لقد قلت لصديقي الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الأستاذ الدكتور عبدالله الوشمي أثناء زيارتي للمجمع؛ وما راءٍ كمن سمع: وإذا كان مجمع اللغة العربية في دمشق يعد أب المجامع العلمية اللغوية على الصعيد العربي بعد أن مر قرن كامل وخمس سنوات على إنشائه وكانت إنجازاته عبر مسيرته متسمة بالتنوع في مجالات اللغة وميادينها فإن مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية على الرغم من حداثته صمّم وعزم وأنجز أعمالاً مقدرة ومعتبرة، وذلك بعد أن حدد رسالته في تعزيز اللغة العربية والحرص على سلامتها وبيان دورها في مسيرة الحضارة البشرية والعمل على نشرها على مختلف الصعد عربياً وعالمياً، وكانت ثمَّة محاور أساسية يعمل المجمع في ضوء رسالته على تنفيذها لمصلحة اللغة؛ تمثلت في السياسات اللغوية والعملية التعليمية التعلّمية والحوسبة اللغوية والوعي اللغوي انتماءً وثقافةً، وكان الاهتمام موجّهاً إلى إنجاز هذه المحاور كافة، فما من محور منها إلا ونال العناية الجديرة به، فكان للحوسبة اللغوية مكانة بارزة في مشروعاته، وللذكاء الصناعي (الاصطناعي) دور واضح وجليّ فيه، أما العملية التعليمية التعلّمية فقد حظيت بالاهتمام في مشروعات المجمع، ولم يكن هذا الاهتمام مقتصراً على توفير حقوق أبناء اللغة صغاراً وكباراً، وإنما امتد إلى ضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة من الصم، إلى جانب حقوق الطفل، وامتدّ أيضاً إلى تعليم العربية لغير أبنائها، فقد احتلَّ هذا التعليم حيزاً كبيراً في هذا المجال، فثمة (مركز أبجد) معني بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، ووضع اختبار لقياس كفايات اللغة العربية في اكتساب مهاراتها، وتخصيص قناة عنوانها (العربية للعالم) للصغار والكبار لتعليم العربية لغير أبنائها، وهذا كله إلى جانب تدريب معلمي اللغة العربية وتأهيلهم للقيام بدورهم في هذا الميدان، بكل كفاية واقتدار، ولقي دعم اللغة العربية في المنظمات الدولية اهتماماً في مشروعات المجمع أيضاً، ومن الجوانب اللغوية التي يُعنى بها المجمع تخصيص منصات لنشر المعاجم، فهنالك منصة فلك للمدونات اللغوية، ومنصة سوار للمعاجم الرقمية، والتفت المجمع أيضاً في مشروعاته إلى تخصيص جوائز باسمه؛ للذين يجلّون في خدمة اللغة العربية من الأفراد إلى جانب المؤسسات والهيئات العاملة في خدمتها، وذلك في ميادين المحاور التي تنطوي عليها أعمال المجمع، وكان لمسابقات الأطفال فمجال تحدي الإلقاء للنصوص الشعرية دور في الكشف عن المواهب والعمل على تنميتها، ولقد أحسن المجمع صنعاً في إعداد الأطر البشرية الكفيّة والقادرة على أداء مهامِها، إن في الجانب التقني أو الجانب التعليمي أو إجراء البحوث، والإسهام في وضع المعاجم، ومن البحوث العلمية الجادة التي يعنى بها المجمع تعرّف الواقع الحالي للغة العربية، والوقوف على التحديات التي تواجهها، والمشكلات التي تعترض مسيرتها، توخياً لوضع الحلول الرامية إلى تجاوز الصعوبات والتغلب على المعوقات، بغية تعزيز مكانتها على الصعيدين العربي والعالمي.
وفقنا الله جميعاً إلى ما فيه خدمة أمتنا العربية الإسلامية ولغتها العربية الجامعة المُوحِدة والمُوَحدة، وسدد خطانا كافةً إلى ما فيه الخير والفلاح، والألق والنجاح.
و الله الموفق ..
** **
أ.د. محمود أحمد السيد - رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق