلى الدلالات الأدبية والاجتماعية التي تنتج عن دراسة موضوعاتها. وأكثر هذه الدراسات ظل يتعامل مع السيرة الهلالية وأجزائها بوصفها «نصًّا». ومن هنا، ظلت أسيرة الأبحاث «الكتابية» بمداخلها المتعددة. ولعل ما يدعم هذا الاتجاه أن للسيرة الهلالية نصوصًا مطبوعة طبعات عدة في المشرق العربي ومغربه، فضلاً عن اكتشاف أكثر من مخطوط لأجزاء منها. وبالرغم من انتباه بعض هذه الدراسات إلى أن السيرة الهلالية لاتزال تروى «رواية شفوية» وتُردَّد بين الناس، فإنه مما يثير الدهشة أن هذا الانتباه لم يغيِّر من منطلقات البحث واتجاهاته، أو من المشكلات الناجمة عن النظرة «الكتابية» للسيرة، ولم يزد الأمر، في كثير من الأحوال، عن مجرد الإشارة إلى شفهية رواية السيرة، وإلى أنها لاتزال تردَّد وتُروى شفاهةً، وإلى أن هناك «تنويعات» في موضوعاتها القصصية، ولايزال مطروحًا بين هذه الدراسات مسائل من قبيل البحث عن «الأصل» أو «النسخة الأم» التي خرجت منها هذه التنويعات، أو «تحقيق» نص من النصوص مع تنقيحه وتصويبه لتخليصه من «شوائبه» سعيًا نحو خلق «النص الأمثل» أو الأكمل. لهذا، يبقى النص الغائب لنص السيرة الهلالية قائما. كما أن انصوص الفرعية للسيرة الهلالية تظل كذلك غائبة. خاصة فيما يتعلق بتغريبة بني هلال. فما العلاقة بين السيرة الهلالية والتغريبة الهلالية، ما هي النصوص الغائبة لتغريبة بني هلال التي امتدت عبر جغرافيات كثيرة؟ شكلت هذه الأسئلة الجوهرية وغيرها المحور الأساسي الذي قام عليه كتاب ‹›تغريبة بني هلال فوضى النص أم نص الفوضى›› للباحث الصديق بودوارة المغربي، الصادر في طبعته الأولى عن دار الجابر للطباعة والنشر، بليبيا، 2023نوفمبر، في 154 صفحة من القطع المتوسط.
1. بين السير الهلالية وتغريبة بني هلال
لعل من بين أهم القضايا التي تناولها كتاب الباحث الصديق بودوارة المغربي، التمييز بين السيرة الهلالية وتغريبة بني هلال. لأن السيرة بمثابة الكل الذي يتميز بتجليات عدة(تاريخية، بطولية، طقوس وعادات،... الخ). أما التغريبة فهي الجزء، أو فصل من فصول السيرة. يحكمها البعد الجغرافي باعتبارها المرحلة الأخيرة التي بدأت في نجد لتنتهي في تونس. يقول الباحث الصديق بودوارة: ‹›في هذا الكتاب سنضع حداً فاصلاً بين حدثين، كلا منهما يختبئ في جوف الآخر، الأمر الذي سبب لبساً كثيراً عند البعض، إذ أن «تغريب ة بني هلال» ليست هي «سيرة بني هلال»، فالأولى هي الجزء، بينما الثانية هي الكل الذي منه تفرع الجزء››(7).
إن السيرة حسب الباحث هي ملحمة يسرح فيها الخيال ويمرح، وأنها أكبر من التغريبة. يقول: ‹›إن السيرة عملاق ضخم بالنسبة إلى التغريبة، فهي حكاية تضطجع على امتداد جغرافي هائل يرحل بأصحابها من نجد إلى بلاد الرافدين ثم يعبر بهم البحر إلى «قبرص» عائداً بهم بعد ذلك إلى صعيد مصر، ثم مجتازاً بهم المحروسة إلى ليبيا ومنها إلى تونس، ثم متوغلاً بهم بعد ذلك إلى الجزائر والمغرب بعد اكتمال النصر وبلوغ المرام››(8).
أما التغريبة، فيعتبرها الباحث جزءا. يقول: ‹›أما «التغريبة» فهي لا تتجاوز المرحلة الأخيرة من السيرة، وهي المرحلة التي تنطلق من نجد إلى تونس، حيث تتعدد في روايتها الألسن ، وتتنوع اللهجات، وربما تختلف أيضاً مصائر القليل من أبطالها بين موت هنا وحيا ة هناك، وقد تتباين التفاصيل لكن بدن الرواية لا يتمادى في ذلك كما جرت العادة››(9).
2. إعادة بناء التغريبة شعرا(النص الغائب)
بعد أن ميز الباحث بين السيرة والتغريبة، أشار إلى أنه سيعمل على رواية تغريبة بني هلال شعرا كما سمعها من الأب الراحل (ابريك سليمان المبروك بودوارة المغربي) باعتباره نصا غائبا، يقوم الباحث باسترجاعه. يقول: ‹›سأرويها شعراً، وسأتتبع كل حدث، وسوف أتقصى صحة الحدث تاريخياً، أو مدى إيغاله في غياهب جب الخيال الذي لا قرار له. وسوف اقتصر في رواية بدن الملحمة على الشعر باللهجة الليبية، ولكن ربما سأقارن حدثاً بحدث فاستعين بنص من الشعر باللهجة الخليجية أو المصرية أو خلافهما››(10). قبل الانتقال إلى بناء هذا النص الغائب.
أ. بنو هلال والتاريخ المنسي
أورد الباحث العديد من المعطيات التاريخية لبني هلال وعلاقاتهم مع السلطات القائمة وباقي القبائل الأخرى. حيث حدد بني هلال والأسباب الكامنة وراء تغريبتهم. ليقف عند رأي ابن خلدون الذي يرى أنه›› لا يُجامل ولا يُهادن، ولا يتردد في وصفهم بما يصدمُ من النعوت، واصفاً إياهم بأنهم كانوا في الأصل مجرد قطاع طرق ولصوص مفازات وصعاليك سلب ونهب لم يسلم من أذاهم حتى حجاج بيت الله كانت بطون بني هلا ل وسليم من مضر، لم يزالوا بادين منذ الدولة العباسية، وكانوا أحياءً ناجعة بمجالاتهم من قفر الحجاز بنجد، فبنو سليم مما يلي المدينة، وبنو هلال في جبل غزوان عند الطائف، وربما كانوا يطوفون في رحلة الصيف والشتاء أطراف العراق والشام، فيغيرون على الضواحي ويفسدون السابلة، ويقطعون على الرفاق، وربما أغار بنو سليم على الحجاج أيام الموسم بمكة، وأيام الزيارة بالمدينة، ومازالت ا لبعوث تُجهز، والكتائب تُكتب من باب الخلافة ببغداد للإيقاع بهم وصون الحجاج عن معرات هجومهم، ثم تحيز «بنو سليم» والكثير من ربيعة بن عامر» إلى «القرامطة» عند ظهورهم، وصاروا جنداً له بالبحرين وعمان››(11).
ب. النص الغائب للتغريبة الهلالية
قدم الباحث الصديق بودوارة المغرب نص التغريبة الغائب من خلال صيغة شعرية. بدأ النص بعنوان(البداية ‹›ميلاد البطل››)(ص: 27). تناول من خلالها شخصية الخضرة الشريفة في علاقاتها بباقي الشخصيات الأخرى. وفي الوقت نفسه يؤكد الباحث على أنه غالبا ما يعثر›› على متناقضات عبر مطالعة أبيات الشعر. ومادام الشعر هو الناطق الرسمي باسم التغريبة، فإن إدمانه هذا التناقض يجعله موغلاً في هذه الفوضى النصية كلما تمادت الملحمة في أحداثها، فلكل حدث زوايا مختلفة للرؤية››(12).
بعد حديثة عن شخصية الخضرة الشريفة، تناول الباحث ابطال التغريبة من خلال مقدمات التغريبة(ص: 52)، ثم ملحمة ما قبل السفر(ص: 63). حيث ‹›تكاد هذه المرحلة تتحول إلى كيان مستقل بذاته، وهو كيان شاعري أخاذ، يرتفع فيه مستوى الإحساس والتذوق الفني المفعمة به أبيات الشعر المصاحبة››(13). تتميز هذه المرحلة(حسب الباحث) بتركيز الرواة على المساجلات الشعرية بين بطلين من أبطال التغريبة، وهما أبوزيد وشقيقته «شيحة»، مع هامش محدود لحسن الهلالي والد الفتيان الثلاثة الذي وقع عليهم اختيار خالهم لمرافقته في رحلة التيه هذه. وتحت عنوان›› علامات استفهام ضرورية››(ص:71)، تناول الباحث بودوارة الأسس الثلاثة التي تحكمت في التغريبة (النسب، السبب، الرومانسية). لينتقل العمود الفقري لغريبة بني هلال(ص: 103)، انقل إلى تفحص بنية هذه الملحمة للتمعن في تركيبة المداميك الأساسية التي لا غنى للتغريبة عنها، لأنها بمثابة العمود الفقري. حيث ركز على نساء التغريبة.
**__**__**__**__**__**
الإحالات:
(1) ألفت كمال الروبي، الموقف من القص في تراثنا النقدي، مركز البحوث العربية، القاهرة، 1991.
(2) أحمد شمس الدين الحجاجي، مولد البطل في السيرة الشعبية، دار الهلال، القاهرة، 1996، ص:5.
(3) أحمد شمس الدين الحجاجي، مولد البطل في السيرة الشعبية(المرجع السابق)، ص:17.
(4) إبراهيم إسحق إبراهيم، السيرة الهلالية بين التاريخ والأسطوري: محاولة في التخيل المقارن، مجلة: المأثورات الشعبية (الدوحة)، س5، ع20، 1990، ص:37.
(5) عبدالرحمن بن خلدون، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر، المجلد4، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1967، ص:57.
(6) محمد المرزوقي، على هامش السيرة الهلالية؛ دراسات ونماذج، سراس للنشر، تونس، 2002، ص:49.
(7) الصديق بودوارة المغربي، تغريبة بني هلال، فوضى النص أم نص الفوضى؟ ط1، دار الجابر، ليبيا، 2023، ص:1.
(8) الصديق بودوارة المغربي، تغريبة بني هلال، فوضى النص أم نص الفوضى؟، ص:13.
(9) المرجع نفسه، ص:13، 14.
(10) نفسه، ص: 18.
(11) نفسه، ص: 22.
(12)نفسه، ص: 37.
(13) نفسه، ص: 63.
** **
- سعيد بوعيطة (المغرب)