لا تُذكر المملكة العربيّة السّعوديّة وأنشطتها الحيويّة المتنوّعة في شتّى مناحي الحياة، إلّا ويُشار بالبنان إلى مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربيّة الذي استطاع في فترة وجيزة -وللّه الحمد والمنّة- أن يُحقّق كثيرًا من المشاريع اللغويّة والفعاليّات المتميّزة التي تُمكّنُ للّسان العربيّ وتُرَسخّه وتُقوّيه.
ما إن أشرقت شمس مجمع الملك سلمان في ربوع المملكة، حتّى أقبل إليه القاصي والدّاني من مُحبّي لغة الضّاد وعشّاقها من داخل الجزيرة العربيّة ومن خارجها. وما ذاك إلّا لتميّزه في المشاريع العلميّة التي بادر إلى إنجازها والفعاليّات التّعليميّة التي حرص على تنفيذها.
لمجمع الملك سلمان داخل المملكة أنشطة لغويّة متميّزة يحسن ذِكر بعضٍ منها مثل: اختبار كفايات اللغة العربيّة، وقناة اللغة العربيّة الموجّهة للأطفال، والدّورات التدريبيّة التي يُقيمها لمعلمي ومعلمات اللّغة العربيّة في المراحل التعّليمية المختلفة.
كما استقطب كثيراً من نظر الإعجاب والمباركة حين اجتهد أبناؤه والمتعاونون معهم في إنجاز معجم الرّياض اللغويّ الإلكتروني الذي اغتدى علامة دالّة على المجمع لكلّ من اشرأبّت نفسه أن يبحث عن معنى كلمة في الشابكة العنكبوتية.
من ناحية أخرى، يجد المُتَتِبّعُ لأعمال المجمع ونشراته الإخباريّة ذلك الجهد المبارك المبذولَ في إصدارات المجمع المتنوّعة المتعلّقة بعلوم اللّسان العربي مثل: كتاب إضاءات في الترجمة الشفويّة، واللّغة الأم: مفاهيم وقضايا، والأعداد المتوالية من مجلتي التخطيط والسياسة اللغويّة، واللسانيات العربيّة، وغير ذلك كثير.
من ناحية أخرى، يُعرَفُ المجمع، وذلك من صميم أهداف إنشائه، بأنشطته الخارجيّة التي لا تكاد تتوقف، ويُباركها كلّ أهل الثّقافة وهواة العربية، حيث نَراهُ في كل فترة في توقيع مذكّرات تعاون وتفاهم كتلك التي وقّعها مع أندونيسيا وجمهورية أذربيجان وألمانيا، وغيرها من الدول، والتي يسعى من خلالها إلى خدمة تعليم اللّغة العربيّة فيها بإقامة الدّورات التدريبيّة، وفتح قنوات رسمّية لتذليل الصّعوبات والمعوّقات التي من شأنها أن تصرف النّاس عن حُبّ العربيّة وتعلمها...
كما استطاع مجمع الملك سلمان أن يحوز شراكات استراتيجيّة مع عدد من المنظّمات الدوليّة منها منظمة الألكسو ومنظمة الأيسسكو وغيرهما.
إن المتتبع للشّأن اللّغويّ داخل المملكة وخارجها لا يسعه وهو يُطالع أخبار اللغة العربيّة وشؤونها إلاّ أن يذكر بلسان الحمد ما يرعاه المجمع من أعمال جليلة في خدمة اللغة العربيّة على المستويين الدّاخلي والخارجي، ولا يسعه إلاّ أن يقف بإعجاب وإكبار للمستوى المتقدّم الذي حققه قسم الحوسبة والتكنولوجيا في ربوع المجمع.
وإنّ ما رأيناه أثناء زيارتنا للمجمع من خلال مؤتمر اللغة العربيّة والتجارب الناجحة الذي احتضنته، ليُسَتبشرُ بخير، ويَسُرُّ الخاطر، ويُبهِجُ المثَقّف، ويفتح الآفاق أمام مُحّبي لغة الضّاد من علماء الحاسوب والمهندسين لبذل مزيد من الجهود لتتربّع اللّغة العربيّة على عرش الحوسبة والأتمتة، مستفيدة من كلّ ما يجود به الذّكاء الاصطناعي في خدمة اللّغة العربيّة وتطوير تعليمها والتمكين لها.
نبارك للقائمين على مجمع الملك سلمان العامر بالخير، ونُثمنّ جهود أخينا الأستاذ الجليل الدكتور عبداللّه الوشمي الذي لا يَكَلُّ ولا يَمَلّ في بذل قصارى ما يملك من وقت وجهد لنصرة العربيّة وحسن التمكين لها، وكذا نُثمّن جهود فريق العمل الذي يساعده ويُؤازره، وبتضافر الجهود وتآزر الهمم، تُفتح الأبواب وتتحّقق الغايات.
** **
أ.د. محمد صافي المستغانمي - الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة