حيث يلتقي التاريخ بالمستقبل في نهضة عمرانية لا تعرف الحدود.. تمتد أمام أعيننا صفحات من الفخر والعزة، في ذكرى يوم التأسيس السعودي، تحكي قصة أمة نهضت على سواعد الرجال الأوفياء، وأحلام قادة نذروا حياتهم للبناء والتوحيد.
منذ أن أطلق الإمام محمد بن سعود، رحمه الله، مرحلة التأسيس عام 1727، والمملكة تسير بخطى ثابتة على درب الرخاء والرفاهية، راسخة في ثوابتها وعلى مبادئها، متطلعة إلى مستقبل مشرق يليق بمكانتها. وحين دارت الأيام، كان الإمام تركي بن عبدالله، رحمه الله، على العهد، يعيد البناء ويحيي روح الوطن، حتى جاء الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، رحمه الله، ليكمل هذه الملحمة، ويوحد الجزيرة العربية تحت راية واحدة، ويفتح فصولًا جديدة من المجد والازدهار.
واليوم، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، تعيش المملكة عصرًا من النهضة الشاملة، تتجلى رؤية طموحة تسابق الزمن، وتجعل من التطوير العمراني شاهدًا حيًا على التحول الكبير الذي تشهده البلاد.
لم تعد المدن مجرد تجمعات سكنية، بل أصبحت تحفًا معمارية تنبض بالحياة، تعانق ناطحات السحاب سماء الرياض، وجدة، والدمام، وتزهو المشاريع الكبرى برؤى تضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة.
وإيمانًا بأن المسكن هو أساس الاستقرار، أطلقت الدولة مشاريع طموحة تجعل امتلاك المنزل حقًا متاحًا للجميع، فبرز برنامج «سكني» ليمنح المواطنين خيارات سكنية تناسب تطلعاتهم، وجاء التمويل المدعوم ليذلل العقبات، ويحقق حلم السكن بسهولة ويسر. لم تقتصر الجهود على الدعم المالي، بل شملت تسهيل الإجراءات، وأُطلقت منصات رقمية تختصر الوقت، وتزيل التعقيدات، فكانت «بلدي» و»إتمام» بوابات حديثة تسرّع عجلة البناء والتطوير، وتجعل المملكة نموذجًا في سرعة الإنجاز وجودة التخطيط.
لكن النهضة العمرانية لم تكن مجرد توسع عمراني، بل ارتقت إلى مستوى الإبداع والاستدامة، تتجسد معايير الجودة في كل مشروع، وتُوظَّف أحدث التقنيات لضمان كفاءة الطاقة وانسجام العمارة مع البيئة. فمن «نيوم» تنبض الحياة برؤية استشرافية للمستقبل، إلى «القدية»، التي تدمج الترفيه بالحياة العصرية، و»مشروع البحر الأحمر»، حيث يلتقي الجمال الطبيعي بالفخامة، و»مدينة الملك سلمان للطاقة»، التي ترسّخ مكانة المملكة كمركز عالمي للطاقة والابتكار.
هذه النهضة ليست وليدة اللحظة، بل امتداد لمسيرة تأسيس قامت على البناء والتطوير، ظل العمران رمزًا لقوة الدولة واستقرارها. فمنذ أن وضع الإمام محمد بن سعود أول حجر، مرورًا بالإمام تركي بن عبدالله، ثم الملك عبدالعزيز، وحتى يومنا هذا، والمملكة لا تزال تسابق الزمن، تتحدى المستحيل، وتكتب اسمها بأحرف من نور بين الأمم. وفي يوم التأسيس، نرفع أكف الضراعة، ونسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، وأن يسدد خطاهما، ويديم على المملكة أمنها وعزها، ويبقي رايتها عالية خفاقة، أبد الدهر، وطنًا يشع بالنور، وقصة مجد تروى للأجيال.
** **
- م. حامد بن حمري