مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، مجمع حديث النشأة لكنه سريع الخطو بعيد الشأو عظيم البأو، حقيق بأن يوصف بأنه اللاحق السابق.
إنه فارس معلم يمتطي صهوة جواد مضمر مسخر لسباق الفروسية في ميادين خدمة اللغة العربية.
من خلال عناوين مكتنزة موحية مثل «فلك» و»سوار» و»خبير» و»المستشار» و»أبجد» و»همزة» و»حرف» و»الانغماس» و»برمجان»، وغيرها من العناوين، وبجسور شراكة ممتدة شرقاً وغرباً، وبمعجم الرياض الرقمي، وبجنات ألفاف من المبادرات، يكدح هذا الفارس كدحاً ويضبح جواده المضمر ضبحاً ليدرك طرائده ويقيد أوابده، لتتحول أهدافه السبعة إلى مغانم كثيرة حاضرة ترفد الحاضر والبادي من سدنة اللسان العربي وعشاقه وخاطبي وده والمستظلين بظله في مشارق الأرض ومغاربها.
لقد أنجز المجمع في سبيل تحقيق أهدافه السبعة، وفي محاور عمله الأربعة، في بضع سنين، ما عز إنجازه في قرون. وها هو ذا اليوم، وقد نبت نباتاً حسناً في بلاد الحرمين، يؤكد شيئاً فشيئاً عالميته التي هي تجل من تجليات عالمية الرسالة الخاتمة، وعالمية اللسان الذي اختاره اللـه لمخاطبة الثقلين، وهو يزجي إليهم في عليائه خاتمة رسالاته.
ولقد أصاب المجمع، وهو يمتح من معين عراقة لا ينضب، في سبحه في آفاق التقانة الحديثة ليطوع ملكوتها للغة الخالدة، وليخوض بجد وحزم وعزم وسداد رهان حوسبة الضاد، ذلك الرهان الذي ستثبت به لغة القرآن أنها لغة لكل زمان ولكل مكان في قابل الأيام، تماماً كما كانت لغة العلم والعالم قروناً عدداً أيام ائتلاق نجم الحضارة العربية الإسلامية.
وإن مجلس اللسان العربي في موريتانيا ليعتز ويبأى بما كان له من شراكة مع مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في عدد من مناشطه السابقة، وهي شراكة تعد بالمزيد في المراحل اللاحقة؛ رفقة درب على طريق لا يعدم وعورة، لكنه مع ذلك طريق لاحب، مهدته أقدام سالكيه على مدى القرون، وترك فيه الأولون للآخرين ما تركوا مما يجدر بنا جميعا، يداً في يد مع مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، أن نأخذ فيه كتابنا بقوة، لنثبت أن اللسان العربي المبين لسان متجذر حي متجدد دائم العطاء قادر على الإفصاح والبيان، وأن بإمكان فرسانه اليوم أن يقولوا صادقين مصدقين:
نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل (فوق) ما فعلوا.
** **
أ.د. الخليل النحوي - رئيس مجلس اللسان العربي في موريتانيا