يشهد ميدان تعليم اللغة الثانية/الأجنبية إقبالًا ملحوظًا على تعلّم اللغة العربيَّة في مختلف دول العالم، فقد ازداد-على سبيل المثال- عدد الملتحقين ببرامج تعليم اللغة العربيَّة بمعدل عشرة أضعاف في الجامعات الأمريكية خلال العقدين الماضيين، واستخدم أكثر من مليون شخص تطبيق «دولينجو» خلال شهر واحد فقط من إضافة اللغة العربيَّة، وارتفع عدد المدراس الثانويّة التي تدرّس اللغة العربيَّة في غانا إلى الضعف ما بين الأعوام من 2007 م وحتى 2016م، كما ارتفع عدد الساعات المخصصة لتدريس اللغة العربيَّة في جامعة لوفين في بلجيكا ارتفاعًا كبيرًا منذ 1998م، وحتى 2014م، وأصبحت اللغة العربيَّة حاليًا تدرّس في (33) جامعة في الهند، و (56) جامعة في الصين، وأكثر من (200) جامعة في إندونيسيا، فضلًا عن ازدياد أعداد المهاجرين العرب في الدول الغربية، واهتمامهم بتعليم أبنائهم اللغة العربيَّة.
ونتيجة للعوامل السابقة فقد ظهرت الحاجة إلى بناء اختبار عالميّ موحّد يقيس كفايات اللغة العربيَّة للناطقين بغيرها، على غرار الاختبارات في اللغة الإنجليزية، مثل: اختبار الايلتس والتوفل؛ وذلك تلبية لحاجات المتعلمين وأغراضهم الشخصية أو متطلبات الجهات، كالتأكّد من ملاءمة مستوى المتعلّم في اللغة العربيَّة للالتحاق بالبرامج التعليمية، أو لتلبية احتياجات سوق العمل، التي تشترط إتقان الموظّف لمهارات اللغة العربيَّة.
ومن منطلق تمكين المملكة العربيَّة السعودية من تبوء المراكز الريادية والقيادية عالميًّا في العديد من المجالات، وسعيًا إلى تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 الرامية إلى تعزيز حضور اللغة العربيَّة، ودعم انتشارها واستخدامها؛ أطلق مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربيَّة مؤخرًا اختبار همزة؛ لقياس كفاية اللغة العربيَّة وفقًا لأفضل الممارسات والتجارب العالمية، مع مراعاة خصائص اللغة العربيَّة، وتوحيد الجهود المتفرقة في هذا المجال.
اختبار همزة هو اختبارٌ محوسبٌ مقننٌ، يقيس كفايات اللغة العربيَّة للناطقين بغيرها في استخدم المهارات اللغوية الأربع: (فهم المسموع، واستيعاب المقروء، والكتابة، والتحدث)، وقد بُني على أعلى المعايير وفقًا للإطار الأوروبي المشترك للغات Common European Framework of Reference for Languages (CEFR)، ويقيسُ المستويات من (A2) حتى (C1)، مراعيًا خصائص اللغة العربيَّة؛ حيث بنى مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربيَّة نظام التقويم وأدوات القياس، بدءًا بعَقد فريق من الخبراء والمختصين مقارنات مرجعية ودراسة مسحية للاختبارات اللغوية المعتمدة دوليًّا؛ لبناء المعايير والمؤشرات التي يستند إليها الاختبار اعتمادًا على تحليل مجموعة من الاختبارات العالمية، ثم بناء المعايير والمؤشرات لقياس الكفاية اللغوية لدى المختبرين، والمؤشرات الفرعية لها. كما مرّت مراحل بناء الاختبار بتطبيق اختبار تجريبي على مجموعة كبيرة من متعلمي اللغة العربيَّة الناطقين بغيرها -محليًّا ودوليًا – وفي مناطق عديدة؛ للتيقن من صدق فقرات الاختبار وثباتها.
ويتطلّع المجمع إلى أن يسهم اختبار همزة في تعزيز موقع اللغة العربيَّة ومكانتها العلمية محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا، وتأسيس مقياسٍ عالمي مُعتَمد للكفايات اللغوية لدى متعلميها للناطقين بغيرها، وتوفير مُدخلات قيّمة للجامعات، ومعاهد تعليم اللغة العربيَّة؛ لتحديد مستوى الكفاية اللغوية لدى طلابها من الناطقين بغير اللغة العربيَّة.
** **
أ.د. سعد بن محمد القحطاني - رئيس قطاع البرامج التعليمية