في الثاني والعشرين من فبراير من كل عام، تحتفل المملكة العربية السعودية بـ«يوم التأسيس»، وهو ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1727م على يد الإمام محمد بن سعود، الذي وحد نجدا تحت راية التوحيد، مرسيا قواعد دولة اعتمدت على العدل والشورى وحماية الأرض. يعد هذا اليوم مناسبة وطنية عميقة تجسد الارتباط بين ماضي الأمة المجيد وحاضرها المزدهر، وتذكر بالأصالة التي بنيت عليها رؤية المملكة الطموحة.
الجذور التاريخية ليوم التأسيس
قبل ثلاثة قرون، شهدت الجزيرة العربية تحولا تاريخيا عندما اتخذ الإمام محمد بن سعود من الدرعية عاصمة لدولته الناشئة، معلنا بداية عهد جديد قائم على الوحدة والاستقرار بعد أعوام من التشتت. لم يكن التأسيس مجرد حدث سياسي، بل كان انطلاقة حضارية شملت تطوير النظام الإداري، وتعزيز الأمن، ونشر المعرفة، مما مهد الطريق لقيام دولة حديثة تحت قيادة الملك عبدالعزيز آل سعود لاحقا.
لماذا يحتفى بيوم التأسيس؟
أقر الملك سلمان بن عبدالعزيز في عام 2022م يوم التأسيس كمناسبة رسمية، ليس فقط لتخليد ذكرى التأسيس، بل لتأكيد عدة رسائل:
- الاعتزاز بالجذور: فالدولة السعودية ليست وليدة القرن العشرين، بل امتداد لمشروع وحدوي عمره 300 عام.
- تواصل الأجيال: إذ تربط المناسبة بين إنجازات الأجداد وطموحات الأحفاد في رؤية 2030.
- تعزيز الهوية الوطنية: عبر التعرف على الموروث الثقافي والفكري الذي شكل الشخصية السعودية.
كيف يحتفى بهذا اليوم؟
تغمر الاحتفالات أرجاء المملكة عبر فعاليات تبرز التراث، مثل:
* عروض «الراية السعودية» التاريخية التي تجسد مراحل التأسيس.
* مهرجانات تراثية تحتفي بالحرف التقليدية، والأزياء، والأكلات الشعبية.
* إطلاق مبادرات ثقافية تناقش إرث الدولة السعودية الأولى في التعليم والسياسة.
* تزيين الشوارع والأحياء برموز التأسيس، مع بث أغان وطنية تعبر عن الفخر.
بين يوم التأسيس
واليوم الوطني
يخلط البعض بين يوم التأسيس (22 فبراير) واليوم الوطني (23 سبتمبر)، لكن الفرق جوهري:
* يوم التأسيس: يشير إلى تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1727م.
* اليوم الوطني: يحيي ذكرى توحيد المملكة تحت اسم «السعودية» عام 1932م على يد الملك عبدالعزيز.
التأسيس كرمز للاستمرارية
يوم التأسيس ليس مجرد ذكرى، بل رسالة مفادها أن الأمم العظيمة لا تنسى أصولها. فالمملكة، برغم حداثة بنيتها التحتية، تحمل في داخلها روح ثلاثة قرون من التضحيات، مما يجعل هذا اليوم جسرا بين الماضي التليد والمستقبل الواعد.
** **
- د. فهيد بن سالم آل شامر العجمي