سوى وطني لا غاية أستزيدُها
وفيه هوى روحي ليسمو وجودُها
بلادي لها في موضع العزّ موكبٌ
تواصت به أحفادها وجدودُها
فآليت ألا يعشق القلبُ منزلاً
سواها، ولا تمضي لأخرى وفودُها
تبيتُ بها آمالنا مطمئنةً
وتصحو بها الأحلام -حقًا- ورودُها
هي الأم تسقينا بحُبٍّ وتنتمي
له النفس شريانا ويندى وريدُها
فمن (مكةٍ) نمتاح نورَ محمدٍ
وفي (طيبةٍ) طابت بأُنْسٍ بُرودُها
جلال يهزّ الروحَ فيه سكينةٌ
وشوقٌ يباري الغيمَ فيه صعودُها
إذا (نجدٌ) الغراء بالخير لوّحت
تعالت لها من كلّ شِعبٍ نجودُها
وإن لاح بدر في (الحجاز) تضوّعت
رياحين أطيابٍ تجلى سعودُها
وفي منبع الخيراتِ (شرق) نسيمه
عليلٌ لنا آبارها ووقودُها
ترفرف رايات (الجنوب) بنصرنا
وفي (شمألٍ) يخضرّ حسْنًا نفودُها
أبى المجد إلا أنْ يرى فيك فخره؛
لتبيّض في كف الملمات سودُها
تغنّي بك الأفراحُ في كل محفلٍ
ويطربُ في معنى علاك نشيدُها
وما ناوش الأعداءَ إلا ليقنوا
بأنّك في أعلى البلاد مجيدُها
عشقناك لا شيء يساويك في الهوى
ولا روضةٌ إلا رباك فريدُها
مُنانا تطيبُ الروحُ فيك وتنتهي
إليك المنى شوقًا، وتحلو عهودُها
أرى دوحةَ الرملِ التي قد حضنتها
تسامت إلى الأمجاد، واشتدّ عودُها
وكم تمرةٍ نامتْ فأضحت نخيلها
تباري نجومًا لا يعد عديدُها
لك النشوةُ الكبرى وقد دمت ناصعًا
تخوض بحارًا لا يجفّ مديدُها
مآثر قد سارت وأنت انتضيتها
لتلمعَ في صدرِ المعالي عقودُها
تجنّ بك الآمالُ حتى كأنّها
توخت بك الغاياتِ حين تشيدُها
أمانًا لكلّ الحالمين محبةً
فيرعى طريفَ القادمين تليدُها
ترقيّتَ في تاج الشموخِ مهابةً
لتهدمَ آراءً ويُبنى سديدُها
فيا وطني لو خيّروا النّفسَ موطنًا
سوى أرضك الخضراءِ ما عاد عيدُها
وكم شرفٍ في راحتيك وشيمةٍ
لها راية في المجدِ يسمو جديدُها
إذا النّفسُ تاقت للخلودُ فإنّما
بعينيك يصفو في الحياةِ خلودُها
ملأت قلوبَ العالمين جلالةً
لتأنس فيك النفس عطفًا يزيدُها
ولو نامت الأحلامُ من غير موئلٍ
فحثت إليك الخطو شوقًا حشودُها
لتشهد أنّ النور في خير موطنٍ
(بلادي )، وأنّ العدل فيها رشيدُها
بلادي لها في الحقّ أسمى مكانةٍ
ويكفي من الأعداءِ فيها شهودُها
***
- د. أحمد بن سليمان اللهيب